بين قمة جدة و ثأر الأحرار و تحرير أيار
27 أيار 2023

بين قمة جدة و ثأر الأحرار و تحرير أيار

كتب الأستاذ ناصر الظنط

لقد أرست القمة العربية في جدة أجواء إيجابية على صعيد العلاقات بين أغلب الدول العربية , كما رحبت القمة بالمصالحة الإيرانية السعوديّة , إضافة الى دعوتها لحل سياسي في اليمن  و وقف العنف و اللجوء إلى الحوار في السودان و ليبيا , و الدعوة إلى الإسراع في إنتخاب رئيس للجمهوريّة في لبنان ...
كما اكدت القمة محوريّة و مركزيّة قضية فلسطين , مع ترحيبنا بهذه الأجواء الإيجابيّة و التي نتمنى أن تسهم في حل بعض المشاكل البينية أو التخفيف من حدتها ،لكننا كنّا نتمنى موقفاً بسقف أعلى في ما يخص قضيّة فلسطين , موقف يرتقي و لو قليلاً لمستوى التضحيّات المباركة التي يسطرها أبناؤها الأشاوس بوجه جرائم العدو المتمادي في صلفه و  عدوانه ..
فالتمسك بالمبادرة العربيّة للسلام بات غريباً و ممجوجاً في ظل إستمرار إعتداءات الصهاينة و تماديهم بالقتل و الهدم و الإعتقال و التهجير و الإستيطان و التهويد الذي بات يهدد القدس الشريف و الأقصى المبارك.
فبعيد إنتهاء قمة جدة عقدت الحكومة الصهيونيّة إجتماعاً لها أسفل المسجد الأقصى لتعزيز الإستيطان و تهويد حائط البراق و بناء المزيد من الانفاق تحته كما تزايدات عمليات الإقتحام و الإستباحة للمسجد و لساحاته من قطعان المستوطنين و بمشاركة  نواب و وزراء و حاخامات ،و الملاحظ أن أمريكا نفسها الحاضن و الداعم الرئيسي للكيان الصهيوني وصفت هذه الممارسات بالإستفزازيّة و التحريضيّة داعيّة إلى إحترام قدسيّة المكان "
أضف إلى ذلك إقتحام جيش العدو لمخيم بلاطة و إستشهاد ثلاثة من المجاهدين الأبطال ناهيك عن أعمال الهدم المستمرة و التي طالت حوالي 120 منزلاً منذ مطلع هذا العام دون أن ننسى مسيرة الأعلام اليهوديّة في القدس و الأقصى رغم ما قيل أن المسيرة لم تكن ناجحة في المعايير الصهيونيّة لجهة عدد المشاركين فيها علماً ان العدو إستقدم الآلاف من جنوده لحماية المسيرة و تحويلهم القدس إلى أشبه بثكنة عسكريّة .

فكيف لقوة محتلة تحتاج لكل هذه الإجراءات لحماية مسيرة لولا خوفها من أهل الأرض الأصليين.

مما يؤكد أن الأرض باتت تميد تحت أقدام الإحتلال ، و هذا ما تؤكده الوقائع اليومية،
فلو راجعنا شريط الأحداث للاحظنا أن الضفة الغربية و القدس يشهدان عشرات المواجهات و الأعمال المقاومة من دهس و إطلاق نار و تفجير عبوات ناسفة و زجاجات حارقة و صدامات مع المستوطنين و مع نقاط عسكرية للإحتلال من نابلس إلى جنين و حوارة و بلاطة و طولكرم و سلوان و حي الطور و قلقيلية و ...
إذاً الضفة و القدس في حالة إشتعال يومي و غزة الشامخة الأبيّة تخرج من جولة إلى أخرى أكثر ثباتاً و عزماً و قوة و كان آخرها معركة ثأر الأحرار حيث أكدت المقاومة معادلة الدم بالدم و القصف بالقصف وإستمرت بإطلاق الصواريخ لخمسة أيام وفي أكثر من إتجاه وصولاً إلى تل أبيب  و قد أجمع المراقبون والمحللون المؤيدون للمقاومة أم المعادون لها فشل نتنياهو في ترميم صورة الردع و عجزه عن تغيير  المعادلات وها هي غزة تلملم جراحها وتتحضر لمواجهة قادمة دون خوف أو وهن بعد أن إستطاعات فصائل المقاومة و حركة الجهاد الإسلامي و عبر غرفة العمليات المشتركة من إدارة المعركة بحنكة و مسؤولية عالية مع الجرأة الواضحة في قصف العمق الإسرائيلي بمئات الصواريخ مع فشل واضح للقبة الحديدية.
مما إضطر الإحتلال إلى الموافقة على وقف إطلاق النار مع الإلتزام بعدم إغتيال المدنيين و الأفراد (أي المقاومين ) وتدمير المنازل و لعل في ذلك ما يشبه تفاهم نيسان ٩٦ بين العدو و المقاومة الإسلامية في لبنان .

هذا التفاهم الذي ساهم بإطلاق يد المقاومة في هجماتها العسكرية ضد مواقع الإحتلال و إتساع دائرتها والتي توجت بإندحار الجيش الصهيوني(الذي قيل أنه لايقهر) و فرار  جنوده وعملائه تحت ضربات المجاهدين و كان  التحرير دون قيد أو شرط .

و قد تجلى أمام بصرنا  صدق الآية القرآنية الكريمة "وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ".
مئات من المجاهدين المؤمنين الصابرين الصادقين المثابرين و المتمتعين بالحكمة والبصيرة و التدريب وحسن الإعداد و الجرأة و الشجاعة و الإستعداد للتضحية من أسر و جرح و دمار و إستشهاد .
هذه المقاومة التي قدمت مئات الشهداء الكرام الأبرار و من بينهم قادة ، من شيخ شهدائها الشيخ راغب حرب إلى سيد شهدائها و أمينها العام السيد عباس الموسوي إلى السيد هادي الإبن البكر لأمينها العام السيد حسن نصرالله حفظه الله و سدد خطاه وأنار دربه و بصيرته ،و كل الشهداء على الرأس و العين ،نسأل الله لهم القبول و البركة و الدرجات العلى.
هذه المقاومة فتحت درب العزة و الكرامة من تحرير الجنوب إلى إندحار العدو من غزة،  إلى ملحمة تموز ٢٠٠٦ الأسطورية و جولات المواجهة مع غزة التي اثبتت بأن زمن الهزائم قد ولى، و قد بزغ زمن الانتصار.
وها هي مناورة المقاومة الإسلامية الأخيرة "قسماً سنعبر" رسالة حيّة للعدو الماكر بأن يد المقاومة على الزناد و أن الذي سيعبر الحدود ليصل إلى فلسطين المحتلة،  ليست الصواريخ وحدها بل مجاهدي المقاومة و رجالها، وستتجلى وحدة المعركة ووحدة الساحات في أبهى صورها بإذن الله العزيز الجبار قاصم الجبارين و ناصر المجاهدين الصابرين

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen