صاروخ "بن غوريون".. رسالة يمنية تربك العدو
كَتَبَ المُحرّرفي تطور لافت؛ استهدفت حركة "أنصار الله" اليمنية مطار "بن غوريون"، في فلسطين المحتلة، بصاروخ باليستي فرط صوتي جديد، معلنة فرض "حصار جوي شامل" على "إسرائيل" باستهداف مطاراتها بشكل متكرر. هذا التصعيد اليمني جعل المنطقة برمتها تراقب تداعيات المرحلة المقبلة، فما هي الرسالة التي أراد اليمنيون إيصالها؟
حمل يوم الأحد الماضي، في الرابع من أيار/مايو الجاري، مفاجأة جاءت في وقت حساس للغاية تشهده المنطقة برمتها؛ حيث جاءت الضربة اليمنية على وقع المفاوضات الإيرانية- الأميركية وموافقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر على توسعة العدوان على غزة، بالإضافة الى مواصلة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وسوريا.
كما جاء الاستهداف اليمني في وقت يشهد فيه الداخل الإسرائيلي اهتزازات، لم يعهدها الكيان العبري في تاريخه؛ حيث وصلت الحال بزعيم المعارضة الإسرائيلي يائير لبيد، في تصريحات أطلقها يوم الأحد 20 نيسان/أبريل الماضي، قال فيها: "وفقًا لمعلومات استخباراتية، نحن مقبلون على كارثة، وهذه المرة ستكون من الداخل".
أثار هذا الصاروخ، والذي تجاوز أربع طبقات للدفاع الجوي في "تل أبيب"، جنون قيادة الاحتلال، فهدد وزير حرب العدو يسرائيل كاتس بالردّ "بسبعة أضعاف"، فيما دعا زعيم حزب الوحدة الوطنية في الكيان الغاصب بيني غانتس إلى ردّ فعل عنيف في طهران.
من جانبه، كشف القيادي الحوثي البارز حميد عاصم أنه في هذا اليوم (الأحد): "أطلق أكبر صاروخ على الأراضي المحتلة، ويعد الأول من هذا النوع الكبير، وسيرسل آخر حتى يتوقف العدوان الصهيوني على غزة ولبنان. وأضاف أنها: "ضربة تحرج الإدارة الأميركية أمام إسرائيل، وكذلك أمام السعودية التي يسعى البيت الأبيض- كما تقول التقارير- لتشجيعها على التخلي عن مسار السلام مع الحوثيين. ومع أنه ليس الصاروخ الأول الذي تطلقه "أنصار الله" على الكيان الصهيوني، فالضربات اليمنية على الكيان بدأت في العام 2024 ،التي أتت تحت عنوان مناصرة الشعب الفلسطيني في ظلّ الإجرام الإسرائيلي على قطاع غزة. لكن ما يحيّر قادة العدو فشل المنظومات الاعتراضية الأميركية والإسرائيلية في صدّه، وهروب أكثر من 3 ملايين مستوطن إلى الملاجئ، وتوقف شركات طيران رحلاتها المقررة، يوم الأحد، إلى "تل أبيب"، لا سيما شركات طيران لوفتهانزا والخطوط الجوية السويسرية والنمساوية والهندية والإيطالية وطيران أوروبا، بحسب ما كشفته القناة 13 الإسرائيلية
ما من شكّ في أن هذا الصاروخ يحمل الكثير من الرسائل التي قد تتخطى أعتاب الأهداف اليمنية في الدفاع عن فلسطين المحتلة. لهذا يمكننا طرح معادلة جديدة تقول "ما بعد صاروخ بن غوريون ليس كما قبله".
التطور الكبير ليوم الأحد بات يطرح التساؤلات عن مصداقية البيانات التي تصدرها القوات الأميركية الراسية في المنطقة عبر حاملات طائراتها، والجدوى من تنفيذها ضربات جوية على اليمن منذ أكثر من شهر. إذ كشف الصاروخ للرأي العام الإسرائيلي، كما الأميركي والعربي، زيف التقارير التي تخرج عن القيادة الأميركية، والتي دائمًا ما تؤكد عدم إصابة الصواريخ اليمنية حاملات طائراتها، على الرغم من الاستهدافات اليمنية لها شبه اليومية.
من يدري قد تكون طائرة الـ"إف- 18″ الأميركية "سوبر هورنت" التي أعلن سقوطها في البحر الأحمر، يوم الاثنين 28 نيسان/أبريل الماضي، التابعة لحاملة الطائرات "يو.إس.إس هاري ترومان"، بصاروخ يمني بعد تعقبه لها؟.
يجب عدم التوقف عند ما أحدثه الصاروخ من حفرة بعمق 25 مترًا أو من تعطيل مؤقت لحركة الملاحة الجوية الإسرائيلية، بل بما يحمله من أبعاد في إطار قدرة اليمن على فرض حصار بحري، واليوم جوي حقيقي على كيان الاحتلال.
إذ لا تفيد التهديدات الأميركية ولا الإسرائيلية لليمن، فالطبيعة المعقدة للبلد ذي التضاريس الجبلية تعقد المهمة أمام تنفيذ الغارات. وعلى ما يبدو، القوات المسلحة اليمنية نشرت منظوماتها الصاروخية في أكثر من منطقة، الأمر الذي يصعب على طائرات العدو ضربها، كما أنّ لديها منظومات صاروخية باليستية غير تقليدية قادرة على خرق الدفاعات الجوية وإصابة أهدافها.
لهذا يجد الكثير من المتابعين أن الضربات الجويةـ مهما تكثفت وأصابت من مصافٍ وموانئ ومطارات يمنية وغيرها، إلا أنّ المؤكد أنها لا تحمل قدرة ردعية للقصف الصاروخي الذي سيستمر من حركة "أنصار الله". هذا يعود إلى طبيعة الحركة واستعدادها لحرب طويلة في المنطقة، لهذا لن يردع اليمنيين إلا التوصل إلى تسويات في غزة تعيدهم إلى مناطقهم وديارهم.
لهذا، لا رد "السبعة أضعاف" ولا الرد "العنيف" على طهران قد يحقق الأهداف المنشودة، بل الذهاب إلى تسويات وتقديم التنازلات من حكم اليمين المتطرف الإسرائيلي هو الوحيد الذي يحميها من الصواريخ اليمنية، وربما غيرها في المدى القريب.