الأخبار _ استقالات جماعيّة في بلدية طرابلس: معركة نفوذ بين ميقاتي وكرامي؟
لينا فخر الدينلم تُفلح جميع المساعي لرأب الصدع والتوفيق بين الأعضاء الجدد لبلدية طرابلس، لتطيح بها أمس تقديم نصف عدد أعضائها (الأعضاء الـ 11 الفائزين من لائحة نسيج طرابلس برئاسة وائل زمرلي والعضو الفائز من لائحة حراس المدينة) استقالاتهم إلى محافظ الشمال بالإنابة، إيمان الرافعي. وهو ما بيّن أنّ كلّ ما قيل قبل فتح صناديق الاقتراع عن أنّ «الجميع سيعملون للنهوض بالمدينة بغضّ النّظر عن الفريق الرابح أو الخاسر»، والتّعهد الذي تمّ توقيعه بطلبٍ من مفتي طرابلس والشمال، الشيخ محمد إمام، قبل يوم الانتخاب، بأنّ «الجميع سيكونون جنوداً في خدمة طرابلس إلى جانب الفائزين»، لم يكن إلّا كلاماً في الهواء.
في المقابل، ثمّة من يقول داخل المدينة إنّ وأد المجلس البلدي بعد أيام قليلة على ولادته، مردُّه إلى تحوّل المعركة إلى حرب سياسية بين الرئيس نجيب ميقاتي من جهة، والنائب فيصل كرامي من جهة ثانية، فيما يُرجّح هؤلاء ألّا ينضمّ النائب أشرف ريفي إليهما، لأخذه بعين الاعتبار الانتخابات النيابية التي ستجري بعد عام. ويعتقد هؤلاء أنّ ميقاتي لا يُريد للمجلس الجديد أن يدور في فلك «الأفندي»، خصوصاً بعد أن عمد كرامي إلى استقبال أعضاء لائحة «رؤية طرابلس» ونشر مقطع مصوّر من لقائهم، مع العلم أنّ أعضاء اللائحة جالوا على عدد من فعاليات طرابلس.
يعمل بعض المفاوضين على إقناع أكثر من عضو من أجل التراجع عن استقالتهم
وإذا كان هؤلاء يتّهمون ميقاتي بأنه وراء رفع «نسيج طرابلس» لسقوف مطالبهم، والتحريض على استقالاتهم بشكل جماعي، إضافةً إلى تدخّلات مباشرة من مدير مكتبه رامي الرفاعي، فإنّ المحسوبين على رئيس الحكومة السابق ينفون هذا الأمر، مُؤكّدين أنّ «ميقاتي على مسافة واحدة من الجميع، وهو حاول تقريب وجهات النّظر، وفق ما ظهر أثناء استقباله لرئيس البلدية المُنتخب عبد الحميد كريمة، دون أن يتمكّن منذ ذلك». وهو ما يقوله أيضاً بعض المتابعين الذين يعتبرون أنّ المعركة ليست سياسية، وإنّما «الفوقيّة في التعاطي والأنانيات التي تعلو على عقليّة البعض، ستؤدّي إلى حرمان طرابلس من مجلس بلدي بعد سنواتٍ من الخلافات، التي أدّت إلى إيقاف المشاريع التنمويّة».
«كسر شوكة» كريمة
أمّا المقرّبون من كريمة، فهم يشيرون إلى أنّ ما حصل أمس هدفه «كسر شوكة» الرئيس المُنتخب في بداية عهده، عبر إجباره على توقيع تعهّد خارج مقرّ البلدية، وفي مكانٍ يُحدّده زمرلي والأعضاء المحسوبون عليه، إضافةً إلى جني المكاسب، عبر إجباره على منحهم مناصب مُعيّنة. يُشار في هذا السياق إلى أنّ كريمة سبق واتّفق مع الأعضاء المستقيلين على إعطاء زمرلي رئاسة اتّحاد بلديات الفيحاء، فيما طالبه هؤلاء بأن تؤول إليهم بعض اللجان الأساسية كالمالية والتربية.
ويلفت متابعون إلى أنّ كريمة الذي كان منفتحاً على القبول بالحلول المطروحة، كان في الوقت عينه واقعياً. إذ وعد ببذل الجهود لتأمين مطالب «نسيج»، مع إشارته إلى أنه لن يكون بمقدوره ضمان مسار التصويت في اتّحاد البلديات، وإن كان العُرف يُمنح رئاستها لطرابلس. وينسحب ذلك على المجلس البلدي، لجهة عدم قدرته على ضمان إعطائهم اللجان الأساسية التي يطالبون بها.
وهو ما أشعر هؤلاء بأزمة ثقة مع كريمة، عبّروا عنها في جلسة عُقدت عند المحافظ بالإنابة أمس، عندما رفضوا توقيع التعهّد مع كريمة داخل مقر البلدية، وفقاً لاتّفاقهما قبل يومين، ليُصرَّ زمرلي على التوقيع في مكتب المحافظ بالإنابة (الرافعي). في المقابل، رفض كريمة ذلك، معتبراً أنّ حل الأمر بهذه الطريقة يُهشّم نفوذه داخل المجلس ويبتر صلاحياته، ما أدّى إلى تمسّك الأعضاء الـ 12 بالاستقالة، وتقديمها إلى الرافعي.
الحجّار يُحبط المفاوضات؟
ويتّهم بعض المقرّبين من «نسيج» وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار بالدخول إلى خط إحباط المفاوضات. فبعدما قال إنّه لا يضمن دعوته إلى انتخابات خلال شهرين، ما أدّى إلى تراجع الأعضاء الـ 12 عن استقالاتهم نهاية الأسبوع الماضي، نقل رئيس لائحة «نسيج» عن الوزير قوله إنّه بإمكانه الدعوة لانتخابات بعد شهرين من إطاحة المجلس الجديد. واعتبر بعض الأعضاء أنّ كلام الحجار، في حال ثبوته، شجّع زمرلي على الاستقالة وإطاحة المجلس، مُستغربين الأسباب التي دفعته إلى الكشف عن موقفه لأحد الأعضاء.
في المقابل، يعتبر بعض الأعضاء أنّ الأمور لم تنتهِ بعد، إذ يحقّ للمستقيلين التراجع خلال مهلة 30 يوماً. ويُرجّحون أن يتراجع بعض الأعضاء عن استقالاتهم، خصوصاً في ظلّ المساعي الآيلة إلى خرق «نسيج»، كما حصل في جلسة انتخاب الرئيس، ما سيُؤدّي حكماً إلى عدم إطاحة المجلس والاستمرار ولو بالنصف زائداً واحداً. بينما يعتقد آخرون استحالة تراجع شخص واحد فقط من المُستقيلين، حتّى لا يتمّ اتّهامه بأنه الشخص الذي صوّت لكريمة وحرم زمرلي من الرئاسة. في المحصّلة، ترمي المفاوضات الجارية لدفع أكثر من عضو عن استقالته، من دون أن يحسم الدّاخلون على خط المفاوضات إمكانية نجاحهم في شقّ صف «نسيج».