نداء الوطن: "جنود الفيحاء"... "دكّانة" أمنية جديدة؟
مايز عبيد«جنود الفيحاء» إسمٌ جديد لمجموعة أعلنت عن ظهورها عبر وسائل التواصل الإجتماعي في طرابلس قبل أيام، واحتلّت مساحة واسعة من الحديث والنقاش على الساحة الشمالية والطرابلسية بالأخص.
فمن هي هذه المجموعة؟ وماذا وراءها؟
هي عبارة عن مجموعة صغيرة من ناشطين اشتهر بعضهم في زمن الثورة، يقودهم عبد العزيز طرطوسي ناشط ترشّح للإنتخابات النيابية الأخيرة عن طرابلس العام الماضي ونال 160 صوتاً.
ومع أن عدد المجموعة قليل نسبياً ولا يتجاوز العشرة أشخاص، إلا أن حجم التداول الذي حازت عليه على وسائل التواصل الإجتماعي يفوق بكثير عديدها وإنجازاتها، ولو كان بأكثريته يميل إلى رفض هذه الظاهرة والأسلوب الذي من الممكن أن يأخذ المناطق كلها نحو دكاكين أمنية إذا لم تتم معالجة أسبابها من خلال تعزيز حضور الدولة في كل المناطق وتطبيق الإنماء المتوازن.
ثمة روايات كثيرة رافقت ظهور هذه المجموعة، وتوزع الناس بين مادحٍ وساخر، والبعض اعتبر أنها جزء مما يسمى مجموعة «جنود الرب» في بيروت، لا سيما وأن المجموعتين تحملان بعض الأهداف المشتركة وفي طليعتها مهاجمة المثليين وتجمّعاتهم ونشاطاتهم.
واستحوذت مجموعة «جنود الفيحاء» عقب ظهورها على كمّ من النقد الساخر، ودخل مؤيدو رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على الخط، لا سيما وأنّ «قائدها» عبد العزيز طرطوسي يواظب على مهاجمة ميقاتي وسياساته وانتقاد وزير الداخلية بسام مولوي، ويحمّل ميقاتي مسؤولية الفساد وما وصلت إليه البلاد من أزمات وغلاء وانهيارات، والحالة المأسوية التي وصلت إليها طرابلس بالتحديد من خلال بث فيديوات بتقنية «الفيسبوك لايف» بشكل دائم سواء من أمام المدارس أو دائرة التربية أو ما شابه. ويقول طرطوسي عن مجموعته الصغيرة إنهّا ستحمي طرابلس من الفوضى وستحارب الفساد فيها وستواجه أعمال التخريب المدعومة سياسياً كما ستحارب المثليين وفيلم «باربي» وحالات الشذوذ، كذلك أعلن عن استعداد المجموعة لقبول المساعدات والتمويل لأجل نشاطها المقبل واستعدادها أيضاً لقبول منضمّين جدد إلى صفوفها. وحاول طرطوسي في ظهور له على التواصل الإجتماعي ردّ بعض التّهم التي طالته بعد إعلان المجموعة، ومنها مثلاً تكريمه مسؤولين في «حــــــ زبــــــ الـــــلـــــ ه» في السابق أو انحيازه لسياسيين طرابلسيين على خصومة سياسية مع ميقاتي وتلقّي الأوامر منهم لمهاجمة الأخير ومهاجمة مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.
وبغضّ النظر عن المجموعة وحجمها وأهدافها، وتوقيت ظهورها، إلا أن مراقبين يضعون كل ما يحصل وسيحصل في طرابلس وغيرها في خانة تراجع دور الدولة والمؤسسات وتنحيه وتنحّي أهل السياسة عن القيام بواجباتهم تجاه المواطنين وتجاه مناطقهم، الأمر الذي يفسح في المجال لظهور حركات من هنا أو مجموعات من هناك، من دون أي تنظيم أو رؤية سياسية واجتماعية وتنموية حقيقية وجادة، تخدم طرابلس وباقي المناطق وتخدم اقتصادها المتعثر وتعمل على نهضتها وتطوّرها.