الأخبار _ عكار تفتتح موسم الانتخابات: محاولات تغليب التوافق لا تمنع المعارك العائلية
نجلة حمود
مع تحديد وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار مواعيد إجراء الانتخابات البلدية في أيار المقبل، بدأت الاستعدادات للاستحقاق في محافظة عكار (134 بلدية موزّعة على ست مناطق مترامية الأطراف تفصل بينها مسافات طويلة وهي: ساحل وجرد القيطع، حلبا والشفت، الجومة، الدريب الأوسط والأعلى، نهر الأسطوان، والسهل)، مع توقّع منافسات حادّة في ظل خصوصيات محلية وعائلية تبدو أقوى من التوجهات الحزبية، ما يجبر القوى السياسية في بلدات عدة على التلطّي خلف العائلات لتحقيق مكاسب خاصة أو لتصفية حسابات قديمة.
ولأنّ عاماً واحداً فقط يفصل الانتخابات البلدية عن تلك النيابية، تفضّل القوى السياسية تفادي المعارك المناطقية الصغيرة وتجنّب الدخول على خط الصراعات العائلية التي تترك انعكاساتها على الاستحقاق النيابي. فيما تنشط محاولات تغليب التوافق، ولو بين قوى لم يكن بينها يوماً سوى معارك طاحنة، كالتيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» والحزب السوري القومي الاجتماعي. وفيما ينجح التوافق في بعض البلدات، تأخذ المنافسة مداها في بلدات أخرى.
حلبا: معركة تكريس الزعامة العائلية
لم يسبق لحلبا، مركز المحافظة، أن خاضت يوماً استحقاق الانتخابات في أجواء توافقية، إذ عادة ما تختلط السياسة بالعائلية والإنماء في المدينة التي يبلغ عدد ناخبيها حوالي تسعة آلاف، وحيث تدور المنافسة بين العائلات الكبرى (الحلبي، اليوسف، حمود، يعقوب، طراف، متلج، قدور، عبيد، الأشقر...).
أموال المغتربين ترجح
كفة التوافق في عدد
من البلدات العكارية
ورغم أن الناخبين يقدّمون بغالبيتهم الولاءات العائلية على ما عداها من التزامات حزبية أو سياسية، تتميز حلبا بتعدد الأطياف السياسية وإن بأحجام متفاوتة، على رأسها تيار المستقبل الذي «يمون» على معظم «الحلباويين».
وللحزب الشيوعي مكانته العتيقة ويُعد الأكثر تنظيماً، وتصب أصواته (حوالي 250 صوتاً) بلوكاً واحداً، إضافة الى الحزب السوري القومي الاجتماعي، إضافة إلى ثلاثة آلاف صوت مسيحي تتوزع بين التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية»، و200 صوت من «النوَر» المجنّسين الذين يحتدم الصراع عليهم من قبل جميع الأطراف كونهم يشكّلون بيضة القبان.
تنحصر المعركة الانتخابية في حلبا بين ثلاث لوائح، يرأس الأولى رئيس البلدية السابق رئيس الاتحاد السابق سعيد شريف الحلبي، ويرأس الثانية ابن شقيقه عبد الحميد أحمد الحلبي. ولائحة ثالثة غير مكتملة يرأسها سليمان خالد الحلبي.
وتستعد بلدات برقايل وجديدة القيطع وعيون الغزلان لمعارك طاحنة بين المكوّنات العائلية، وكذلك ببنين، كبرى بلدات عكار (21 عضواً)، التي تستعد لدخول المعركة بثلاث لوائح مكتملة: تضم الأولى تحالف الجماعة الإسلامية برئاسة غسان السبسبي، ويرأس الثانية المختار زاهر الكسار، والثالثة الرئيس الحالي محمود جوهر. ويُتوقع أن تشهد البلدة التي تضم 18 ألف مقترع معركة شرسة ستكون للعائلات، ومن خلفها الأحزاب، الكلمة الفصل فيها.
وقطعت بلدة برج العرب مسافة طويلة نحو التوافق على تقاسم المجلس البلدي مناصفة بين رئيس البلدية الحالي عارف شخيدم والمحامي علي رحيل. أما في بلدة وادي الجاموس فتبدو المعركة محسومة لصالح الدكتور رامي عكاري على الرئيس الحالي الشيخ خضر عكاري الذي لم يتمكن من تشكيل لائحة بعد.
الجومة
للانتخابات البلدية في منطقة الجومة ــ عكار التي تضم 18 بلدة خصوصية معينة بسبب كثرة اللاعبين على الساحة السياسية في المنطقة المتنوّعة طائفياً (8 بلدات مسيحية و8 إسلامية).
فهي منطقة نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس، وفيها حضور قوي لتيار المستقبل والتيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» والقوميين والشيوعيين ولنواب سابقين وحاليين.
وبما أن السياسة حاضرة بقوة في المنطقة، من المتوقّع أن تشهد غالبية البلدات معارك ضارية. وتتحضّر بلدات: تكريت، عكار العتيقة، عيات، بزبينا، بيت ملات، جبرايل، البرج، لمعارك قاسية تُستحضر فيها الخلافات العائلية. أما رحبة، بلدة النائب الحالي سجيع عطية ومرشح القوات السابق للنيابة وسام منصور، فلم تحسم قرارها بعد بإحلال التوافق، علماً أن للشيوعيين والقوميين حيثية تمثيلية مهمة فيها، إضافة إلى الحيثية الخاصة لرئيس البلدية رئيس الاتحاد السابق فادي بربر الذي يبدو الأقوى لجهة فرض خياراته الانتخابية.
في بلدة بينو، مسقط رأس فارس، هناك مساعٍ جدية للتوافق بمباركة من الأخير الذي يعد بدعم المجلس البلدي في حال تجنيب البلدة معركة انتخابية. وفي حال عدم التوافق على المحامي ربيع جروج، ستكون المعركة محصورة بين رئيس البلدية السابق فايز الشاعر و«القوات اللبنانية» من جهة، وكارول فارس والتيار الوطني الحر من جهة أخرى.
معركة الفلاحين والآغوات في البيرة
للمعركة الانتخابية في بلدة البيرة، كبرى بلدات الدريب الأوسط (حوالي 5 آلاف ناخب)، حيثيتها الخاصة التي تجعل من الاستحقاق الانتخابي حدثاً يستدعي المتابعة والاهتمام من كل عائلات البلدة ومكوّناتها، كما يشكل أي استحقاق انتخابي فيها مناسبة لاستحضار الصراع الطبقي بين الفلاحين والآغوات، والفرز العائلي تحت غطاء سياسي شفّاف.
ومن المفترض أن تكون المنافسة بين لائحة العائلات برئاسة ابن رئيس البلدية الحالي أحمد وهبي وبدعم ومشاركة رئيس اتحاد بلديات الدريب الأوسط السابق عبود مرعب، ولائحة يدعمها الشيخ محمد عوض واللواء عدنان مرعب.
ويُتوقع أن تشهد غالبية بلدات الدريب الأوسط، وتحديداً الكواشرة وكوشا وعمار البيكات وخربة شار والمجدل والسنديانة (ذات الغالبية السنية) معارك عائلية داخل التيار الواحد.
وتمتد المواجهة إلى بعض البلدات المسيحية وتحديدا بلدتي الجديدة وعندقت اللتبن تتحضران لخوض معارك قاسية، يؤكد التيار الوطني الحر الوقوف فيها على الحياد وترك الأمور للعائلات لتقرر مرشحيها.
وتكثر اللقاءات في كبرى البلدات المسيحية في منطقة الشفت، بهدف تقريب وجهات النظر والتشاور مع بقية القوى، وهذا ما يظهر جلياً في بلدة منيارة، حيث تم التوافق على لائحة يشترك فيها الجميع إلى جانب رئيس البلدية الحالي أنطون عبود المحسوب على الحزب القومي.
القبيات ومشمش إلى التوافق
«شرارة التوافق» انطلقت من القبيات، كبرى البلدات المارونية في عكار، والتي يبلغ عدد ناخبيها 12 ألفاً، والتي شهدت طوال السنوات الماضية معارك طاحنة بين الناخبين الأقوى، التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية»، إضافة إلى حيثية آل حبيش وآل الضاهر.
إلا أنها هذا العام تمكنت من إحلال التوافق بين كل من النائب جيمي جبور والنائب السابق هادي حبيش وحزب القوات اللبنانية ممثّلاً بالدكتور إيلي الزريبي، وفاعليات العائلات، على المرشح ميشال عبدو نجل الرئيس الحالي عبدو عبدو، والذي وقع عليه الخيار بسبب الحيثية التي يتمتع بها وتجعله مقبولاً من الجميع، كما تمّت مناقشة عدد من المشاريع الإنمائية التي ستكون ضمن البرنامج البلدي للائحة التوافقية التي سيتم الإعلان عنها بعد التوافق على أعضاء ممثّلين لأغلب شرائح المجتمع القبياتي وأحيائه.
التوافق الثاني، شهدته بلدة مشمش في منطقة جرد القيطع، حيث نجحت الفاعليات والمغتربون في تجنيب البلدة معركة كسر عظم بين عائلات: بركات، قمر الدين، الحرابتة، العس، طالب، الحولي.
وجاء التوافق بتشجيع المغتربين من أبناء البلدة المقيمين في أستراليا (حوالي الـ5 آلاف ناخب)، حيث قدّم رجل الأعمال سرحان بركات خلال الاجتماع 150 ألف دولار للمجلس البلدي كهدية للتوافق، كما أقدمت بقية المغتربين على دعم البلدية التوافقية، فأعلنت عائلة قمر الدين تبرّعها بمبلغ 320 ألف دولار، ووعد آخرون بتأمين مبالغ يصل مجموعها إلى مليوني دولار.
وحمّل المرشح السابق للانتخابات النيابية محمد بدرا ، الذي خاض عملية التوافق بكل تفاصيلها، خلال احتفال إعلان التوافق، كل من يترشح مسؤولية خسارة المساعدات والمشاريع الإنمائية المقدّمة من المغتربين، وتمّ تكليف الشيخ محمود إسماعيل برعاية التوافق والتنسيق مع العائلات التي تقوم بتسمية ممثّليها في المجلس.
«عدوى المغتربين» في مشمش انتقلت إلى البلدات المجاورة، حيث أعلن المغترب أسامة الرفاعي التبرع بـ 200 ألف دولار أسترالي للمجلس البلدي في بلدة القرقف في حال التوافق على لائحة موحّدة، خصوصاً أن الأجواء في البلدة مشحونة للغاية، إذ إن رئيس بلديتها يحيى الرفاعي هو من ارتكب جريمة قتل الشيخ أحمد الرفاعي.
أما بلدة فنيدق، كبرى بلدات جرد القيطع (17 ألف ناخب) فتتريث في إعلان خياراتها الانتخابية، في ظل الانقسام الحاد بين الأقطاب السياسيين الأساسيين وبسبب كثرة اللاعبين.
فهي بلدة مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا، ويخوض إلى جانبه كل الاستحقاقات منسّق عام تيار المستقبل رئيس اتحاد بلديات جرد القيطع عبد الإله زكريا، إضافة إلى حيثية النائب وليد البعريني، والجماعة الإسلامية والنائبين السابقين خالد زهرمان ومحمود المراد. وعلمت «الأخبار» أن اجتماعاً سيُعقد خلال اليومين المقبلين للبحث في إمكانية تجنيب البلدة معركة حامية في ظل الظروف الصعبة، إضافة إلى توجه المفتي زكريا لإصدار بيان يعلن فيه الوقوف على الحياد وعدم التدخل في الاستحقاق الانتخابي في كل البلدات.