أصدر البنك الدولي مشروع المساعدة الطارئة في لبنان، وهو «مشروع يدعم الترميم العاجل وإعادة بناء البنية التحتية الحيوية المتضررة والخدمات الأساسية والإدارة المستدامة للأنقاض» بحسب البنك. يحتاج هذا المشروع إلى تمويل يبلغ نحو مليار دولار وهي غير متوافرة حالياً. لذا، خصّص البنك الدولي للاحتياجات الأكثر إلحاحاً، قرضاً للبنان من «صندوق التمويل الأوّلي» بقيمة 250 مليون دولار يتوزّع على أربعة عناصر أساسية، من بينها 10% تذهب لكلفة إدارة المشروع. أما الباقي، أي 225 مليون دولار، فهو المبلغ الذي سيقترضه لبنان من أجل تغطية جزء يسير جداً من الحاجات والأولويات.

ويأتي ذلك، رغم أن الاعتماد على المصادر المحلية، أي من حزب الله مباشرة، أظهر فعالية أكبر في عملية الترميم الجزئي والإنشائي وتسديد كلفة الإيواء وبدلات الأثاث، إذ سدّد الحزب حتى الآن أكثر من 800 مليون دولار، أي 3.2 أضعاف ما يقدّمه البنك الدولي من قرض مشروط. كما إن البلديات وفّرت سلّة واسعة من الحاجات الأولية بعد الحرب، سواء ما يتعلّق برفع الركام أو بتأمين الخدمات الأساسية للعائدين إلى المناطق التي لم تتضرّر بشكل كبير.

يعتمد البنك الدولي على مجلس الإنماء والإعمار، لتنفيذ جميع عناصر المشروع، بحيث سيتم إنشاء وحدة إدارة مشروع مخصّصة داخل المجلس، ما يعني أن الأموال ستكون في يد هذا المجلس. وهذا الأمر هو ضمن أحد الشروط الأساسية التي فرضتها الجهات الأميركية على لبنان من أجل تسيير مشروع القرض، كما تبلّغ به أيضاً وزير المال من ممثلي صندوق النقد الدولي في زيارتهم الأخيرة إلى لبنان.

يقسّم البنك الدولي خطّة إنفاق الـ250 مليون دولار إلى أربعة عناصر:
- العنصر الأول هو عنصر الاستجابة الفورية. وبحسب تقديرات البنك يحتاج إلى تمويل بقيمة 60 مليون دولار لا يتوافر منها سوى 30 مليون دولار من قرض البنك الدولي. وسيخصّص هذا المبلغ لتأمين بيئة تُسهّل عملية العودة إلى الوضع الطبيعي، إضافة إلى التعافي. ومن ضمن هذه الإجراءات وضع خطة متكاملة للردم الناتج من الحرب، وهي سلسلة تبدأ برفع الأنقاض ثم نقلها إلى مواقع مؤقتة حيث تخضع لعملية فرز، وأخيراً إعادة استخدام وتأهيل مواقع المحاجر القديمة عبر عمليات الردم وما إلى ذلك. كما قد تكون هناك حاجة إلى تدابير استجابة لتقليل الأضرار التي تلحق بالتراث الثقافي، وحماية الناس من المباني المتضررة بشدّة، وإعادة المباني المستخدمة لاستضافة اللاجئين إلى غرضها الأصلي، إضافة إلى إعداد إستراتيجيات وخطط حاسمة.

سدّد حزب الله أكثر من 800 مليون دولار لتغطية كلفة الإيواء والترميم

- العنصر الثاني هو «التعافي السريع للخدمات الأساسية والبنية التحتية الحيوية». وبحسب تعريف البنك الدولي، هذا يتضمّن مهمات الإنقاذ والبحث (وهو أمر متأخّر الآن بعد انتهاء الحرب بنحو 5 أشهر)، إضافة إلى الإدارة العامّة، وتأمين المياه والمأوى والخدمات الصحية والتعليم والطاقة والاتصالات والخدمات الاجتماعية. يُقدّر البنك الدولي أن كلفة هذا العنصر تبلغ 645 مليون دولار، لكن ما سيخصص من القرض يقتصر على 195 مليون دولار.

يمكن الفصل في هذا العنصر بين أمرين مهمين؛ الأوّل، إعادة الخدمات الأساسية التي يفترض أن تقدّمها الدولة، وهو ما يحتاج، بحسب تقديرات البنك الدولي، إلى 420 مليون دولار متوافر منها 175 مليون دولار. وهذه الخدمات تتضمن الكهرباء والماء والصحة والتعليم وغيرها. هذا العنصر يتضمّن إعادة هذه الخدمات في أسرع وقت ولو بشكل مؤقّت حتى يتم ترميم البنى التحتية الأساسية لهذه الخدمات بشكل مستدام.

وفي هذا العنصر يقول البنك الدولي إن الأولويات للعمل على هذه الخدمات الأساسية ستكون أولاً للمناطق التي شهدت أضراراً قليلة، لأن العودة إلى هذه المناطق كانت سريعة والناس الذين عادوا إلى مناطقهم يحتاجون إلى هذه الخدمات بشكل عاجل أكثر من المناطق التي تعرضت لأضرار كبيرة جداً وهي غير قابلة للحياة. كما الأولوية تذهب إلى المناطق ذات التركّز السكاني المرتفع. وأخيراً، الأولوية تذهب أيضاً إلى المناطق التي كانت تملك حركة اقتصادية أكبر قبل الحرب. الثاني، هو ترميم البيوت. وهو العامل الأساسي لعودة الناس إلى مناطقها.

يتعامل هذا العنصر من الخطّة مع الأضرار الطفيفة فقط، بما يُقدّر بنحو 20 مليون دولار متوافرة من البنك الدولي، على أن يُستهدف أصحاب المنازل المتضررة الفقراء كأولوية، بحيث يتوقّع البنك الدولي أن 40% من الـ43200 منزل المتضررة بشكل طفيف هم من الفقراء، وسيأخذ كل بيت مساعدة أقصاها 1000 دولار للأسرة. عملياً هذا المبلغ غير كافٍ للحديث عن إعادة مساكن، علماً أن جزءاً كبيراً من البيوت المتضرّرة بشكل طفيف ومتوسط قد تلقّى بالفعل تعويضاً من حزب الله بعد الحرب. ويبقى تقدير البنك الدولي أن هذه العملية ستحتاج إلى 205 ملايين دولار تضاف إلى الـ20 مليون دولار.

- العنصر الثالث، « إعادة بناء البنية التحتية الحيوية والخدمات الحيوية بشكل مستدام وقوي». يُقدّر البنك الدولي أنه يحتاج إلى 270 مليون دولار يتوافر منها من القرض نحو 15 مليون دولار. علماً أنه، بحسب البنك الدولي، يحتاج إعادة إعمار البنى التحتية بشكل تام إلى نحو 2.4 مليار دولار، لكن هذه العملية تحتاج إلى وقت طويل، وهذا البرنامج يستهدف المساعدات السريعة والطارئة. وهذا العنصر ينقسم إلى قسمين؛ الأوّل يتعلّق بدراسات الجدوى والتصميمات، إضافة إلى خدمات استشارة لمشاريع ترميم البنى التحتية والخدمات الأساسية. ويقدّر البنك أن هذا القسم يحتاج إلى نحو 20 مليون دولار، متوافر منها 15 مليون دولار من البنك الدولي. أما القسم الثاني فيعنى بإعادة إعمار البنى التحتية والخدمات الأساسية التي تُصنّف تحت الأولوية القسوى.

- العنصر الرابع، يتعلّق بإدارة المشروع، وهو ما يحتاج إلى تمويل بقيمة 25 مليون دولار يتوافر منها عبر القرض نحو 10 ملايين دولار. سيموّل هذا العنصر الخدمات الاستشارية وغير الاستشارية والتدريب وتكاليف التشغيل لدعم وحدة إدارة المشروع في أنشطة الإدارة والتنفيذ في إطار المشروع.