الديار: مطار القليعات المنسي..
جهاد نافعتساؤلات محيرة في عكار والشمال، وعلامات استفهام كبيرة تدور في مخيلة الناس حول الاسباب الحقيقية المانعة لتشغيل مطار القليعات في سهل عكار، رغم موقعه الاستراتيجي من جهة، وما يوفر من عائدات مالية واقتصادية وفرص عمل من جهة ثانية.
اموال هائلة هدرت، ولا تزال تهدر على ما ليس له مردود مالي كبير لخزينة الدولة، فيما مطار القليعات يبقى طي النسيان والاهمال، وكأن قرارا ما اتخذ لغض النظر وتهميشه، في خطة الاستمرار في اهمال عكار ومنع نموها الاقتصادي والتجاري.
ثمة قائل ان "فيتو" سياسي يحول دون تشغيله، او لاسباب مالية، وما خفي أعظم. ولطالما صدرت مطالبات ملحة لتشكيل الهيئة الناظمة للطيران المدني، حينئذ تتولى الهيئة ملف المطار، بانتزاعه من ادراج وزارة الاشغال وفرض العمل على تشغيله.
وفق دراسات مؤسسة "إيدال" أن كلفة تشغيل المطار قدرت بـ 90 مليون دولار، وهو مبلغ زهيد، مقابل المتوقع من عائدات المطار الاقتصاديّة.
ولا يخفى على احد ان مطار القليعات يستوفي شروط استقبال الطائرات ذات الحجم الكبير، وثمة إمكان لتوسيع المدارج من 3200 متر إلى 4000 متر.
عراقيل عديدة واجهت تشكيل الهيئة الناظمة، ابرزها عقبات طائفية على خلفية موقع رئيس الهيئة في اطار توزيع الحصص الطائفية. اما التمويل فسبق ان أكد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي انه يمكن تأمينه من استثمارات داخلية وخارجية، وان الصين كانت مهتمة في بدء الأمر، لولا "فيتو" السياسة الذي عرقل المشروع كله.
والمعروف ان مطار القليعات يتمتع بافضل المواصفات كمطار مدني، نظرا لمدارجه الطويلة المستوفية للشروط الدولية (3 كيلومترات)، ويمكن للطائرات الضخمة، كبوينغ وإيرباص، الهبوط فيها.
وكان صدر في العام ٢٠١٢ مشروع حكومي قضى بتحويل المطار الى مطار مدني، لكنه بقي حبرا على ورق. وفي الوقت الراهن يحتاج المطار الى توسيع ساحاته التي لا تتسع لأكثر من 10 طائرات، ويحتاج الى معدّات تقنية مثل الرادارات، أجهزة مراقبة، أجهزة لهبوط الطائرات، تجديد الإنارة، واستحداث قاعات لاستقبال المسافرين، بالإضافة إلى تأمين مخازن للفيول، لأن الطائرات المدنية تحتاج إلى كميات أكبر مقارنة بتلك العسكرية، والمخازن الموجودة حاليا لا تكفي، كما يحتاج الى تنظيف الساحات والمحيط من الاعشاب.
وتجمع جميع الاوساط ان تشغيل المطار يوفر آلاف فرص العمل لأهل عكار والشمال، عدا الآفاق الاقتصادية التي تتوافر في المجالات التجارية والزراعية والسياحية. ويبقى تشغيل المطار حلما عكاريا وشماليا طال امده، رغم الوعود التي اغدقت في المواسم الانتخابية وتبخرت.
هناك من يعتقد ان في خفايا الامتناع عن تشغيل مطار القليعات اسبابا سياسية وامنية، وان جهات خارجية تضغط في هذا الشأن. ومن جهة ثانية، فان اهمية تشغيل المطار انه يوفر فرص عمل في انطلاقته الاولى ما يقارب 7 الآف فرصة عمل، وان هذه النسبة ستتصاعد سنويا لتقارب الـ 20 الف فرصة عمل، فيتحول محيط المطار في سهل عكار الى منطقة انمائية متقدمة، تجعل من عكار قاعدة اقتصادية على مستوى الشمال.
ومن اولى نتائج هذا المطار في حال تشغيله انه سيؤدي الى القضاء على البطالة في عكار، وهذا يعني اقفال كل منافذ استغلال الشباب من قبل السياسيين، سواء باستعمالهم ادوات انتخابية او ادوات في معاركهم المحلية وتوظيفهم في مشاريع امنية مشبوهة.
ولذلك، تقول فاعليات عكارية ان الطبقة السياسية لا مصلحة لها في تشغيل هذا المطار، الذي لا يحتاج الا الى قرار وزاري والى موازنة، بدلا من صرف الموازنات على مشاريع لا جدوى اقتصادية منها، كالجدوى الاقتصادية التي يوفرها مطار القليعات.
مواصفات المطار
يقع هذا المطار في نطاق بلدة القليعات العقارية في سهل عكار، وعلى مسافة امتار من الحدود اللبنانية - السورية وعلى الشاطئ العكاري، حيث يتمتع باهم المواصفات الفنية والتقنية التي يحتاج اليها اي مطار في العالم.
ويبعد هذا المطار عن طرابلس 25 كلم وعن بيروت 105 كلم، وكان سابقا ضمن ملكية شركة نفط العراق، قبل ان يصبح ملك الدولة اللبنانية وفق معاهدة الدفاع العربي المشترك، التي وقعت سنة 1967 اثر نكسة حزيران. وعملت الدولة على تأهيله وحولته الى مطار عسكري، وضم بضع طائرات حربية فرنسية عرفت بطائرات الميراج التي اصبحت خردة غير صالحة للاستعمال.
خلال الاحداث اللبنانية تم تشغيل المطار للتواصل بين الشمال وبيروت، وكانت الطائرة الاولى التي استخدمت هي طائزة بوينغ 720 لطيران الشرق الاوسط، حيث نقلت 61 راكبا من الشمال الى بيروت، وتم تسيير ثلاث رحلات اسبوعيا، ثم اصبحت رحلتين يوميا.
وكان سعر التذكرة ذهابا وايابا 28 الف ليرة للدرجة الاولى، و20 الف ليرة للدرجة السياحية. وقدر عدد المسافرين يوميا الذين استخدموا المطار بـ 300 راكب.
لا يبعد مطار القليعات عن الحدود سوى 7 كلم، ومساحته تبلغ 5.5 ملايين متر مربع، تتألف من 3.25 ملايين متر مربع للقسم الجنوبي. و2.25 مليون متر مربع للقسم الشمالي حيث المنطقة الاستثمارية وجرى ربطه بشبكة طرق دولية ساحلية وداخلية.
وموقع المطار يكسبه قدرة على مواجهة العوامل المناخية المختلفة وخاصة العواصف، ومنع في محيطه نشوء مبان كيلا تعيق حركة الطيران، بحيث تستطيع الطائرات الاقلاع والهبوط بسهولة دون الحاجة الى مرشد. والمطار مجهز بـ ج .ج. ا. الذي يسهل هبوط الطائرات حتى في اسوأ الاحوال الجوية.
يبلغ طول المدرج ٣٢٠٠ متر ، ويمكن تطويره ليصبح ٤٠٠٠ متر، اما عرضه ف 60 مترا، ويحتوي ايضا على ابنية ومنشآت ومستودعات وقود وهنغارات واجهزة اتصال ورادارات.
وحسب المصادر ان المطار يشمل منطقة حرة مساحتها 500 الف متر مربع، من شأنها ان تنشط الحركة التجارية والزراعية والسياحية في عكار والشمال.
بحسب الدراسات، فقد طرح مشروع تطويره على طريقة bot ، حيث تبلغ الكلفة حوالى 90 مليون دولار، وقدرت عملية التأهيل للمرحلة الاولى من مدارج ومنشآت وتجهيزات ب 54 مليون دولار، ومردوده المالي للمستثمر متوقع بنسبة 25 % لفترة استثمار لمدة 30 سنة. ولذلك من المهم جدا اعتماده كمطار تجاري، بالاضافة الى كونه مطاراً عسكرياً، وافتتاحه ضروري للنقل الداخلي والتجاري مع الخارج