يهللون للتقسيم ..ويتجاهلون أنهم يحفرون قبورهم!
مرسال الترسبالرغم من كل الأزمات التي سقطت على رؤوس اللبنانيين في السنوات الأربع الأخيرة إلاّ أنهم يضعون في كل لحظة أيديهم على قلوبهم من أن تنزلق بهم تداعيات أي حادث أمني عابر إلى ما يتخوف منه كثيرون، ألا وهو العودة إلى الحرب الطائفية لاسيما وأن العديد من الأصوات "الموتورة والمأجورة" تعزف في كل المناسبات على وتر تقسيم الوطن إلى دويلات طائفية ومذهبية لتعيش كل فئة "كما يحلو لها".
متجاهلين الآثار المدمرة على الجميع من هكذا خطوات مجنونة لا تخدم إلاّ العدو الـــــإســــرائــــيلي الذي رسم الخرائط منذ بضع مئات من السنوات، كيف يجب أن تكون عليه منطقة الشرق الأوسط والدول العربية مجتمعة، كتجمعات طائفية ومذهبية تعيش على صراع لا ينتهي، وتبقى بينها دولة إســــرائــــيل الأقوى، لأنها تملك السلاح النووي وتتحكم بتأجيج الصراعات كلما لاحظت أنها قد تهدأ، فتعيش هي بسلام دائم فيما جيرانها يدمرون بعضهم البعض!
فلنتصور مثلاً (وعلى خلفية ما أطلقته بعض الأصوات على هامش حادث الكحالة الأخير) أن لبنان ذات ال 10452 كيلومتراً مربعاً قد تم تقسيمه على الأقل إلى أربعة تجمعات طائفية: مسيحية وسنية وشيعية ودرزية.
كما يحلو لبعض الفئات الساذجة أن ترفع صوتها عند كل طرفة عين.
ولنسأل أنفسنا على سبيل المثال لا الحصر : من سيحكم التجمع المسيحي الذي يُفترض أن يكون من كفرشيما إلى البترون بدون العاصمة بيروت، وهو ذات أغلبية مارونية؟ أهم قياديو حزب القوات اللبنانية أم التيار الوطني الحر أم حزب الكتائب أو حزب الوطنيين الأحرار "إذا أتيح له أن يستعيد بعض وهجه السابق" أو ربما حراس الأرز أو التنظيم ...؟
وإذا تذكرنا كيف "ينتفون ريش بعضهم" على تعيين رئيس دائرة أو مصلحة...فكيف ستكون حال ذلك التجمع أو الكانتون إذا كان الصراع على من سيترأس إدارته، وهل سيصدقون أن "الديمقراطية ستكون المحراب الذي سيكون حكماً فيما بينهم" أم الصواريخ والدبابات ... وصولاً إلى الخناجر والسكاكين لمن سيفوز بالسباق؟ ...ولعل ما حصل من مجازر وتصفيات في "تلك الجنة" أيام الحرب التي إندلعت في العام 1975 وإستمرت لخمس عشرة سنة في تلك "المناطق الشرقية"، أكبر مثال على ما سيحصل!وكيف أن الجميع سيعملون على حفر قبورهم بأيديهم.
والحال بالتأكيد لن تكون أفضل في التجمعات والكانتونات الأخرى إلاّ إذا سقط عليها وحي الأخوة والتعايش.
أخبرني أحد الأصدقاء الذي درس كيفية تعايش المجموعات الإثنية في سويسرا الأوروبية، فتحقق أن كلاً منها تساعد الآخرين على الإستمرار كي لا تعود تلك الإثنيات إلى مراحل الصراع التي إستمرت مئات السنين قبل أن تستقر الحال بينهم على دولة موحدة بين متنافرين.
فهل نتعظ في لبنان... أو عفواً "سويسرا الشرق"؟