كأننا نحيي قداس الاربعين لراحة أنفس شهداء الثالث عشر من حزيران :
روبير فرنجيةمن ١٣ حزيران ١٩٧٨ الى حزيران ٢٠٢٣ كم حزيران مضى وكم ١٣ انقضى وقصص الاستذكار لا تنتهي واسطوانة الوجع تدور على اغنية : يا رفاقي الشهداء - يا رفاقي الابرياء …
أصوات الامهات أنشودة جراح ورثاء وصرخات " يا موووو " تخرق جدران البيوت الصابرة والنائمة والمستيقظة والمتيقظة .
اهدن التي تغرق في هذا الحزن كل سنة كأنها تحيي جنازة الاربعين .
تبعثر في أثوابها حتى تعثر على ذاك الرداء الاسود التي لفت فيه ضبابها وثلوجها لسنين .
الاستذكار لا علاقة له لا بالصفح ولا بالغفران ولا بالمسامحة ولا بفعل الندامة ولا بكرسي الاعتراف .
غريبة هذه الذكرى .
تشبه حكايات معارك التاريخ .
يعرفها الاولاد بتفاصيلها .
يخبرها الاحفاد بدقائقها وغدرها .
يسردها جيل اليوم كأن عقارب الساعة توقفت وأصبحت كل الاجيال مواليد ١٣ حزيران ١٩٧٨ .
ليالي الشمال الحزينة غنت السيدة فيروز في مسرحية " بترا " وصارت لسنوات طويلة الليالي كئيبة ، حزينة والطقس صقيعاً والربيع خريفاً .
الاعراس أصبحت " عالسكيت " والمناسبات السعيدة تقام بخجل ، حتى شجرة عيد الميلاد على تل زغرتا في أول عيد عقب المجزرة كانت زينتها صور شهداء الثالث عشر من حزيران .
مسرحية " بترا " بكل حواراتها وأغنياتها أصبحت رمزاً لحزننا صغاراً وكباراً .
بحرب الكبار شو ذنب الزغار أليس هذا الشعار من المسرحية لصورة جيهان بالاسود والابيض تضحك للكاميرا التي ألتقطتها بعد أشهر نعشاً من غيم اهدن .
لم تكن مسرحية " بترا " الوحيدة التي كانت تترجم مشاعرنا الغاضبة في حزيران بل كل المسرحيات التاريخية الرحبانية من جبال الصوان الى فخر الدين و….
كم من مرة شاهدنا صور موكب جنازة شهداء الثالث عشر من حزيران في كنيسة سيدة زغرتا على صوت : لا تخافي سالم غفيان مش بردان بقلبو الايمان ومغطى بعلم لبنان ….
ننظر في ملصق الثالث عشر من حزيران ونتفحص وجوه الشهداء ونسأل: لو بقيوا على قيد الحياة كم كانت أعمارهم ؟
نعرفهم من الصور وروايات الناس هل كنا التقيناهم وتعرفنا اليهم ؟
لاول مرة شهيدات ، أمهات ، صغيرات ، زوجات …
لاول مرة شهداء عجزة ، طلاب المذاكرة لم يمهلهم الاجرام ليتقدموا الى الامتحانات الرسمية .
بدل الشهادة كان الاستشهاد .
١٣ حزيران حكاية اهدن التي حولت العتم الى بدر والليل الى فجر والغدر الى ترنيمة غفران .
فلنرتل هذه الترنيمة في كل بيت .
أليس البيت كنيسة صغيرة ؟