بعد أن أهدر عمره في الفن والمحكمة تقاعد صلاح صبح من وظيفته الحكومية بتعويض لا يكفيه لتسديد فاتورة اشتراك مولد كهربائي لسنة .
24 أيار 2023

بعد أن أهدر عمره في الفن والمحكمة تقاعد صلاح صبح من وظيفته الحكومية بتعويض لا يكفيه لتسديد فاتورة اشتراك مولد كهربائي لسنة .

روبير فرنجية :

حكاية مودة مميزة بين " الصلاحين تيزاني وصبح : 

منذ سنة ١٩٦١ وهو على الشاشة يجسد دور البخيل .
رغم كل ما راكمه من بخل لم يستطع أن يخبىء قرشه الابيض ليومه الاسود .
هو شكري شكرلله الذي لم يسحب أي ممثل لعب دور البخيل أو الجاحظي السجادة من تحت رجليه ، هو هو لم يتغير في الشكل ولا في الطباع إن لبس ثياب شكري أو ثياب صلاح .
٤٣ سنة في المحكمة الشرعية ليخرج براتب تقاعدي لا يشتري علبة حليب .
وكما تقول اغنية زميله  " أبو سليم " : ضربنا أيدينا طلعوا بالهوا …
شكري شكرلله بخيل المسرح والتلفزيون بطقمه العتيق المرقع والممزق وبربطة عنقه الفاقعة الذي اشتراها يوماً من سوق " بالات طرابلس " وبنظاراته السميكة وكفه الممسوك أكثر من بخلاء الجاحظ .
شكري أو صلاح الاب الموجوع والمفجوع على ولد قتل بدم بارد في غربته ، هو آخر رفاق صلاح تيزاني من الفرقة التي أصبحت بأغلبيتها في أضرحة الفنانين المنسيين  في مدافن الفيحاء .
آخر ما صوره صلاح صبح كان الفيديو كليب الخاص بالممثل سعد حمدان " عدنان " العمرو ما يتاكل - العمرو ما ينشرى .
في هذا الفيديو كليب الذي قدمه لوجه الله كانت معه أم طعان ميراي بانوسيان والشيف ريشارد وحين شاهدناه سألنا : لماذا لا تستثمر مواهب هذا القدير في المونولوج والكوميديا في الدراما اليوم ؟
في منزله الكائن في شارع الزاهرية في طرابلس الذي يقطنه منذ عام ١٩٨٠ ألتقينا .
في هذا اللقاء كسر صلاح صورة شكري بحفاوته وضيافته وقهوته المرة كحال مرارة حياة أهل الفن بعيداً عن بيروت .
قال لي شكري : في هذا البيت عشت مع رفيقة دربي وسبعة أولاد .
اليوم أصبحت جداً ل١١ حفيداً وحفيدة . 
يمكنك أن تقول هذا البيت أسس لسبعة بيوت .
( يتأثر ويخفي دمعة ) مستطرداً : في ٢٠ آذار ٢٠٢٠ قتل المجرم أبني جهاد ومعيل البيت في اميريكا لانه لم يسمح للعصابة بسرقة دراجته .
لقد حكم عليهم بعشرين سنة سجن لكن من يعيد ولدي الينا .
لقد كد وتعب وناضل ابني في النروج وتزوج وأنجب الكسندر وكريستوفر ليقتل بدم بارد على باب سوبرماركت .
نحاول أن نبعده قليلاً عن المأساة ونفتح نافذة على الذكريات .
يستعيد ويكرر ويعيد : هل تعرف أن بدايتي كانت منفردة وليس كما تظن انها مع أبو سليم .
سنة ١٩٦١ كان برنامجي من تلفزيون لبنان القناة ٧ في تلة الخياط " عيلة لطفي لطفاالله" وكان مباشرة على الهواء مع المخرج نقولا أبو سمح .
كانت تعمل معي ممثلة ب١٠٠ ليرة كأداء وبعشرين ليرة للتاكسي .
ولان الممثلات عملة نادرة في تلك الايام تركتنا لتعمل في برنامج آخر لقاء ١٥٠ ليرة .
ومن هناك كان اللقاء بين "الصلاحين  "صبح وتيزاني والوسيط شقيق الاول الذي كان يتولى تبريج وتزيين الوجوه .
يغمض عينيه شكري ويقول : دوري الاول كان أمام محمود مبسوط رحمه الله .
وقفت أمام فهمان أطلب نارة للنارجيلة وكان نهاري الاول في ١٩ شباط ١٩٦٢.
يقول صلاح صبح بأن رصيده التلفزيوني 3000ساعة تلفزيونية أغلبها مع أبو سليم (2500ساعة ) في لبنان وسوريا والاردن والخليج …
سألته لماذا لم تخرج كغيرك من الفرقة الى أعمال مستقلة ؟ رد : خرجت بصورة محدودة في مسلسلات لاحسان صادق والياس رزق وفؤاد شرف الدين ( العصفورة ). 
وقلنا له بأنه لم يصعد الى خشبة المسرح الرحباني كما رفاقه؟ ويجيب : كم كان عاصي الرحباني عبقرياً يتركني أعبر وأرتجل بأسلوبي .
لقد عملت معه في حلقة واحدة في " قسمة ونصيب " . 
في السينما يتذكر صلاح صبح في حواره معنا تجربته مع الصبوحة وكريم أبو شقرا في فيلم " أيام اللولو " ويضيف : كانت صباح عملاقة …
عن تجربة أغاني المونولوج أخبرنا بأنها لم تتجاوز الخمس والتي نالت شهرة لا يستهان بها الى اليوم أغنية " حيط الحيط " التي قدمت سنة ١٩٧٣ وكادت بعض الجهات أن تمنع بثها خوفاً من أن تكون رسالة مبطنة .
الاغنية ليست سياسية وهي من كلمات وألحان شقيقي محمد وقام بعزفها عند التسجيل الفنان عبود عبد العال وقمت بأنتاجها على نفقتي وكان المبلغ يومذاك ٨٠٠ ليرة لبنانية .
أكثر صلاح صبح من تجاربه المسرحية مع أبو سليم وسواه مثل فؤاد الادهمي وبشير الضيقة وغيرهما .
حاول معنا قدر المستطاع استذكار الاغلبية فقال : عدا مهرجانات بعلبك وطرابلس .
في رصيدي من العناوين : بالوش مرايا - 
ناطور وقصور 
- شكري وبنت الكبا - شكري والفرافير  - 
المتسولون الشرفاء
 هيه هيه - 
طواحين الدلبه - رياح شماليه للمرحومه فيوليت خيرالله  - طبخة بحص - صعلوك بالوكالة -
يضحك شكري : العتب على الذاكرة .
أظن هذه الاعمال كانت بدون ابوسليم
أما مع ابوسليم فمشاركته بكل اعماله ومسرحياته  والبرامج الاذاعية  بلبنان والدول العربية واستراليا واميركا . 
- قصة معاشه التقاعدي : 
يروي لنا صلاح صبح انه دخل العمل الوظيفي في المحكمة الشرعية سنة ١٩٤٣ بعد أن قام بتكبير عمره وأمضى فيها ٤٣ سنة ككاتب في المحكمة .
قال لنا رفضت التعويض وأخترت الراتب التقاعدي الذي كان عندما خرجت عام ٢٠٠٦ ما قيمته ١٢٠٠ دولاراً أميريكا فيما هو اليوم ٥٠ دولاراً ما يعادل أمبير وربع في طرابلس .
يزيد صلاح على ما قاله : الوظيفة هي السجن المؤبد للممثل وهي التي تدمر المواهب .
كان أبو سليم ينتظرني للساعة الثالثة بعد الظهر لنصور الحلقة .
قلت له : هنيئاً لكما هذه الصداقة التاريخية .
أبتسم : في احدى المرات تباينت وجهات نظرنا وحصلت " زكزكات " بيننا فترشحت ضد أبو سليم في انتخابات نقابة الممثلين فقام أحد الصحافيين بدعوتنا الى لقاء تلفزيوني في برنامجه  دون أن نعرف أننا سنلتقي وجهاً لوجه .
هذا الشخص هو كاتب هذا الموضوع الذي أعادنا أعز الاصحاب .

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen