الديار _ زيارة أورتاغوس: تعديل في الأسلوب مع إبقاء لبنان تحت سيف الإختبار الأميركي والعدوان
08 نيسان 2025

الديار _ زيارة أورتاغوس: تعديل في الأسلوب مع إبقاء لبنان تحت سيف الإختبار الأميركي والعدوان "الإسرائيلي "

محمد بلوط

الموقف اللبناني الموحّد يُبدّد الخطاب التهويلي... ويقطع الطريق على فكرة اللجان الديبلوماسيّة
تزيّنت الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس في زيارتها الثانية للبنان، بلغة ديبلوماسية غير حادة او فجة، عكس اللغة التي استخدمتها في زيارتها الاولى التي اتسمت بالتهديد المباشر والتلويح باستخدام اساليب القوة والتصعيد. وربما ان هذا الاسلوب من "التعامل اللبق" نسبيا خلال لقاءاتها مع رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، جعلهم يصفون اجواء المحادثات معها بانها كانت "بنّاءة وجيدة".

لكن ما قالته في اليوم الثاني من زيارتها امام الوزراء والمسؤولين الذين استدعتهم للقاء معها في عوكر، اتسم بلهجة التوجيه والاملاء، ما يستوجب طرح اسئلة عديدة حول حقيقة الجوانب البناءة الايجابية لهذه الزيارة، وترك علامات استفهام حول نتائجها والتطورات المقبلة .

ثمة تفسيرات متعددة ومتباينة حول اجواء ونتائج زيارة اورتاغوس، لكن الانطباع العام لدى الاوساط المتابعة والمراقبة، يفيد بان ما بعدها هو كما قبلها طالما ان الادارة الاميركية تطلق يد العدو "الاسرائيلي" بالاستمرار في خروقاته واعتداءاته حتى اشعار آخر .

ويلفت مصدر سياسي في هذا المجال الى ان الاعتداءات والخروقات "الاسرائيلية" التي سجلت في اليومين اللذين قضتهما الموفدة الاميركية في لبنان، والتي اسفرت عن سقوط المزيد ما الشهداء وجرح عدد آخر من المواطنين في الجنوب، هي ابلغ دليل على ان اورتاغوس لم تأت الى بيروت لتثبيت اتفاق وقف النار وتطبيق القرار ١٧٠١، او تسليك مسار تقديم المساعدات للبنان لاعادة الاعمار، بل جاءت باملاءات كانت ابلغتها سابقا للمسؤولين اللبنانيين، املاءات باتجاه لبنان مقابل اطلاق يد العدو واستمرار اعطائه الضوء الاخضر في ضرب اتفاق وقف النار والقرار ١٧٠١ بعرض الحائط.

ولم تكتف اورتاغوس في تجديد الموقف الاميركي المنحاز كليا "لإسرائيل"، بل لجأت ايضا الى استباحة كل اشكال السيادة والقرار السيادي اللبناني، بالمشهد المذل الذي تقصدت تظهيره في اجتماعاتها مع عدد من الوزراء والمسؤولين، والتخاطب معهم بفوقية متناهية تعزز مشهد الوصاية الاميركية .

وما يثير الاستهجان ان بعض الوزراء ممن اجتمعت معهم، اظهروا حماسا  منقطع النظير لتظهير الموقف الاميركي وتعميمه، وذهب احدهم تحت عنوان الموقف الشخصي الى الترويج لتعليمات وتوجيهات الموفدة الاميركية حول نزع سلاح المقاومة وحزب الله، متجاوزا كل الاصول والقواعد التي تلزمه التقيد بسياسة الحكومة اقله بالشكل، ومتخطيا مسؤولية وصلاحية رئيسها الناطق باسمها .

وفي تقويمه لنتائج زيارة اورتاغوس، يقول مصدر نيابي مطلع ان التهويل الاعلامي والسياسي الذي سبق الزيارة مورس، لاهداف عديدة ابرزها العمل من اجل تقديم لبنان مزيد من التنازلات، والضغط لنزع سلاح المقاومة وحزب الله. ويضيف المصدر ان الذي حصل خلال الزيارة هو ان اللهجة التي استخدمتها الموفدة الاميركية مع الرؤساء الثلاثة، اتسمت بشيء من الاعتدال، من دون التخلي عن توجيه التحذيرات، وان لم تستخدم التهديد المباشر .
 

وبرأي المصدر ان العنوان الاساسي لمهمة اورتاغوس، يندرج في اطار الموقف الاميركي وبنسبة معينة الموقف الاوروبي، الذي يتمحور حول نقطتين : السيادة بالمفهوم الاميركي و"الاسرائيلي" ايضا، الذي يكاد يكون محصورا بنزع سلاح حزب الله وتجريد لبنان من كل عناصر المنعة والقوة والمقاومة في وجه سياسة العدوان والغطرسة "الاسرائيلي"، وتحقيق الاصلاحات المالية والاقتصادية والادارية .

ويلفت المصدر الى ان النقطة الايجابية التي يجب التوقف عندها، هي الموقف اللبناني الرسمي الموحد الذي سجل خلال لقاءات اورتاغوس في بعبدا وعين التينة والسراي الحكومي، مشيرا الى ان الرؤساء الثلاثة نجحوا في ترجمة هذا الموقف الموحد بتنسيق جيد، بعد ان تفاهموا وتحضروا للزيارة .

ومما لا شك فيه ان ما يسجل ايضا في اطار الايجابيات، هو استبعاد طرح فكرة التطبيع مع العدو من قبل الموفدة الاميركية، لادراكه مسبقا سقوطها وفشلها، لكنها في الوقت نفسه لم تسقط نهائيًا الفكرة الاميركية بتشكيل ٣ لجان تفاوض ذات طابع ديبلوماسي بين لبنان و"إسرائيل"، لبحث تثبيت الحدود والمرحلة المقبلة، رغم انها ابدت اهتمامها بطرح الرئيس نواف سلام بتشكيل لجنة تقنية، واعتماد الديبلوماسية المكوكية التي اعتمدها سلفها اموس هوكشتاين .

ويخلص المصدر الى القول  صحيح ان موقف الرؤساء الثلاثة الموحد نجح في استيعاب العاصفة المحتملة لزيارة اورتاغوس، الا ان ما سمعوه منها يبقي لبنان تحت الضغط والاختبار الاميركي، ويؤخر تنفيذ كامل بنود اتفاق وقف النار، ويترك العدو مطلق اليدين في ممارسة اعتداءاته وانتهاكاته السافرة لسيادة لبنان".

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen