وظيفة الإعلام هي أن يمتِّعَ المشاهد، حتى في ظلِّ النقل المباشر والمستمر للحروب والكوارث، وظيفة الإعلام أن يخلق من تلك المآسي قصّة تتابعها أنت كمشاهد لتعلم ما هي فصولها الأخيرة، وأنت تمزج المستويات العليا من الأدرينالين جراء ارتفاع مستوى المواجهة والخطر الذي يصل اليك مع الشغف بمعرفة المزيد. 
جزءٌ من نجاح قناة الجزيرة الفضائية أنها تعتمد على القصة في تغطيتها.

تخلق الصدمة بخط أحمر عريض يصل الى منتصف الشاشة، ثمّ تعيد صياغتها بطريقة مختلفة.

بعدها تبدأ ببدء النقل المباشر تبث ربع معلومة تؤكدها، ثم تبث الربع الثاني، وتعيد صياغة نصف المعلومة قبل أن تستضيف محللين ومعنيين بالقضية لقراءتها والكلام عنها. 
وربما فشلت قنوات أخرى (قناة العربية ربما) في مجاراة الجزيرة لأن همها الأول هو أن تكرب المشاهد، وتوصل رسالة تخدم أجندتها السياسية (وهذا ليس عيباً)، دون أن يكون إمتاع المشاهد وتشويقه هدفها وغايتها. 
اليوم تتولى قناة mtv وظيفة كرب المواطن اللبناني، وبث أكبر قدر من "النق" و"النكد" على مدار الساعة، تجاهه حتى تدفعه ربما للإنتحار، أو لأن يكره الأرض التي يمشي عليها. 
يقولون إنّ لكل من اسمه نصيب، وقناة المرّ التي كادت أن تتسبب بحرب أهلية منذ أيام على كوع الكحالة تمرمر حياتنا، وتجلعنا نكره الثياب التي نلبسها. 
في بلد يحترم شعبه، كان من المفترض أن يساق المفتنون يوم الكحالة إلى رومية زُمرا، حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها أدخلوا ولم يخرجوا إلا بتعهد بعدم ممارسة النكد طيلة حياتهم المهنية. 
أباد اللبنانيون بعضهم سنة ١٨٦٠ بسبب حجل، وسنة ١٩٧٥ بسبب بوسطة، واليوم بسبب بيك آب كادت الشفاه المنفوخة التي تتحدث عن السيادة ان تاخذنا الى حمام دم.