فرنجيّة ثابت .. من التّالي بعد أزعور؟
عبد الكافي الصمد
كما كان متوقعاً، لم يخرج الدخان الأبيض من قاعة مجلس النواب إيذاناً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وكانت النتيجة أنّ مصير الجلسة الـ12 التي عُقدت لهذه الغاية كان مثل مصير سابقاتها، وهو الفشل، منذ الجلسة الأولى التي عقدت في 29 أيلول من العام الماضي، ما ترك الفراغ الوحيد الذي يملأ كرسي الرئاسة الأولى منذ شغوره في 31 تشرين الأوّل الماضي.
غير أنّ الجلسة الـ12 التي اعتبرها كثيرون مفصلية، ما دفع النوّاب كافّة، أيّ الـ128 إلى حضورها للمرّة الأولى منذ الجلسة الأولى، نظراً للإصطفافات السّياسية الحادّة، شهدت تطوّرات عدّة يُجدر التوقّف عندها، من أبرزها ما يلي:
أولاً: بحصول رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية على 51 صوتاً فإنّه يؤكّد على ثبات حلفائه في دعمهم له، فضلاً عن تسجيله خرقاً بحصوله على أرقام إضافية، بعدما كانت أغلب التوقعات تشير إلى أنّه سينال 45 صوتاً، على الأغلب، ما أثبت ليس فقط قدرة حلفاء الزعيم الزغرتاوي على امتلاك أكثرية يمكنها تعطيل نصاب الجلسات، وهي ثلث أعضاء المجلس (43 نائباً)، بل القدرة على إضافة أصوات نوّاب واستمالة آخرين من مختلف المناطق والطوائف والمذاهب، ما سيعزز حظوظه في أيّ جلسة إنتخاب مقبلة، وصولاً إلى جلسة إنتخابه رئيساً.
ثانياً: أصيب داعمو وزير الماليّة السّابق جهاد أزعور بنكسة بحصوله على 59 صوتاً، بعدما كانوا طيلة الأيّام والسّاعات التي سبقت جلسة الإنتخابات يزعمون أنّه سينال 65 صوتاً على الأقل، وصولاً إلى 70 وحتى 75 صوتاً، أيّ أكثر من النصف زائداً واحداً، للقول إنّهم يملكون الأكثرية داخل المجلس النيابي التي تؤهلهم لانتخاب رئيس جمهورية من فريقهم السياسي، للضغط على الفريق المناوىء لهم، داخلياً وخارجياً، وهو مسعى لم يتحقق.
ثالثاً: ما كاد رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي يرفع الجلسة، بعد فقدان النصاب في دورتها الثانية، وبرغم سجالات ومناوشات سُجّلت فيها، بدأ الفريق السياسي الداعم لأزعور في اتهام بعضه البعض عدم الإلتزام بالتصويت لأزعور، وتحديداً بعض نوّاب التغيير ونوّاب التيّار الوطني الحرّ، الذي تبين أنّ عدداً منهم (5 نواب) لم يلتزموا بالتصويت لأزعور، ما سيجعل الأيّام المقبلة تحفل بتبادل إتهامات وتصفية حسابات بين مكوّنات هذا الفريق، الذي ظهر منذ البداية أنّه تحالف رخو غير متماسك خلف أزعور، بحيث أنّ نوّاباً إعتبراو أنّ التصويت له "قرارٌ مرّ" كما قال النائب ياسين ياسين، وبأنّه "تجرّع للسّم" على حدّ قول النائب إبراهيم منيمنة.
رابعاً: إلى جانب توجيه الفريق السّياسي الداعم لأزعور إتهامات "غبّ الطلب" نحو الفريق السّياسي الداعم لفرنجية، فإنّه سيتبادل في ما بينه إتهامات من العيار الثقيل. ذلك أنّ القوّات اللبنانية وآخرين لن يتوانوا عن إتهام نوّاب التيّار الوطني الحرّ ورئيسه النائب جبران باسيل بأنّهم لم يلتزموا بالتصويت لأزعور، وبأنّهم يفتقدون المصداقية، ما سيجعل الأخير يردّ بأنّ ممارسة قيادة القوات تجاه نواب التغيير بعجرفة جعلت أكثرهم يرفضون الإقتراع لأزعور.
خامساً: منذ أن رفع برّي جلسة الإنتخاب من غير أن يُحدّد موعداً للجلسة التالية، سرت تساؤلات واسعة حول موقف قوى سياسية وكتل نيابية صوّتت لأزعور ولم تفلح في تأمين أصوات كافية له لتأمين تسويقه وفوزه، أيّ 65 صوتاً، مثل التيّار الوطني الحرّ والحزب التقدمي الإشتراكي وآخرين، هل ستستمر في تأييده أم ستتخلى عنه، خصوصاً أنّ بعض هذه القوى التي سارت خلفه وأيّدته على مضض، بعد ضغوطات مورست عليها، قالت بأنّ أزعور هو مرشّح "الجلسة الواحدة"، وأنّ اليوم التالي سيكون مختلفاً.
سادساً: إذا كان النائب ميشال معوض قد استمر مرشّحاً للرئاسة الأولى على مدى 11 جلسة سابقة، قبل انسحابه لمصلحة أزعور بعدما وجد أفق الرئاسة مسدوداً أمامه، فإنّ أزعور لم يستغرق ترشّحه وصموده مرشّحاً أكثر من جلسة واحدة، وسط شكوك أن يستمر مرشحاً وأن يحظى بدعم كالذي حصل عليه في الجلسة الـ12، أيّ أنّه احترق مبكراً، ما يفتح الباب واسعاً أمام سؤال عن من سيكون المرشّح التالي بعد أزعور الذي ستخرجه المعارضة من جعبتها، والذي سيحترق بدوره قبل أن يحين أوان التسوية؟