الديار: طرابلس المهملة تنهض بمبادرات فرديّة
دموع الأسمراهملت الطبقة السياسية مدينة طرابلس، وحولتها منذ سنوات من مدينة للسياحة بامتياز، الى مدينة - بريد رسائل أمنية للقوى والتيارات السياسية المتصارعة محليا وخارجيا، ولاهداف ومكاسب لم تعد خافية على أحد.
طرابلس المدينة المميزة تاريخيا، والمشهود لها بانها المدينة الاكثرعراقة في حوض البحر المتوسط، تعيش اليوم حالات حرمان واهمال بلغت حدود الجوع، وهبطت تحت خطر الفقر بكثير، جراء عوامل كثيرة مرت على المدينة، وعلى ايادي سياسيين همهم الاول مكاسب سياسية، وتحقيق اهداف الخارج في نسف اركان الاستقرار والسلام على مستوى الساحة اللبنانية كلها...
طرابلس كانت معروفة بانها مدينة المصانع الكبيرة والصغيرة في كل القطاعات، وحركة اسواقها التجارية كانت تزدحم بزوارها من كل انحاء الشمال ولبنان، وهي المدينة الاثرية الفريدة بقلعتها، وآثارها العائدة لكل الحقبات، ومشهود لها جزرها القريبة من شاطيء الميناء، وهي مدينة الانتاج الغزير حتى سميت أم الفقير...
ماذا بقي من طرابلس القديمة؟ الحروب العبثية تركت بصمات سوداء، وحوّلت المدينة من مدينة للفرح، الى مدينة للاحزان والكآبة، بفعل مسلسل الاحداث الامنية التي حصدت ضحايا وجرحى وخراب ودمار، وصولا الى حوادث السير القاتلة التي سجلت مؤخرا، حيث سجل خلال اسبوع واحد عشر ضحايا على اوتوستراد البالما.
حتى المهرجانات السياحية افتقدتها طرابلس، فمهرجاناتها التي نظمت في المدينة خلال السنوات الماضية كانت من أهم المهرجانات اللبنانية على الاطلاق في باحات معرض رشيد كرامي الدولي، وأحياها كبار الفنانين العرب والاجانب وبتنظيم منقطع النظير، الى أن حلت الكوارث والاحداث وأزمة الكورونا، فغابت المهرجانات عن المدينة، وغاب عن المدينة الفرح ومعاني الحياة المتجددة...
غير انه من اللافت مؤخرا، ان بعض شوارع المدينة تستعيد حيوتها ودورها، لكن بمبادرات فردية من شخصيات وجمعيات طرابلسية غير سياسية، ساءها ما وصلت اليه طرابلس، فانتفضت لتغيير الواقع المؤلم... ومن هذه الجمعيات "جمعية انا وانت للخير" التي ترأسها ياسمين غمراوي، و"جمعية الحفاظ على التراث" التس ترأسها جومانة الشهال. غمراوي قامت بانارة الشوارع بتمويل محلي ومن تبرعات، ثم انتقلت الى احياء الوسطيات والحدائق وبرك المستديرة واعادت تشغيل النوافير فيها بعد غياب اكثر من خمسين عاما...
مبادرات فردية اخذت دور البلدية ومؤسسات الدولة الرسمية، لعجز البلدية ولاهمال المؤسسات الرسمية...
المبادرات المحلية اعادت الحياة الى شوارع الميناء باحتفالات في "مونو"، وصولا الى الاعلان عن مهرجان سياحي كبير تتولاه للمرة الاولى جامعة المدينة، ويشارك فيه نخبة من الفنانين، على أن يعود ريعه لمرضى السرطان والكلى وغيرهم من المرضى المحتاجين، وهي بادرة مميزة تسجل لادارة الجامعة ولراعيها باحياء مهرجان ريعه للمرضى والمحتاجين...
فهل يشكل المهرجان السياحي المزمع اقامته، حافزا للآخرين كي يعملوا للنهوض بمدينتهم وانقاذها من كبوتها؟