أخبار اليوم: القرنة السوداء... مركز لبنى تحتيّة ذات استخدامات عسكرية ومدنيّة مزدوجة؟
12 تموز 2023

أخبار اليوم: القرنة السوداء... مركز لبنى تحتيّة ذات استخدامات عسكرية ومدنيّة مزدوجة؟

كتب أنطون الفتى 

 

إذا أخذنا في الاعتبار مجموعة من الحقائق، وهي من مستوى أن طقس القرنة السوداء يشبه طقس جبال الألب، وعن أنها أعلى قمة في منطقة الشرق الأوسط، وعن أنها منطقة غنيّة بالمياه، والرياح، والثروات البيئية والنباتية، وعن أنها محطة أساسية لبعض أنواع الطيور المُهاجرة، نجد أنها يمكن أن تكون مادّة لمشروع "خرافي"، يمكّن لبنان من أن يُصبح "قبلة" المنطقة، لو كانت لدينا السلطة السياسية الوطنيّة الصادقة.

 

بنى تحتيّة

فالقرنة السوداء قادرة على أن تشكّل مركزاً لبنى تحتيّة ذات استخدامات مدنية وعسكرية مزدوجة، بمساعدة أميركية، ومن دول في حلف "شمال الأطلسي"، تمتلك التكنولوجيا الحديثة والمتطوّرة، وتوفّر الخبرات اللازمة على هذا المستوى. كما أنها قادرة على أن تشكّل موقعاً بيئياً مهمّاً، ومركز استقطاب عالمي لمراقبة المتغيّرات المناخية، وتقلّباتها ومفاعيلها، وقياس بعض الظواهر الجويّة، من الأرض وصولاً الى الفضاء.

فهذا هو الإطار الدولي الذي تستحقّه تلك المنطقة عن جدارة، وذلك بدلاً من أن تكون "أسيرة" نزاعات مناطقية، مائية وزراعية، ومنطقة متروكة لخلافات بلدية ومناطقية، أكل الدّهر عليها وشرب، ولا يمكن لقوى محليّة أن تتعامل مع مواردها وطاقاتها الهائلة.

 

نزاعات سياسية؟

وأما الاستعانة بخبرات أميركية و"أطلسية" لإنشاء بنى تحتيّة متطوّرة في تلك المنطقة، فلا يجب أن يشكّل مادّة لنزاعات سياسية داخلية.

فبالنّظر الى قطر مثلاً، نجد أنها صاحبة علاقات ممتازة مع الأميركيين، وهي مقرّ لقاعدة العديد التي تُعتَبَر أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط. كما أنها (قطر) مقرّ ميداني للقيادة المركزية الأميركية، التي يمتدّ نطاق عملها من آسيا الوسطى حتى القرن الأفريقي. وهي (قطر) رغم ذلك، من أكثر دول الخليج التي تتمتّع بعلاقات صداقة مستقرّة وثابتة مع الإيرانيين.

 

رادار

شدّد العميد المتقاعد جورج نادر على أن "تثبيت رادار مهمّ في منطقة القرنة السوداء، هو أفضل من تشييد قاعدة عسكرية بحدّ ذاتها، لا سيّما أن الإسرائيليين دمّروا الرادار الذي كان في منطقة الباروك قبل عقود، والذي كان يكشف الطيران الإسرائيلي قبل أن يخرج من تل أبيب. وبالتالي، يشكّل الرادار حاجة مهمّة للبنان، بينما إنشاء قاعدة عسكرية من دون هذا النّوع من الرادارات، فقد لا يكون مُفيداً تماماً، نظراً لصعوبة البقاء والتمركز والتحرّك العسكري الدائم في ظروف مناخية قاسية كالتي في القرنة السوداء، وهو ما يمكنه أن يهدّد سلامة العناصر العسكرية".

وأوضح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "التمركز الدائم في منطقة شبيهة بالقرنة السوداء، يحتاج الى عمل مستمرّ على فتح الطُّرُق، وهذا مستحيل في لبنان. كما أن إنشاء مراكز دائمة هناك يحتاج الى بنى تحتية كثيرة، والى مبانٍ معيّنة، وتدفئة، وجرّ مياه، وحاجات أخرى تكلّف الكثير. ولا قدرة لدينا على القيام بها بالإمكانات المُتاحة في البلد. وبالتالي، يبقى الرادار الطريقة الأفضل للاستفادة ممّا توفّره القرنة السوداء من قدرات، خصوصاً أنه سيكون قادراً على كشف المطارات والقواعد العسكرية في تل أبيب، ودمشق، واللاذقية، وحمص، وغيرها، وسيكون مهمّاً جدّاً لنا".

 

تقاسُم حصص

وعن إمكانية التنسيق اللبناني مع الأميركيين في هذا الشأن، من دون التسبُّب بأزمات سياسية داخلية، وذلك بالاعتماد على النّموذج القطري في التعاون الثنائي والمتين مع واشنطن وطهران معاً، أجاب نادر:"هذا النّوع من العمل يحتاج الى تكنولوجيا لا نمتلكها في لبنان. كما يحتاج الى أدوات، وتمويل كبير، وهي أمور غير متوفّرة لدينا أيضاً. وبالتالي، ستكون هناك حاجة أكيدة للتعاون مع دولة ذات قدرات كبرى على صعيد هذا النوع من المشاريع".

وأضاف:"نذكّر بأن قطر ليست تابعة لإيران، ولا محكومة منها، بل دولة لديها سياستها، واقتصادها، وسيادتها، وقرارها الحرّ في كل المجالات، ولذلك هي قادرة على أن تحتفظ بعلاقات ممتازة مع واشنطن وطهران معاً. وأما لبنان، فوضعه مختلف تماماً، إذ إنه محكوم من إيران، ومن سلاحها فيه، وعلاقته بها ليست علاقة صداقة أو تحالف، بل علاقة تبعيّة لها. كما أنه (لبنان) دولة تفتقر الى قرار واحد، بوجود تعدّد رؤوس الحكم فيه".

وختم:"لدينا في منطقة عكار منطقة "بواب الهوا"، وهي غنيّة بالرياح معظم أوقات السنة. ورغم ذلك، لا أحد يفكّر بكيفية الاستفادة منها لتوليد الطاقة الكهربائية عبر الرياح، كما هو الحال في أوروبا مثلاً. وهذا سببه أننا لسنا في دولة، بل في بلد السرقات، وتقاسُم الحصص".

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen