الأخبار _ «مجزرة الصيف» تتواصل بحق معلّمي المدارس الخاصة
18 حزيران 2025

الأخبار _ «مجزرة الصيف» تتواصل بحق معلّمي المدارس الخاصة

فاتن الحاج

مع اقتراب الخامس من تموز، يعود شبح الصرف الجماعي ليخيّم على معلّمي المدارس الخاصة، في مشهد سنوي بات أشبه بموعد دائم مع التعسّف والحرمان من الحقوق.

فالإدارات المدرسية، تحت ذرائع «اقتصادية» أو «احترازية»، تبدأ بتجريد معلّميها من وظائفهم عبر طرد مقنّع، واستقالات قسرية، وتعويضات هزيلة تُحتسب على أساس الرواتب بالليرة اللبنانية كما كانت قبل الانهيار، رغم أنّ هذه المدارس نفسها اعتمدت زيادات بالدولار على الرواتب طوال الأشهر الماضية.

ورغم المطالبات المتكرّرة منذ سنوات، لا تزال المادة 29 من قانون تنظيم المدارس الخاصة (15/6/1956) تشكّل غطاءً قانونياً لهذا الطرد الجماعي الموسمي، إذ تتيح لرئيس المدرسة صرف أي معلّم من دون الحاجة إلى تبرير، شرط إبلاغه بكتاب مضمون مع إشعار بالتسلّم قبل 5 تموز.

«مجزرة الصيف»، كما يُطلق عليها، تتكرّر سنوياً تحت غطاء قانوني يعود إلى خمسينيات القرن الماضي، وسط تحايل مكشوف تمارسه إدارات المدارس عبر الضغط على المعلّمين لتقديم استقالاتهم مسبقاً، تفادياً لأي تبعات قانونية. وغالباً ما يتردّد المعلّمون المصروفون في كشف تفاصيل تجاربهم، إمّا خشية من التأثير على فرص عملهم المقبلة، أو بسبب ضغوط تمارسها الإدارات، فيما ما يُنشر من حكايات لا يعكس سوى جزء يسير من واقع الصرف.

تعويضات هزيلة على أساسات الرواتب بالليرة كما كانت قبل الأزمة

الذرائع الاقتصادية تبقى في صدارة التبريرات الجاهزة. ففي هذا العام، على سبيل المثال، عمدت بعض مدارس اللّيسيه التابعة للبعثة العلمانية الفرنسية إلى صرف نحو 50 معلّماً، مبرّرة الإجراء بتراجع أعداد التلامذة، ما دفعها إلى إقفال عدد من الشُّعب، خصوصاً في المراحل التعليمية الأولى.

ومن العروض التي قدّمتها إدارات بعض المدارس للمعلّمين في سياق التفاوض معهم على عدم رفع دعاوى قضائية ضدها، كان اقتراح مضاعفة التعويض بما يوازي 200 دولار فقط، أو منح المعلّم امتيازاً محدوداً كالسماح لأولاده بمتابعة عام دراسي واحد مجاناً.

وفي استعادة لأساليب لطالما استُخدمت في السابق، أجبرت مدارس أخرى معلّمين على تقديم استقالاتهم أو توقيع براءات ذمّة تفيد بأنهم استوفوا جميع حقوقهم، رغم أنّ بعضهم لم يتقاضَ كامل رواتبه أو لم تُسدَّد له فروقات مالية وبدلات مستحقة.

في هذا السياق، دعا رئيس نقابة المعلّمين نعمه محفوض المعلّمين إلى عدم توقيع أي استقالة أو براءة ذمّة قبل مراجعة النقابة.

وأكّد أنّ النقابة تعتمد استشارة قانونية أعدّها مستشارها القانوني المحامي زياد بارود، تنصّ بوضوح على أنّ «تصفية تعويض الصرف من الخدمة تُحتسب على أساس الراتب الأخير من الخدمة الفعلية، بكليته الثابتة والمتكرّرة والمستمرة، بالليرة اللبنانية والدولار الأميركي، مضروباً بعدد سنوات الخدمة.

وأي تفسير مغاير لذلك يفرغ التعويض من مضمونه، ويؤدّي عملياً إلى حرمان المعلّم من مستحقّاته، واقتصار هذا التعويض على جزء ممّا هو متوجّب، في مخالفة صريحة لقانون المعلّمين».

محفوض أشار إلى أنّ «النقابة لا تملك حتى الآن أرقاماً نهائية عن أعداد المعلّمين المصروفين، إذ لا يزال هناك متّسع من الوقت حتى الخامس من تموز»، مشدّداً على أنّ النقابة «تتابع كل حالة يتم تبليغها بها»، داعياً أي مدرسة لديها تفسير قانوني مختلف إلى الاحتكام إلى القضاء بدلاً من فرض شروطها على المعلّمين.

ولفت بارود، إلى أنّ فوضى عارمة تسود عدداً من المدارس الخاصة التي تخالف القوانين بشكلٍ صارخ في تعاملها مع المعلّمين المصروفين.

وأوضح أنّ الفارق بين الراتب الأساسي وما يتقاضاه المعلّم فعلياً (باستثناء بدل النقل) يُعتبر جزءاً من التعاقد، وبالتالي يُحتسب ضمن أساس تعويض الصرف بموجب قانون تنظيم المدارس الخاصة الصادر في 15 حزيران 1956، الذي ينصّ على وجوب دفع تعويض في حال إنهاء التعاقد.

وأشار إلى أنّ نقابة المعلّمين تدعم المعلّمين المصروفين، لكنها غير قادرة على التوكّل عن أولئك الذين لا يبادرون إلى مراجعتها، داعياً المعلّمين إلى التواصل الفوري مع النقابة للحفاظ على حقوقهم.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen