لا تخافوا من الحرب الأهلية...لأن القرار لبناني!
مرسال الترسينقسم اللبنانيون عامودياً بين قناعتين الأولى تتخوف من إندلاع حرب أهلية أو طائفية على غرار ما حصل في العام 1975 وقبلها في العام 1958 . وثانية على قناعة تامة بالإطمئنان إلى أن مثل تلك الحرب بعيدة لأن ظروفها غير متوفرة وفق المعطيات الحالية التي ترسخت منذ عقدين من الزمن.
أصحاب النظرية الأولى ينطلقون من تمنيات لديهم بأن مثل هذه الحرب ستعيد الحقوق التي سلبها إتفاق الطائف إلى أصحابها، وبأن الخارج الذي يدعم هذه الفئة أو تلك، مستعد لتقديم كل ما يلزم في حال إتقدت تلك الحرب، متجاهلين أن ذلك الخارج (الذي تُعَد إســـــ رائــــ يل أحد أطرافه المتقدمين وتتبعها العديد من دول الغرب وربما بعض الدول العربية المغلوب على أمرها بأن تكون تابعة) مستعد بشغف أن يؤمن لهم الدعم المالي والإعلامي والسلاح ومستلزماته...، بشرط أن يحدّد لهم من هو العدو الذي يجب مواجهته!
ومتمنياً أن تطول تلك الحرب سنوات وسنوات حتى يخرج جميع الأطراف من هذه الحرب منهكين رافعين رايات الخضوع والخنوع (ولعل ما حصل بعد خمسة عشر سنة من الحرب في لبنان بين الأعوام 1975 – و1990 أكبر مثال على ما ينتظرهم) فيذهبون جميعاً إلى قاعات كتابة الإتفاقات مضرجين بدمائهم رافعين الأصابع العشرة بوجوب الخلاص بأي ثمن وبأية نصوص!
أما عن بداية تلك الحرب فذلك الخارج جاهز لتهيئة مسرح الجريمة بطرفة عين، إما عبر مجزرة أو بإنفجار مدوٍ أو بإغتيال صاعق، وربما بحادث فردي بين مجموعة من الصبية على "لعبة كلّة" كما حصل في مستهل مجازر 1860! فطالما النفوس ضعيفة ومهيأة فكل شيء يهون!
أما اصحاب النظرية الثانية فيملكون ناصية قرارهم، ومطمئنون إلى غدهم، لأنهم يعرفون جيداً ما يحاك في الأقبية الخارجية.
ولذلك بعدما خبزتهم الأحداث وعجنتهم، باتوا يملكون القرار الشجاع بالتصدي لأي محاولات لجر الساحة اللبنانية إلى التناطح من جديد، ولعل فداحة الأحداث التي سُجلت في العقدين الماضيين والتي إستطاعت إستيعاب تداعياتها بأقل الخسائر الممكنة.
مع ضخ الكثير من الصبر والآنات لإمتصاص النتائج إنطلاقاً من قناعة راسخة أن أية حرب داخلية لن يستفيد منها إلاّ الخارج والأعداء.
ولذلك فإن كانت لدى بعض الفئات اللبنانية رغبة في تكرار مشاهد الحرب فهي غير قادرة على جرّ الطرف المواجه إلى تلك القناعة بعكس الظروف التي كانت سائدة في محطات الحروب الماضية.
وإذا كانت هناك مصلحة لأي طرف لبناني في الذهاب إلى تلك الحرب الأهلية، فليتفضل وليفصح عن رغباته المباشرة وليس بالإشارة فقط وبالمزيد من الدسائس .
وإستناداً إلى تلك المعطيات بات العديد من المتابعين والمراقبين على قناعة تامة أنه طالما هناك فريق على الساحة اللبنانية يتخذ قراراته وفق قناعات وطنية لبنانية فلا خوف من حرب أهلية أو طائفية مهما حاول الأعداء و "تجار الشنطة"!