دير عمار تعلن رفضها: لسنا مزبلة الشّمال
عبد الكافي الصمدوكأنّه في زيارة سرّية تستدعي أن لا يعرف بها أحد، على غير عادته في جولاته وزياراته التي يقوم بها إلى مختلف المناطق اللبنانية التي تحفل بأخبارها مختلف وسائل الإعلام ومنصّات وسائل التواصل الإجتماعي، زار وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين بلدة دير عمار، مؤخراً، متفقداً موقع الكسّارات فيها، الذي يحاول البعض أن يجعل منه مكبّاً لنفايات البلدة والجوار ومناطق الشّمال كافّة.
الوزير ياسين لم يُعلن الهدف من زيارته الإستطلاعية إلى الموقع المذكور، هل هو لتفقّده ومعرفة إذا صالحاً ومناسباً ليكون مكبّاً للنّفايات، أم لتسويقه والإقرار به ما يثير ريبة وتساؤلات حوله زيارته، خصوصاً أنّه كان برفقة أحد نوّاب طرابلس، فضلاً عن أنّه إتصل برئيس بلدية دير عمار ورئيس إتحاد بلديات المنية خالد الدهيبي طالباً منه مرافقته في تلك الجولة، لكنّ الأخير رفض بعدما إستشعر أنّ هناك مخطّطاً لضرب المنطقة بيئياً وصحيّاً على حساب صحّة أبنائها ومستقبلها ومستقبلهم.
وما أثار الريبة أكثر في هدف الزيارة أنّ الوزير ياسين زار الموقع من غير أن يرافقه فيها نائب المنطقة الحالي أحمد الخير، أو أحداً من النوّاب السّابقين صالح الخير أو نجله كاظم أو عثمان علم الدين، أو أحداً من مرجعيات المنطقة الكثر التي تحفل بهم، بعدما إعتاد وزير البيئة أن يكون برفقة نائب أو نوّاب أيّ منطقة لبنانية يزورها، فما الذي تغيّر هذه المرّة حتى بدّل الوزير ياسين تقليداً إتّبعه سابقاً كما اتّبعه سواه من الوزراء؟
كما أثارت زيارة ياسين إلى الموقع الذي يريده البعض مكبّاً لنفايات المنطقة والشّمال (يُشاع أنّ الأمين العام لتيّار المستقبل أحمد الحريري له يد في ذلك، وهو حاول سابقاً تثبيت هذا الموقع ولم يفلح في مسعاه)، من غير أن يُغيّر من واقعة تغيير إسمه شكلاً من مكبّ نفايات إلى مطمر صحّي للنفايات، تساؤلات بأنّ موقع الكسّارات المذكور في دير عمار كان في سنوات سابقة أحد الأماكن المقترحة لكي يكون مكبّاً لنفايات المنطقة والشّمال، إضافة إلى موقعين مجاورين له هما موقع في بلدة تربل المجاورة، وموقع في بلدة الفوّار المجاورة أيضاً، ولكن تمّ طيّ صفحات هذه المواقع وعدم إعتمادها، فما الذي تغيّر اليوم حتى يُعاد طرحها، وهل يظنّ من يروّجون لأحدها اليوم أنّهم لن يواجهوا في الأيّام المقبلة موجات إعتراض واسعة من أهالي ومرجعيات هذه البلدات والمناطق على اختلافها، كما حصل سابقاً.
المعطيات المتوافرة لموقع "06News" تشير إلى أنّ الإعتراضات على إختيار موقع الكسّارات في دير عمار مكبّاً لنفايات الشّمال لن تجعله يمرّ (أهالي الفوّار سيتضامنون مع أهالي دير عمار بلا شك، لأنّ الطريق إلى المكبّ يمرّ في منطقتهم)، إنطلاقاً من أنّ حلّ مشكلة النّفايات في طرابلس، مثلاً، تمهيداً لإغلاق مكبّ النّفايات في المدينة نهائياً، لا ينبغي أن يكون على حساب دير عمار أو أيّ منطقة أخرى، كما أنّ تداعيات المكبّ صحيّا وبيئياً على الأهالي والمياه الجوفية والقطاع الزّراعي فيها، تجعل المشروع في مواجهة مباشرة وصدامية مع الأهالي، الذين لن يوفّروا وسيلة للدفاع عن حياتهم وحياة أبنائهم ومنطقتهم ومستقبلهم.
مرحلة رفض المكبّ يتوقع أن تكبر أيضاً على أوسع نطاق.
فموقع المكبّ لا يبعد أكثر من بضع مئات من الأمتار عن منتجعات ومشاريع سياحية بدأت المنطقة تشهدها في السّنوات الأخيرة، خصوصاً مشروع الميرادور، التي بدأت تستقطب إستثمارات وسيّاح وروّاد من مختلف المناطق، وتؤمّن فرص عمل واسعة، ومن شأن فرض وجود المكب في المنطقة أن يقضي نهائياً على أي أمل لها بالتنمية والتطوير والحداثة.