لجنة المال وقانون المصارف: «عيب تشريعي» أمام النواب
على وقع الضغوط الأميركية، يسرّع لبنان، بكل أركانه، الخطوات المتعلقة بملف «الإصلاحات المالية». بمعزل عما هو مقصود بتعبير «الإصلاحات»، فإن ما لمسته وتبلغت به الوفود اللبنانية التي شاركت في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، هو أن مدة السماح لتنفيذ المطلوب لا تتجاوز بضعة أشهر.
هكذا أقرّ مجلس النواب سريعاً التعديلات على قانون السرية المصرفية، وفي الإطار نفسه، انطلقت في لجنة المال والموازنة النقاشات في مشروع قانون «معالجة أوضاع المصارف».
لم تخلص هذه النقاشات في يومها الأول إلى نتيجة، باستثناء أن هناك وجهات نظر متعدّدة ومتباينة إزاء التعاطي مع مشروع قانون يربط نفسه بصدور قانون آخر ليس موجوداً بعد.
يقول نواب في لجنة المال والموازنة، إن النقاشات كانت مفتوحة لكل من أراد اقتطاع جزء من القانون وإبداء رأي فيه، إلا أن أبرزها كان يتعلق بالمسألة المرتبطة بالمادة الأخيرة التي تنصّ على أن هذا القانون ينشر ويعلّق تنفيذه «إلى حين إقرار ونشر قانون معالجة الفجوة المالية الذي يسمح بإعادة التوازن للانتظام المالي في لبنان».
إذاً، كيف يمكن أن يناقش قانون وينشر ويعلق تنفيذ بنوده لحين إقرار قانون آخر ليس موجوداً؟ هذه الصيغة غير المسبوقة في التعامل من الحكومة مع مسائل حساسة ودقيقة مثل قانون معالجة أوضاع المصارف، أربكت النواب ووصفها عدد منهم بأنها «عيب تشريعي».
اقترح بعضهم تعليق النقاش لحين وصول قانون معالجة الفجوة من الحكومة إلى المجلس النيابي لدرس الاثنين معاً، فيما اقترح آخرون، أن يتم درس هذا المشروع على ألا يقرّ نهائياً إلى حين يصل مشروع القانون المتعلق بالفجوة المالية لإقرارهما معاً.
عدد آخر من النواب اقترح أن تتم مناقشة هذا القانون على أن يكون النقاش مرتبطاً بمهلة زمنية قد تمتد لسنة، وغايتها أن يكون مشروع القانون الآخر قد وصل إلى مجلس النواب.
لم يصل النقاش إلى أي نتيجة واضحة، ولكن الواضح أن رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان ينوي مواصلة النقاش في مواد مشروع قانون المعالجة لأوضاع المصارف بنداً بنداً، فيتم إقرار ما يمكن إقراره منه، ثم تعلّق المواد الباقية المرتبطة بمشروع قانون الفجوة المالية لحين وصول مشروع الحكومة.
وقد برّر الأمر بأنه لا يجب أن يتوقف عمل مجلس النواب في هذا الوقت، ولكن لغايةٍ موضوعية، لا يمكن النقاش في البنود التي ترتبط بقانون آخر.
وزير المال ياسين جابر، الذي حضر الجلسة، لم يكن لديه تعليق على هذا النقاش، بل اكتفى بالإدلاء بنتائج زيارته إلى واشنطن مشيراً إلى أنه لاقى ترحيباً وإيجابية في التعامل مع لبنان، ولا سيما بعد إقرار التعديلات المطلوبة على السرية المصرفية، معتبراً أن هذا الأمر قدّم انطباعاً جيداً وإشارة إيجابية لما يمكن أن يقوم به لبنان في التعامل مع الإصلالحات المطلوبة منه دولياً.
وستعقد الجلسة الثانية لاستكمال مناقشة هذا القانون يوم الإثنين المقبل، على أن يحضر في هذه الجلسة حاكم مصرف لبنان كريم سعيد (كان مسافراً ووصل مساء أمس إلى بيروت) ويدلو بدلوه بشأن هذا القانون وعلاقته مع قانون الفجوة المالية، أو ما يمكن تسميته قانون إعادة التوازن إلى القطاع المالي.
خطّة سعيد يجب أن تحظى بموافقة المصارف
كان لافتاً أن يصدر حاكم مصرف لبنان كريم سعيد بياناً يردّ فيه على تقارير إعلامية تفيد بأنه مسؤول عن الإعداد لمشروع قانون الإعادة للتوازن إلى القطاع المالي.
لكن البيان خلط تماماً بين إعادة هيكلة المصارف وبين قانون إعادة التوازن المالي في خطوة محرجة لجهة تناقش موضوعاً بهذه الدقة والحساسية. فإعادة الهيكلة تمّت ترجمتها في قانون «معالجة أوضاع المصارف» الذي يُناقش في لجنة المال والموازنة بعدما أقرّته الحكومة، أما مشروع إعادة التوازن، الذي يمكن تسميته مشروع «توزيع الخسائر»، فهو المقصود ببيان سعيد عن أن مصرف لبنان بصدد إعداده.
أما النسخة التي سيعدّها سعيد، فستكون «موضوع نقاشات ومراجعات من قبل صندوق النقد الدولي ورئاسة الحكومة والوزارات المعنية، وبعض المستشارين الرئاسيين المنتَقين، إلى جانب عدد من المستشارين الماليين الدوليين ذوي الخبرة في إدارة الأزمات المصرفية النظامية حول العالم» كما ورد في البيان.
ولفت إلى أنه لن تكون هناك «خطة واحدة من مصرف لبنان» تُفرض للتنفيذ، بل سيكون هناك مقاربة مرنة ينبغي أن تحظى بدعم كل الأطراف المعنية وموافقتها «بما في ذلك الدولة، مصرف لبنان، المصارف التجارية، مع إعطاء الأولوية لسداد الودائع لصغار المودعين وإعادة رسملة المصارف تدريجياً».