الديار _ الجنوب يخوض معركة التحرير الثالث ويكتب حروف الاستراتيجيّة الدفاعيّة والبيان الوزاري
محمد بلوطما الذي جرى في اليومين الماضيين في الجنوب ؟ ما هو الدرس الذي اعطاه الجنوبيون في زحفهم الشعبي المقاوم للاحتلال "الاسرائيلي" لتحرير ارضهم ؟
منذ اعلان اتفاق وقف اطلاق النار برعاية اميركية وفرنسية ودولية ، اعتبر العدو "الاسرائيلي" نفسه انه سجل نصرا ساحقا، يجيز له التمادي في خرق الاتفاق والاستمرار باعتداءاته على الجنوب وخارجه ، مستغلا تغاضي بل تواطؤ الراعي الاول لهذا الاتفاق الادارة الاميركية عن افعاله، ما ساهم بتشجيعه على الانقلاب الكامل عليه، واعلانه استمرار احتلاله بعد مهلة الستين يوما .
ولم يكن القرار "الاسرائيلي" مفاجئا ، بقدر ما جسد واكد سياسة العدو ونهجه بضرب كل القرارت الدولية ومواثيق الامم المتحدة عرض الحائط . وهذا يؤكد ان لا سبيل لمواجهة العدو واحتلاله، الا من خلال المقاومة بكل اشكالها .
بعيدا عن التفسيرات والآراء حول ما جرى ويجري في الجنوب ، فان الواضح والثابت بالصوت والصورة وبالبث الحي، ان اللبنانيين في الجنوب تولوا مرة اخرى بصدورهم العارية وبسواعدهم وبدمهم وارادة المقاومة ، تحرير قراهم متقدمين الجيش اللبناني احيانا ، وخلفه احيانا اخرى ، ومعه في كل الاحيان ، وجسدوا صورة الالتحام الحقيقي لفعلهم المقاوم مع المؤسسة العسكرية، التي قامت بواجبها الوطني دون تردد، رغم كل الظروف الصعبة والضاغطة .
ما حصل ويحصل ليس جديدا على اهله وعلى اللبنانيين ، بغض النظر عن الاصوات المشككة او الذين يحاولون دفن رؤوسهم في الرمال، لكي يتجنبوا مشاهدة هذه الملحمة الجديدة، التي يسطرها الجنوبيون بوجه الاحتلال "الاسرائيلي" بدمائهم وارادة المقاومة عندهم .
بغض النظر عن موقف هذه الفئة التي تتنكر للمقاومة الشعبية، التي كسرت القرار "لاسرائيلي" امس واول امس ، فان ما جرى ويجري في القرى الحدودية الجنوبية ليس مجرد مسيرة شعبية للعودة الى هذه القرى ، وليس انتفاضة شعبية في المجهول .. ما جرى ويجري هو تجسيد فعل مقاوم بكل معنى الكلمة ، ويشكل خيارا وحيدا بعد ان تأكد مرة اخرى ان القرارات الدولية والعمل الديبلوماسي وكل مثل هذه الوسائل لم تحرر يوما شبرا واحدا من ارضنا .
وعد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في خطاب القسم الذي اجمع عليه اللبنانيون، ببحث ومناقشة الاستراتيجية الدفاعية ، ما يؤكد حاجة لبنان لهذه الاستراتيجية، التي تحمي وتحصن لبنان وتؤمن الدفاع عن استقلاله وسيادته .
وبرأي مصدر سياسي ان ما جرى ويجري في الجنوب يختصر بل يجسد الاستراتيجية الدفاعية بشقها الامني والعسكري ،خارج المفردات والبنود التي تشكل مادة جدل كلما جرى الحديث عنها ، او كلما شكلنا حكومة وناقشنا بيانها الوزاري . ويضيف ان الزحف الشعبي للجنوبيين واللبنانيين، الذين انضموا اليهم من مناطق مختلفة ، ليس مجرد مسيرة شعبية معزولة عن فعل المقاومة بكل معانيها واشكالها ، او عن فعل التحرير للارض .
ويعتقد المصدر ان معركة التحرير الثالث التي جسّدها الجنوبيون، هي جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الدفاعية الواجب اعتمادها ، وهي احد ابرز العناوين الواجب اعتمادها في البيان الوزاري للحكومة العتيدة . ويؤكد المصدر ان ما جرى عكس التلاحم بين الشعب المقاوم والجيش ، وان الجنوبيين ساروا جنبا الى جنب مع الجنود ، وبرهنوا انهم في طليعة المؤمنين بالدور الوطني للمؤسسة العسكرية، الذي يتجلى بحماية الحدود والوطن، وبالحفاظ على استقراره وسيادته .
ويقول عضو كتلة التنمية والتحرير قاسم هاشم لـ "الديار " : " ان ما جرى ليس امرا مستغربا، فهو صورة مجددة لما حصل في العام ٢٠٠٠ عندما سرّعت اندفاعة اهلنا نحو الجنوب، وما سمي آنذاك الشريط الحدودي، بالانسحاب "الاسرائيلي" الذي اصيب باول واكبر هزيمة علي يد المقاومة . ويومها تقهقر العدو المهزوم بفعل زحف الجنوبيين بشكل مذل، تاركا العديد من ملالاته وآلياته العسكرية . واليوم بعد ان ضرب العدو اتفاق وقف النار وتجاوز مهلة الـ٦٠ يوما ، كان لا بد من استخدام احد عناصر القوة، الذي تؤكد عليه المواثيق الدولية وهو المقاومة بكل الوسائل، ومنها المقاومة الشعبية التي نشهدها .
واشار هاشم الى انها رسالة واضحة، بان هذا العدو الذي لا ينصاع للقرارات الدولية، لا يمكن مواجهته ودحره عن ارضنا الا بالقوة . علينا ان نستثمر هذه المواجهة الشعبية البطولية مع العدو ، وهذه المقاومة وفعلها النموذجي مع الاصدقاء والاشقاء ، لمساعدة لبنان ودعم استقراره وسيادته الحقيقية ، لان زعزعة استقرارنا وانتهاك سيادتنا مصدرهما الاول هو العدو الاسرائيلي" .
ويؤكد هاشم " ان ما يجري في الجنوب هو عرس وطني بامتياز، وهو وجه من وجوه قوة لبنان واللبنانيين ، لان اهلنا في الجنوب استطاعوا بفعل نموذجي مقاوم، تحرير القرى والبلدات بدمائهم وعزيمتهم ، وهم مستمرون حتى تحرير كل شبر من ارضنا . وهم مع اخوتهم الذين يشاركونهم من مختلف المناطق، التمسك بالارض وبالحق وبالسيادة الحقيقية" . و دعا الى الالتفاف الوطني حول هذه المعركة الجديدة التي يخوضها اللبنانيون في الجنوب، خارج الحسابات السياسية الضيقة والمصالح الفئوية .