من يملك مفاتيح السلطة في لبنان؟
مرسال الترسمن الواضح لدى المتابعين أنه لا يوجد نظام حكم في العالم مهما تنوّع بين الإمبراطوري أو الملكي أو السلطاني أو الدكتاتوري وصولاً إلى الديمقراطي مروراً بالعسكري إلا وتوجد فيه مفاتيح للسلطة تستأثر بها مجموعة محدودة أو واسعة تعمل على تسيير أمور البلاد وفق أهوائها ومصالحها.
وعليه قبل وصول أي قرار أو مرسوم إلى الرأس الأعلى في السلطة (ملك أو رئيس جمهورية أو حاكم عسكري...) هناك من يدبّج ويؤدلج القرارت وفق ما يراه ملائماً ليقوّع عليه صاحب الشأن... ومن النادر أن تنعكس الآية.
ففي أيام سلاطين بني عثمان كان هناك الباشوات والآغوات والوزير الأول ...وحتى حريم السلطان وبين أيديهم مفاتيح السلطة.
وفي زمن الإتحاد السوفياتي (الذي كان أحد قطبين متحكمين بمصير العالم بأكمله) كان هناك النومانكلاتورا: باللغة الروسية أي "المعينون" الذين كان يعينهم الحزب الشيوعي في مختلف مواقع الدولة فيمسكون بمفاتيح السلطة ويرسمون القرارات وفق ما يرونه مناسباً.
في أميركا (بالأمس واليوم) هناك "الاستبلاشمنت" establishment (التفسير الأقرب: المجموعة المؤثرة) ومضمونها باللغة الإنكليزية:
-the persons who make up a body for the purpose of administering something
وفي التفسير العملي هي قوة غير ملموسة ترسم السياسات وتقدمها لرأس السلطة كي يبني عليها قراراته أو يتبناها بالكامل، وهي مؤلفة بالمجمل من محللين إستراتيجيين على الصعيد العالمي، ويصار إلى إختيار شخصياتها بدقة، ويمنع الدخول اليها أي ديبلوماسي خدم في الدول العربية أكثر من ستة اشهر (الأمر الذي يُظهر سيطرة اللوبي اليهودي) على مفاتيح السلطة في أكبر "ديمقراطية" تحكمت بمصير العالم منفردة عقوداً وعقود.
والآن ماذا عن لبنان؟
قبل الإستقلال تحكمت العائلات الغنية أو الكبيرة (يمكن توصيفها بالعشائرية) بمفاتيح السلطة بشكل شبه مطلق، وحاولت بعده إبقاء الأمور تحت سيطرتها إلى أن وقعت الحرب في العام 1975 وإمتدت لعقد ونصف فدخلت الميليشيات (الخارجة من عموم الناس وفقرهم) على المشهد وعزّزت وجودها بشكل تراكمي إلى حد سحب مفاتيح السلطة من أيدي العائلات.
ولأن الخارج المتنوع الأهواء والمصالح فقد عمل على إفساد السلطة من الداخل حتى بات الجميع متورطاً بدون أن يدري.
وللخروج من الورطة فإن لبنان بحاجة إلى شخص أسطوري لديه فانوس سحري يستطيع قلب المشهد من السلبي إلى الإيجابي بلمسة عابرة وهذا الأمر بالطبع من المستحيلات.
وإما الركون إلى سلطة خارجية قادرة على تسيير أمور الناس بـ "الحذاء العسكري" كما كان يحصل في ظروف معينة.
أما عن إستئصال الفساد بالأسلوب الديمقراطي فذلك يتطلب سلطة قضائية حرة مئة بالمئة وهذا بالتأكيد من رابع المستحيلات "كما تقول العبارة العامية" في بلد كلبنان يعيش حالة تخبط لا سقف لها.