مجلس الوزراء يجتمع في الديمان: هل جُنّ ميقاتي؟
عبد الكافي الصمدلم تُسعف كلّ التفسيرات والشّروحات التي ساقها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتبرير "فكرة" عقد جلسة لحكومته في المقرّ الصيفي للبطريركية المارونية في الديمان، سواء كانت الفكرة مقصودة وجرى التحضير لها مسبقاً أو كانت "بنت ساعتها" كما قال، ذلك أنّ زلّة لسان بهذا الحجم لا يمكن تبريرها ولا تجاوزها وكأنّها لم تكن، ولا عدم الوقوف عندها.
فبعد خروجه من لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي في الديمان، الأربعاء 2 آب الجاري، أشار ميقاتي إلى أنّه "خلال البحث مع غبطته كان هناك إقتراح بأن يُعقد لقاء للوزراء في الديمان، نهار الثلاثاء المقبل السّاعة الحادية عشرة صباحاً، للبحث في المخاطر التي تتهدد جميع اللبنانيين، وبلورة كيفية مواجهتها وحفظ مجتمعنا"، قبل أن يضيف: "إرتأينا ان يكون إجتماع تشاوري الأسبوع المقبل يوم الثلاثاء في الديمان للبحث في كلّ هذه المواضيع".
لم يكد ميقاتي ينهي تصريحه حتى كانت ردود فعل واسعة تنهال عليه، بعدما خلط شعبان "لقاء للوزراء" برمضان "إجتماع تشاوري"، ولم يسعفه البيان التوضيحي الذي أصدره لاحقاً، وتأكيده أنّه "لا دعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء في الديمان الثلاثاء المقبل، بل لقاء تشاوري في المواضيع الوطنية"، وهو توضيح لم يقنع كثيرين، وطرح أسئلة عديدة حول مبرّرات خطوة ميقاتي، وهي سابقة غير معهودة في تاريخ لبنان، وحول حرصه المزعوم على مقام رئاسة الحكومة، وهل درس خطوته مسبقاً أم لا، وهل يمكن لهكذا خطوة أن تكون "بنت ساعتها" ومجرد إنفعال، وكيف يمكن لرجال الدولة أن يمارسوا مهامهم ومسؤولياتهم بهذا القدر من الخفّة، وهل يدري ميقاتي حجم الأثمان السّياسية والمعنوية التي سيدفعها، وسيدفعها معه مقام رئاسة الحكومة، نتيجة إقدامه على هكذا خطوة التي بدت بنظر البعض "مجنونة" و"انتحار سياسي" لميقاتي؟
من بين كمّ الأسئلة التي وُجهت إلى ميقاتي، وحملت الكثير من الإنتقاد على خطوته، الأسئلة التالية:
أولاً: إعتاد مجلس الوزراء، تاريخياً، أن يعقد إجتماعاته إما في مقرّ رئاسة الحكومة، السرايا الحكومي الكبير أو غيرها، أو القصر الجمهوري، سواء في بعبدا أو في بيت الدّين أو أيّ مقر آخر، أو في مقر مستقل ومحدّد، لكن أن يعقد مجلس الوزراء إجتماعاً في مقرّ ديني تابع لإحدى الطوائف اللبنانية فهذه سابقة خطيرة ستكون لها تبعات عدّة، أبرزها مطالبة بقية الطوائف، لاحقاً، أن تعقد الحكومة لقاءاتها في داخل مقرّاتها، وهذه خطوة تذهب بالبلد أكثر نحو تطييفه.
ثانياً: بما أنّ ميقاتي أراد عقد لقاء للحكومة في مقرّ ديني تابع لإحدى الطوائف اللبنانية، فلماذا لم يبادر إلى عقد هكذا لقاء في دار الفتوى، مقرّ الطّائفة السنّية التي ينتمي إليها ميقاتي، أليس الأقربون أولى بالمعروف؟ خصوصاً أنّ الجالس على كرسي دار الفتوى في عائشة بكّار، يحمل وحيداً من بين جميع رؤساء الطوائف الدينية اللبنانية صفة تمثيل الجمهورية اللبنانية وليس إحدى طوائفها، وهل أنّ ميقاتي في نيّته عقد هكذا لقاء في دار الفتوى لاحقاً لاستدراك الموقف؟
ثالثاً: إذا كان ميقاتي قد أوضح أنّ اللقاء سيكون وزارياً وتشاورياً وليس إجتماعاً رسمياً للحكومة، ألا يظنّ أنّ مدينته طرابلس، العاصمة الثانية، تحتاج أكثر من سواها من بقية المناطق إجتماعاً تشاورياً لمناقشة قضاياها ومشاكلها وهمومها ومعالجتها؟
رابعاً: إذا كان البعض ومنهم كوادر في تيّار المستقبل ـ وصفوا خطوة ميقاتي بأنّها "إنبطاح"، فإنّ كثيرن سألوه، ومنهم النائب جميل السيد (وصف خطوة ميقاتي بأنّها فيلماً هوليودياً) عمّا إذا كان البطريرك الراعي هو من سيرأس جلسة مجلس الوزراء أو اللقاء التشاوري المقبل في الديمان، نيابة عن رئيس الدولة الماروني الغائب؟