ضجيج داخلي بانتظار القمّة العربية: هل يُنتخب الرئيس بعدها؟
عبد الكافي الصمدلم يحجب الضجيج الداخلي الواسع حول العديد من الملفات والقضايا والأزمات الشّائكة والمعلّقة منذ سنوات، الأنظار عن القمّة العربية التي يرتقب أن تعقد الجمعة (19 أيّار الجاري) في العاصمة السّعودية الرياض، نظراً لأنّ ما سيصدر عنها من نتائج نتيجة إتصالات ولقاءات ستعقد علناً أو بعيداً عن الأنظار، سيترك تأثيره وتداعياته على عدّة ساحات عربية، ومنها السّاحة اللبنانية التي اعتادت التأثّر بالمناخ السّياسي العربي في جميع أحواله، سلباً أو إيجاباً.
الضجّة الأكبر التي حفلت بها السّاحة اللبنانية في الأيّام الأخيرة تمثلت في الدعوى القضائية التي رُفعت في فرنسا ضد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، واتهامه بالقيام بعمليات تزوير في ميزانيات صرف الأموال، وسط دعوات وُجّهت إليه تطلب منه التنحّي عن منصبه إفساحاً في المجال أمام تعيين بديل عنه، وحفظ ما تبقى من ماء وجهه قبل انتهاء فترة ولايته أواخر شهر تمّوز المقبل، وهي دعوات واجهها سلامة بالرفض.
الضجّة الثّانية وكانت بمثابة إحتفال جاءت بعد الإعلان عن موافقة العراق على تزويد لبنان بكميات من الفيول من شأنها أن تبعد عنه شبح أزمة التقنين في فصل الصيف، وأن تؤدّي ـ إذا لم تطرأ أعطال وتطوّرات ـ على رفع معدل انتاج التيار الكهربائي الى 12 ساعة يوميا، لكنها ضجة لم تحجب شكاوى المواطنين من ارتفاع فاتورة مؤسسة كهرباء لبنان على المشتركين، من رسوم وضرائب، بشكل يفوق طاقتهم على تحمل اعبائها.
ضجّات أخرى تطرق آذان الللبنانيين بقوّة، بداية من الخوف من مزيد من الإنهيار المالي والنقدي إذا مضى شهر حزيران بلا انتخاب رئيس للجمهورية، مروراً بضجات الطعن في قانون التمديد للإنتخابات البلدية أمام المجلس الدستوري، وتسريبات واسعة حول نيّة المدارس الخاصّة رفع أقساطها السّنوية بالدولار الأميركي لتصبح فوق قدرة أغلب الأهالي على تحمّلها ودفعها، وتسريبات مماثلة عن رفع فاتورة الإشتراك السّنوية في مؤسسات المياه 3 أضعاف، بالتزامن مع عودة الطوابير أمام مراكز الأمن العام في كلّ المناطق، نتيجة "طحشة" المواطنين بهدف الحصول على جواز سفر يُسهّل عليهم "الهرب" من "جهنّم" لبنان عند أوّل فرصة.
هذه الضجّات المتعدّدة الإتجاهات يعرف اللبنانيون قبل غيرهم أنّ سببها الرئيسي هو اهتراء الدّولة وتحلّلها منذ اندلاع شرارة الحَراك الشّعبي في 17 تشرين الأوّل في عام 2019، وصولاً إلى فراغ منصب رئاسة الجمهورية منذ أكثر من 6 أشهر ونصف، وهو فراغ من شأن الإنتهاء منه وانتخاب رئيس جديد للجمهورية أن يُخفّف الضغط عنهم قليلاً، ويعطي أملاً بانتشالهم من واقعهم البائس.
الأمل بانتخاب الرئيس العتيد ينتظر اللبنانيون أن تأتي إشاراته من قمّة الرياض، وهي إشارات يبدو أنّ البعض إلتقطها في لبنان مسبقاً، من رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل الذي استبعد حدوث "طلاق" مع حزب الله، برغم "الخلاف" بينهما حول الإستحقاق الرئاسي، ما فُسّر على أنّه تدوير زوايا من رئيس التيّار البرتقالي للتقارب مجدّداً مع الحزب والسير بانتخاب رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية، إضافة إلى مؤشّر آخر صدر عن القوات اللبنانية التي أعلنت بأنّها ستحضر أيّ جلسة يدعو إليها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي لانتخاب رئيس للجمهورية، ولن تقاطع، ما يعني ضمنياً بأنّها ستؤمّن نصاب الجلسة ولو لم تنتخب فرنجية، إستجابة لدعوة السّعودية النوّاب لحضور جلسة الإنتخاب والإقتراع لمن يرونه مناسباً، وعدم مقاطعة الجلسات.
غير أنّ هذه الإشارات الإيجابية حيال الإستحقاق الرئاسي تنتظر إشارة واضحة تأتيها من قمّة الرياض، وتترجمها علنياً على الأرض، وإلّا فإنّ الضجيج سوف يرتفع وتزداد حدّته في حال إخفاق القمّة العربية في معالجة الأزمة الرئاسية اللبنانية، بذريعة وجود أزمات عربية أخرى أكثر إلحاحاً وأهمية منها.