شهادة السيد نصر الله تزخّم المقاومة في طورها الثالث 
02 تشرين الأول 2024

شهادة السيد نصر الله تزخّم المقاومة في طورها الثالث 

كَتَبَ المُحرّر

تفيد قاعدة عامة بأنك إذا ضربت الرأس سيتهاوى الجسد والأعضاء، حيث يؤدي فقدان مركز الفكر والتوجيه إلى فوضى في الحركة والاستقرار، وهذا الفهم طبيعي في علم الأحياء والهندسة والعلوم التي تخضع لخاصية الارتباط العضوي التدافعي، ولكن هذا الفهم يسقط في سياق قراءة تجربة الثورات ومقاومة الشعوب.

لا شك في أن لموقع القيادة أهمية محورية في حركة الأشياء وتأثيره على تطوًرها سلبا أم إيجابا ولكن لم تكن يوما مرتبطة بكينونة القائد وهويته بل بفعاليته وقدرته ومهارته بتوظيف ميزاته الكاريزماتية ضمن مسار القرار والفعل في المجالات المختلفة، وهذا ما تجسّد في سيرة الشهيد السيد حسن نصر الله على مدى ٣٢ عاماً من عهده في قيادة حزب الله والمقاومة في لبنان.

وإذا ما أردنا استشراف مستقبل الحزب بعد العدوان الصهيوني الغادر الذي اغتال السيد نصر الله، وبعيداً عن العاطفة والانفعالية، نجد أن دينامية القيادة البديلة تحكم معايير بناء الهيكليات الادارية والتنظيمية فيه كما التشكيلات العسكرية والأمنية في المقاومة، ولا نغفل أننا أمام تنظيم عقائدي يؤمن بالجهاد كفكرة وجودية تتخطّى حدود الفردانية وتذوب فيها كيانية الذات أمام سمو الهدف ومشروعية القضية، والتي ترتكز على أصل إلهي وقرآني وإسلامي.

وفي المصاديق فإن هذا الحزب الذي يستلهم منطق الحياة في فعل الشهادة من الامام الحسين (رضي الله عنه) قد ضحّى بالمئات من الشهداء والآلاف من الجرحى على مدى أكثر من أربعة عقود، ومن بينهم القادة وابناء القادة وفي مقدمتم السيد عباس الموسوي الذي كان كما السيد نصر الله أميناً عاماً، ولم تتأثر مسيرة الحزب بأهدافه وسياسته وبناه التنظيمية والجهادية بهذه التضحيات بل ازداد فيها زخماً وعطاءً ومبادرةً وتطوّراً.

أثبت الحزب انه لم يقحم المقاومة يوماً في البازارات السياسية الداخلية تكريساً لدورها في ترجمة الأهداف الاستراتيجية، وهذا سرّ قوتها وتماسكها وثباتها على الخط. ومن جهة ثانية فإن المقاومة وفية لبيئتها الخاصة والعامة التي رأت في هذا الخط خلاصاً لها من نير الاحتلال وأملاً في مستقبل مستقر، ولذا فمن الطبيعي أن يستهدف العدو رؤوس قادتها ومجاهديها ظناً منه أنه سيدفع الى انهيار الجسد والأعضاء.

ولكن التجربة والوقائع أثبتت وستثبت حتماً أن المسيرة المعمّدة بالدم والشهادة قادرة على استيعاب الضربات مهما كثرت وقست، وأن ما أسسه قادة الحزب والسيد نصر الله من بناء راسخ لا يهزّه اغتيال غادر، فالنهج هو الأصل ومسيرة المقاومة ماضية بلا هوادة، وسرعان ما ستنتقل إلى مرحلة الفعل لتكتب كالعادة فصلاً جديداً من فصول الانتصار.
 

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen