مصابرة وإيلام بوجه الإبادة والإجرام
كتب الأستاذ ناصر الظنطقال تعالى ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ صدق الله العظيم.
اجرام صهيوني كبير وهائل ومتمادي،على غزة وعلى لبنان،من دون رادع او حسيب او رقيب على مستوى العالم،الى حد الشعور او اليقين بان امريكا خصوصا والغرب عموما قد اعطوا الضوء الاخضر للعدو الصهيوني لارتكاب تلك الجرائم وامام اعين الناس صوتاً وصورة.
لا بل راحوا يقدمون للعدو المتوحش الدعم العسكري والأمني والتقني والاستخباري ناهيك عن الاقتصادي والغذائي وغير ذلك ، اما تلك الدول المعترضة او المستنكرة فلم تقم بأي عمل جدي وفاعل لوقف هذه الهمجية .
وباختصار يمكن القول بأن دول العالم تتوزع بين مشارك وداعم ومحرض وآخر متواطئ او متفرج ولعل اغلب الدول العربية والاسلامية اظهرت العجز والتخاذل والجبن في ان معاً .
ما رايناه في غزة العزة منذ اكثر من عام من حرب ابادة وحشية اجرامية تدميرية وبشكل يومي نراه اليوم في لبنان منذ 55يوماً، جنوباً وبقاعاًوجبلا وشمالاً، وفي بيروت وضاحيتها الجنوبية .
ولعل أغلب الاستهدافات باتت تطال المدنيين بشكل مباشر وهذا ما رأيناه في ايطو او دير بلة او عين يعقوب شمالاً، وكذلك في المعيصرة وجون وبعلشمية وبرجا وعرمون جبلاً، والتي طالت مباني سكنية للنازحين، وحتى تلك الغارات التي تطال الجنوب او البقاع او بيروت او الضاحية باتت تتركز على المباني السكنية او الاعلامية او الدينية او التراثية وحتى الكشفية والطبية و الدفاع المدني والمصانع والاسواق ، انها الحرب الانتقامية من المقاومة ومن بيئتها الحاضنة وحتى من أولئك النازحين الشرفاء ومضيفيهم الكرام .
انه القتل والتدمير والاجرام.
هذا العدو الفاشي المجرم يستبيح كل شيء ولكن المقاومة البطلة والشريفة وبخطة وضعها سيدها رحمه الله، ما زالت حتى هذه اللحظة لا تستهدف الا العسكر والمواقع العسكرية وتجمعات الجنود والثكنات ومرابض المدفعية والمصانع والمطارات العسكرية ايضا ، ناهيك عن مراكز القيادة من غرفة نوم نتنياهو، الى منزل غالنت، الى قاعدة غاليلوت المخابراتية ،الى وزارة الدفاع الكرياه .
وكل تلك الثكنات والمواقع العسكرية على طول الحدود مع لبنان، وبعمق كبير واتساع اكبر من الناقورة ساحلا الى الجولان جبلا مرورا بالمستوطنات على اختلاف اسمائها ،كريات شمونة ونهاريا والمطلة وصولا الى صفد وعكا وحيفا وحتى تل ابيب والخضيرة وما قبلها وبعدها .وباتت عشرات المستوطنات خالية من المغتصبين ومئات الالاف ينزلون الى الملاجئ يوميا ً ومنذ الصباح الباكر حيث نقل عن بعض المستوطنين عدم الحاجة الى المنبه صباحا لان صواريخ المقاومة وطائراتها المسيرة تتولى ذلك.
اذا نحن امام حالة تهجير ونزوح مقابل تهجير ونزوح ايضا ، وكذلك انعدام للامن عندنا يقابله انعدام للامن عند الصهاينة ،مع فارق نعترف به ونتألم منه وهو اعداد الشهداء، ولا سيما المدنيين منهم ،وكذلك حجم الدمار الهائل لدينا. وكما استمر الصبر والاحتساب والثبات في غزة الابية لدى البيئة الحاضنة ،واستمرت معها المواجهات الميدانية والعمليات الفدائية بوجه الغزاة المجرمين ،كذلك نرى البسالة في المعارك الملحمية التي سطرها ويسطرها المجاهدون الابطال في القرى والبلدات الحدودية مع فلسطين المحتلة.
هؤلاء البواسل الذين بعد الله تعالى نراهن عليهم كما عرفناهم، فهم فرسان صاحب الوعد الصادق ،وهم الاوفياء له ولشهادته المباركة، ولسائر الشهداء الابرار .
ومن علامات وفائهم الثبات الاسطوري في الميدان والذي يزداد يوما بعد يوم من حيث الاداء سواء في المواجهات المباشرة او عبر الصواريخ والمسيرات التي ازدادت كما ً ونوعا ودقة وقوة مما يبشر في قادم الايام بالمزيد، لا بل بالمفاجآت التي كان يعد بها سماحة سيد المقاومة ، ولا شك ان من وصفهم السيد الشهيد برجال الله في الميدان سيكونون الاوفياء، الذين يوفون ويُصدقون لنا وله وبوعده الصادق .
هناك شبه اجماع لدى الخبراء في علوم الحروب ان ربح الحرب او المعركة ليس بتدمير الوسائط والوسائل والادوات القتالية ،من عتاد وابنية وقيادات وطرقات ومساكن ومستشفيات وبنى تحتية، انما بالوصول الى كسر ارادة العدو وشل قدرته على الاستمرار في القتال.
واما النصر عند القوى المقاومة هو بمنع القوى المستكبرة والمعتدية من تحقيق اهدافها .
و هذا ما نراه حتى الآن بحمد الله .
يبدو ان قرار القيادة المقاومة الاسلامية في لبنان حصر عملياتها واستهدافاتها بالمواقع العسكرية للعدو ساهم الى حد بعيد في تجنيب اغلب المناطق اللبنانية وإبعادها عن دائرة الاستهداف .
بل يمكن القول ان المقاومة اختارت ان تتحمل اعباء الحرب بصدرها وبصدر قادتها ومجاهديها وبيئتها الحاضنة ومناطقها بشكل اساسي .
وقد اظهرت تلك البيئة صبرا ومصابرة وثباتا واحتسابا قل نظيره في لبنان ،كما في غزة، ولا شك بأن الاحتضان الشعبي الكبير الذي اظهره المضيفون الكرام للضيوف النازحين الشرفاء وفي اغلب المناطق كان لائقا وكريما. وفي ذلك مساهمة كبيرة في هذه المعركة الشريفة وهذا ما سمعناه من سماحة الشيخ نعيم قاسم حفظه الله في اطلالته الاخيره .
فلو حافظنا على هذا التضامن الوطني مقرونا ً بالصبر والمصابرة للضيوف وللمضيفين مع ثبات المقاومين المجاهدين في الميدان وايلام العدو المجرم في جنوده الغزاة لارضنا الطيبة وداخل ثكناته ومعسكراته وقواعده وبالمزيد من المسيرات الانقضاضية والصواريخ على انواعها باليستي ودقيق وغير ذلك ،نصر وقادر وفادي و... ، مما يؤلم ويستنزف جيش العدو وما يسمى بالجبهة الداخلية كل ذلك يضعنا بإذن الله تعالى امام مشهد جديد يعيد الوحش الكاسر الهائج الى حظيرته ويتوقف العدوان الهمجي ونخرج من معركة اولي البأس مرفوعي الرأس والجبين على طريق الحرية والعزة للبنان و غزة و للقدس وفلسطين و للأمة كلها.