لبنانيون يصفقون لأردوغان متجاهلين تاريخه
كتب المحررمن الواضح أن شرائح كبرى من اللبنانيين باتوا مجبولين بالخنوع والرضوخ والاستزلام لهذا الواقع السياسي أو ذاك مهما كان مؤلماً أو مشوهاً.
فقد لوحظ في الأيام القليلة الماضية ان مواطنين لبنانين بدت عليهم مظاهر البهجة والفرح لإعادة انتخاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإطلاق الرصاص او بالمهرجانات التي لا تحصل مثلها اثناء الأعياد الوطنية او الدينية.
صحيح أن معظم الطوائف في لبنان ومنذ إعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920 من القرن الماضي بعد خسارة السلطنة العثمانية في الحرب العالمية الأولى الأمر الذي أدّى الى انهيارها بعد حكم امتد لأكثر من سبعمئة عام، قد إتجهت تلك الطوائف الى حمايات ومظلات تقيها ما قد يصيبها من غدرات الزمن في شرق أوسط ملتهب طائفياً ومذهبياً.
وفي هذا السياق كان هوى الطائفة السنية يتنقل بين دمشق والقاهرة والرياض كعواصم تشكل حمايات مضمونة ليتبين أن أردوغان الذي كان يقيم علاقات أكثر من جيدة مع الكيان الصهيوني قد افتعل أزمات حادة مع العواصم الثلاث في أوقات متفاوتة، في الوقت الذي كان من المفترض أن تكون علاقته معها على أفضل ما يرام اذا كان يفكر طائفياً.
ففي حين إدعى أردوغان قبل سنوات أن بلاده قد حققت "صفر مشاكل" في جميع الاتجاهات لوحظ أنه قد فتح كامل حدود بلاده بالآف الكيلومترات مع سوريا الجارة لكي يستجلب المتشددين الاسلاميين من جميع انحاء العالم كي يدمروا النظام القائم الأمر الذي انعكس على بلاده نازحين ومشاكل لا تحصى وانهيار في العملة.
وهو افتعل أزمات لا تحصى مع جمهورية مصر العربية ابتدأ من الانقلاب على الرئيس السابق حسني مبارك مروراً بالحكم العابر لمحمد مرسي الذي اراد من دعمه وصول الأخوان المسلمين الى الحكم في بلاد النيل وصولاً الى حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وصفه اردوغان بالطاغية غير الشرعي.
أما فيما يعود للعلاقة مع االمملكة العربية السعودية فحدّث ولا حرج وتحديداً عندما اتجهت المملكة لفرض عقوبات على حكم اردوغان بالتعاون مع دولة الامارات العربية المتحدة بغية الحد من "السياسة التوسعية التركية". وتحديداً عندما ارسل قوات عسكرية الى دولة قطر.
حتى أن المملكة اوقفت بث المسلسلات التركية المدبلجة إلى العربية على القنوات التابعىة لها تحقيقاً للمصلحة العربية العليا.
ناهيك ما حصل في تونس وليبيا وبعض الدول العربية التي امتدت اليها اليد العثمانية التي يتبجح اردوغان باعادتها وكأنه يعيد تاريخ "سفربرلك".
فاذا وضعنا تاريخياً أمر سيطرة السلطنة على تيسير أمور المسلمين السنّة متجاهلة العواصم الثلاث لا بل في حرب ضروس معها على هذا الصعيد، فلماذا يحظى أردوغان بهذا التكريم على الساحة اللبنانية وهو بالكاد فاز في الانتخابات الأخيرة وبفارق بضعة نقاط لا أكثر ما يعني أن تأييده قد تراجع كثيراً في بلاده وبخاصة في المدن التي تستقطب سياحاً بالملايين وقد تأثرت بشكل كبير جراء السياسات التي اتبعها وأدّت الى قيام انقلاب عسكري على حكمه. في وقت أعلنت فيه رئيسة وفد الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا فرح كريمي: أنه من قصر النظر القول إن الانتخابات في تركيا كانت حرة أو نزيهة”.