الديار _ موازين القوى السياسيّة وما كشفته الانتخابات البلديّة في طرابلس
دموع الأسمرانجزت انتخابات رئاسة البلدية في طرابلس بعد أخذ ورد لايام، وتمكنت رؤية طرابلس من انتزاع الرئاسة لصالح الدكتور عبد الحميد كريمة ونيابة الرئاسة لخالد كبارة، بحصد ١٣ صوتا، فيما حصل المهندس وائل أزمرلي على ١١ صوتا...
ابراهيم العبيد الذي فاز وحيدا من لائحة حراس المدينة، واعتبر بيضة القبان، انحاز عشية الانتخابات الى جانب أزمرلي، بعد تصريح سابق له قبل ساعات يؤكد فيه اقتراعه بورقة بيضاء، ما لبث في المساء الا أن عدل موقفه واعلان نيته الاقتراع لأزمرلي.
في هذه الاثناء، كانت تجري مناقشات واتصالات تحت الطاولة، انتهت بسحب فرصة فوز أزمرلي باستمالة احد اعضاء لائحة نسيج طرابلس ضمن به الدكتور كريمة فوزه بالرئاسة بلعبة ديموقراطية، يمكن القول انها كشفت عن موازين قوى سياسية قادرة على الاستقطاب، وتؤشر الى توزع هذه القوى واحجامها وقدرتها على رسم خريطة سياسية لمدينة طرابلس في الاستحقاق الانتخابي النيابي المقبل العام ٢٠٢٦.
فور اعلان الفوز، اتجه الدكتور كريمة الى دارة الوزير السابق النائب فيصل كرامي الذي بدا مفعما بالغبطة لفوز اعتبره انه يعنيه قبل أن يعني حلفاءه في دعم لائحة كريمة.
ومن دارة كرامي توجه كريمة مع اعضاء المجلس البلدي، الى دارة النائب أشرف ريفي، لشكره على موقفه الداعم له.
حسب الاوساط الطرابلسية ان رؤية طرابلس المدعومة من النواب الاربعة: فيصل كرامي، اشرف ريفي، طه ناجي، كريم كبارة، يفترض بها ان تحصد رقما قياسيا من الاصوات اعلى مما حصدته وأمن فوز ١٢ عضوا منها، فيما لو تحركت جديا ماكينات النواب الاربعة وبينهم ماكينة جمعية المشاريع ( الاحباش) المعروفة بحجمها وقوتها الانتخابية، إلا ان الذي حصل ان تحريك الماكينات لم يكن بالوزن الثقيل المعتاد في الاستحقاقات النيابية، الامر الذي ادى الى فوز رئيس لائحة نسيج طرابلس المهندس وائل زمرلي بالمرتبة الاولى بين الفائزين حاصدا ( ١١٥٢٣) صوتا، بفارق ٣٢٦٠ صوتا بينه وبين آخر الفائزين بالعضوية من لائحته وهو جلال الست الذي حصد(٨٢٦٣) صوتا.
وحل الدكتور كريمة في المرتبة السابعة حاصدا(٩٩٣٦) صوتا، اي بفارق ١٥٨٧ صوتا بينه وبين زمرلي.
مشهدية الفائزين وارقامهم، كافية لترسم الخريطة السياسية لمدينة طرابلس وانعكاس موازين القوى على مجرى الانتخابات البلدية.
فالرئيس ميقاتي بدا من نتائج الانتخابات انه بقي على الحياد، بل وانه شكل لائحته الخاصة حسب آخر تصريح له قبيل موعد افتتاح صناديق الاقتراع.
اصوات زمرلي كشفت ان داعمه لم يكن النائب ايهاب مطر وحسب، وانما تشابكت عدة جهات سياسية في المدينة لدعمه اهمها الجماعة الاسلامية، وجمعيات اسلامية اخرى وفرت له هذا الكم من الاصوات، حيث جاء دعم الجماعة الاسلامية له لمواجهة جمعية المشاريع( الاحباش) الداعمة للائحة الدكتور كريمة، وقد اظهرت نتائج اصواته حجم دعم كرامي والاحباش له، لكن هناك مصادر طرابلسية توحي:
اولا، ان جمعية المشاريع لم تحرك كامل طاقتها التجييرية.
ثانيا، وان النائب كريم كبارة والنائب اشرف ريفي لم يحركا ايضا كامل قواعدهما الانتخابية.
غير ان هذه النتائج اثبتت حضورا لكل من النواب كرامي ومطر وريفي وكبارة وناجي وانما باحجام متفاوتة ، في ظل حياد ميقاتي، مما ادى الى انخفاض منسوب الاقتراع الذي وصل الى ٢٧ بالمئة فقط، ولم يظهر الناخبون حماسة واقبالا على الاقتراع، وشكل ذلك انعكاسا على النتائج التي جاءت لتؤسس انقساما جديدا داخل المجلس البلدي، وقد بدأت الاوساط تتداول اخبارا عن احتمال تقدم الفائزين من لائحة نسيج طرابلس الـ ١١ باستقالاتهم، لتعود ( حليمة) البلدية، الى عادتها القديمة، ولتغوص المدينة مجددا بالعثرات والعراقيل والخلافات، وليس من مصلحة المدينة ان تغرق بخلافات تنعكس سلبا على الانماء وقضية النهوض بالخدمات كافة...
فوز الدكتور كريمة برئاسة البلدية، اعتبرها البعض، عودة السياسة( الكرامية)، الى الامساك بالادارة المحلية، التي بقيت في محورهم سنين طويلة وصولا الى عهد رئاسة العميد الراحل منقارة، رغم ان هذا الامساك ما كان ليتم لولا التعاون بين كرامي وناجي وريفي وكبارة.
الا ان النتيجة افرزت خريطة سياسية يعتد بها في الاستحقاق النيابي، وإن اعتبر التحالف البلدي ليس من شأنه ان ينسحب نيابيا لكن ليس في السياسة مستحيلات وهي فن الممكن.
ملاحظة اخرى لا يمكن تجاوزها، هي ان لكل من جمعية المشاريع( الاحباش)، بالدرحة الاولى، والجماعة الاسلامية، بالدرجة الثانية، حجما انتخابيا مؤثرا في اية عملية انتخابية في المدينة وهذا ما كشفته النتائج البلدية...