الأخبار _ معايير الترشح للانتخابات البلدية: «القراءة والكتابة» لا تكفيان
25 نيسان 2025

الأخبار _ معايير الترشح للانتخابات البلدية: «القراءة والكتابة» لا تكفيان

زينب حمود


كيف يكون حال بلدة ما عندما يكون رئيس بلديتها جاهلاً بأهم المسائل القانونية والإدارية والهندسية، ورئيسها غير مطّلع مثلاً على القانون البلدي، و«يتبلكم» عندما تسأله عن صلاحياته ومسؤولياته، ويعجز عن إبداء رأيه في مشروع للبلدة أو مخطط توجيهي... يحصل هذا كلّه بالفعل، خصوصاً في القرى الصغيرة والنائية، في ظلّ قانون بلدي لا يفرض على المرشح غير إجادة القراءة والكتابة.

من هنا، يميّز رئيس بلدية كفر ملكي المحامي فاروق حمّود بين بلدية وأخرى. فإلى الظروف المادية والسياسية والأمنية، «يلعب الرئيس وأعضاء المجلس البلدي دوراً أساسياً في نجاح عمل البلدية وتفوّقها، لأنّ رئاسة البلدية في ظلّ الظروف الصعبة التي يمرّ بها البلد اليوم، تتحوّل من منصب زعامي بحت لتحل محلّ الدولة ومؤسساتها. صحيح أنّ الأزمات المالية تنخر جسم البلديات وتعيق عملها، ولكنّ القائد القوي يعرف كيف يعمل في ظروف صعبة ويبتكر الحلول مثل استجداء الهبات وتقديم أفكار لحلّ الأزمات محلياً».

وإلى المعيار العلمي والحد الأدنى من الشهادات، يعدّد حمّود المعايير التي يُستحسن أن يتمتع بها رئيس «الحكومة المصغّرة» من أجل إحلال النظام وإدارة المشاريع والتصدّي للمشكلات، وهي «الكفاءة التي يراكمها عبر الخبرات السابقة، ومهارات الإدارة، والعلاقات العامة الاجتماعية، عدا عن صفات لها علاقة بالتواضع للاستماع إلى الناس، وتحمّل المسؤولية، وأن يكون طموحاً وخلاقاً ومبدعاً». ويشير في هذا الإطار إلى أنّ «هذه المعايير قد لا تجتمع في شخص الرئيس بل يشارك فيها أعضاء المجلس، وقد يحكم الولاء السياسي وصول المرشحين في كثير من الأحيان، ولكن لا ضير أن تختار الأحزاب الأجدر والأنسب فيها، وتدرس السير الذاتية للمرشحين للتوفيق بين الانتماء والولاء الحزبي والمواصفات الشخصية».

من جهته، يرى وزير الداخلية السابق زياد بارود أنّه من «الناحية الديموقراطية قد يعدّ البعض اشتراط معيار حيازة شهادة جامعية تقييداً لحرية الترشح. لكن، في رأيي عندما تكون هناك مهمات تنفيذية في موقع المنتخَب، من الواجب وضع شروط لها علاقة بالتحصيل العلمي، علماً أنّ قسماً كبيراً من المهمات يتطلب دراسة القانون والهندسة، ولا يمكن اشتراط وصول مهندس أو محامٍ إلى المنصب، وإن كانت هذه الحال في عدد كبير من البلديات، كما لا يمكن اشتراط تخصص مهني معيّن للترشح بل طلب الحد الأدنى من الشهادة الجامعية. أما المعايير الثانية التي لها علاقة بالكفاءة والجدارة والصفات الشخصية، فلا يمكن قياسها لتكون شرطاً للترشح».

اقترح زياد بارود عام 2010 إضافة شرط حيازة المرشح لرئاسة البلدية شهادة جامعية


وسبق أن اقترح بارود عام 2010 ضمن مشروع قانون التعديل لقانون الانتخابات البلدية والاختيارية وفي إطار تنفيذ الإصلاحات، إضافة شرط حيازة شهادة جامعية لشخص الرئيس، «لأن القانون البلدي تحديداً في المادة 74 وما يليها يحدد صلاحيات لشخص الرئيس ومهمات تتطلب العلم والمعرفة في بعض الأمور. والمرسوم الاشتراعي الرقم 118 الصادر عام 1977، ينصّ على تولي رئيس البلدية السلطة التنفيذية في البلدة».

تبقى هناك إشكالية أمام إجراء هذا التعديل تتمثّل في آلية انتخاب الرئيس بموجب قانون البلديات بنسخته المعدلة عام 1997 والتي تقوم على التصويت للائحة كاملة للمجلس البلدي ثم ينتخب الأعضاء الفائزون الرئيس، عندها يصعب اشتراط صفة معينة بين الأعضاء للوصول إلى الرئاسة. لذلك، «اقترحتُ في القانون نفسه تعديل الآلية اقترح زياد بارود عام 2010 إضافة شرط حيازة المرشح لرئاسة البلدية شهادة جامعية
والاقتراع مباشرة للرئيس ضمن اللائحة التي يختارها الناخب، وهكذا يشارك الناخب في اختيار الرئيس الذي يمثله بدلاً من أن يختاره أعضاء المجلس وفقاً لمعايير خاصة قد لا تناسبه».

ويسود رأي بين متابعي الشأن البلدي بضرورة تقصير مدة ولاية المجلس البلدي إلى ما دون 6 سنوات، مع شبه إجماع بين مناصري هذا الرأي على ولاية من 5 سنوات، ويعزو حمّود ذلك إلى «استنزاف رئيس البلدية واستهلاك طاقاته وأفكاره الإبداعية، عدا عن أهميّة التجديد وإدخال دمّ جديد إلى المجلس في ظلّ التطور السريع الذي يحصل في العالم».

إلى جانب رأي ينادي بمنع ترشّح الشخص نفسه لأكثر من ولايتين أو ثلاث في المدن الكبرى كما يحصل في بعض دول الخارج. في رأي بارود، «تبقى المشكلة الأكبر في تأمين واردات كافية لتمارس المجالس البلدية مهماتها وإعادة النظر في الرقابة الإدارية المفروضة عليها، فعندما كنت وزيراً للداخلية صُدمت كيف يصادق وزير الداخلية على قرار اتخذه المجلس البلدي بشأن التعويضات، في إطار الرقابة على الإنفاق».

ويشكو رؤساء البلديات من هذه الرقابة مطالبين بـ «تخفيفها وإعادة النظر في شكلها وتوسيع صلاحيات رئيس البلدية»، لأن «البيروقراطية والعودة إلى المحافظ عند شراء دولاب للآلية مثلاً يعرقلان عمل الرئيس، فالعملية تتطلب وقتاً وأحياناً تكون الأمور بحاجة إلى بتّ سريع»، كما يقول حمود. من جهته، يلفت بارود إلى أنه «خلافاً لما يظنه البعض عن وصاية مفتوحة على البلديات، ينصّ القانون على الرقابة في مواضيع محددة، تحتاج إلى مصادقة».

ويقترح في هذا الإطار، «التوجّه إلى رقابة لاحقة غير مسبقة بما يخفّف من الروتين الإداري الذي يعرقل سير العمل، غير أنّ البلدية كسلطة منتَخَبة يجب أن تتمتع بصلاحيات أوسع. وعندما تقع المخالفة أو سوء استخدام المال العام يجب أن ترتبط آليات المحاسبة بالقضاء وليس بالمحسوبيات السياسية».

يلفت بارود إلى أنه فات الأوان لإحراز أي إصلاح في الانتخابات البلدية الحالية، «فاقتراح تعديل القانون البلدي سبق الاستحقاق بأشهر، ولكنه لا يزال حتى الآن في جوارير مجلس النواب». إلا أنه في اليوم الثاني للاستحقاق الانتخابي يجب أن ينطلق النقاش حول إصلاح القانون البلدي لعلّ الانتخابات البلدية اللاحقة تضمن وصول الأجدر بين المرشحين وتمثيلاً صحيحاً للناخبين وتعزيزاً للديموقراطية.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen