في الأوقات الصعبة لماذا تأتي المواقف زيتاً على النار؟
مرسال الترسلم يستغرب مختلف المراقبين كيف ظهرت على الفور مواقف وتصريحات مستفزة ولغة طائفية بغيضة إثر ورود انباء عن وقوع حادث عرضي في منطقة القرنة السوداء (أعلى نقطة في الجبال اللبنانية) أدى الى مصرع شخصين لخلاف على تحديد مساحة هذا القضاء أو تلك المحافظة وكان يمكن حلّه منذ سنوات.
يقال أن الإستعمار البريطاني (الذي كانت الشمس لا تغيب عن أراضيه) كان عندما يريد التخلي عن مناطق معينة أو يمنحها الإستقلال يترك بينها نقاط خلاف أو حدوداً غير مرسمة، حتى إذا ما إستجد أي خلاف بين طرفين يتوجب عليهما اللجوء إليه لحل مشاكلهما.
ويبدو أن الدولة اللبنانية تحذو حذو ذلك الإستعمار والاّ ما هي الأسباب التي تمنعها من ترسيم حدود الأقضية والمحافظات لسحب فتيل أي تفجير قد يتحول في أية لحظة إلى صراع طائفي او مذهبي؟
والكلام عن القرنة السوداء يذكّر بما حصل في موضوع المفقودين قبل أيام وهو قيد التداول منذ نحو خمسين سنة أي مع إنطلاق شرارة حرب السنتين في لبنان في العام 1975، والذي تجدّد الحديث عنه مع إتخاذ الحكومة اللبنانية قراراً بعدم التصويت في الأمم المتحدة على تحريك لهذا الملف.
وكانت الخطوة بمثابة صب زيت على نار تحريك المواقف المستفزة وكأنها آلة موسيقية يحركها عازف محترف في نكئ الجراح كلما غابت عن السمع.
والأسئلة التي طرحت نفسها عند تلك المواقف المتشنجة والتي تدعو الى تجييش الرأي العام إزاء أي قضية تحرك الغرائز الطائفية والمذهبية، وعلى سبيل المثال وليس الإستهداف:
*أين كان وزراء حزب "القوات اللبنانية" عندما تولوا وزارات معنية بهذا الملف ولم يعملوا على إثارته والسعي إلى حله؟
* وأين كان وزراء "التيار الوطني الحر" عندما ظلوا يحكمون لست سنوات ولم ينبسوا ببنة شفة عن الموضوع أو يراجعوا أي مسؤول يعتقد أنه معني بهذا الملف؟
* ولماذا ظل النائب أشرف ريفي متجاهلاً أي حديث عن ملف حساس جداُ، وهو ظل سنوات وسنوات مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي ووزيراً للعدل.
وغيرهم كثيرون ممن تولوا مسؤوليات وغضوا الطرف عن تحريك قضية بهذا المستوى!
الثابت أن هناك وجوهاً تمتهن العزف على أوتارٍ تثير حساسية وغرائز ، فيما البلد كورقة خريف تتلاعب بها النسمات وقد تطيحه أية عاصفة، فكيف إذا كانت مرتبطة بالطوائف والمذاهب.
والأجدى بالجميع مراعاة الظروف وعدم المزايدة لأن الجميع تحملوا مسؤوليات وليس الشطارة رمي التهم بالتقصير على الآخرين!