إيليا لموقع 06News: السّلطة السّياسية تعمدت تطيير الإنتخابات البلدية
18 نيسان 2023

إيليا لموقع 06News: السّلطة السّياسية تعمدت تطيير الإنتخابات البلدية

عبد الكافي الصمد

تحوّل تأجيل الإنتخابات البلدية والإختيارية، التي كان مقرّراً إجراؤها في شهر أيّار المقبل، إلى أمر واقع، بعدما توافقت الكتل النيابيّة والسّلطة السياسيّة، ضمناً وعلناً، على إبعاد كأس الإنتخابات المحليّة المرّ عنها، برغم محاولة البعض التنصّل من هذا التأجيل الذي شاركوا فيه بشكل أو بآخر.
الخبير الإنتخابي والأستاذ الجامعي الدكتور إيليا إيليا قال في مقابلة أجراها معه موقع "06News" إنّ "الكتل السياسية إتفقت في ما بينها على تطيير الإنتخابات البلدية والإختيارية، برغم وجود إمكانيات لإجرائها، لأنّ عذر عدم تأمين التمويل غير مبرّر، فالسّلطة صرفت وتصرف الكثير من أموال برنامج السّحب الخاص على مشاريع عدّة وعلى تنفيعات، لكنّ السّلطة لا تريد صرف أموال على استحقاق دستوري وديمقراطي من شأنه أن يضخّ دماً جديداً في البلديات، لا يبدو أنّ أركان السلطة يريدونه خوفاً على مراكزهم ومصالحهم، خصوصاً في ظلّ هذه الظروف التي يبدو الشعب فيها ناقم على السّلطة بسبب تداعيات الأزمة الإقتصادية والمعيشية".
ورأى إيليا أنّ "حجّة السّلطة عدم وجود أموال للبلديات في الصندوق البلدي المستقل، أو في خزينة الدولة لتمويل مشاريع خاصّة بهذه البلديات، غير منطقية ولا مقبولة. ففي جميع البلدات تقريباً يوجد مبادرات يقوم بها أشخاص أو جهات عبر هبات داخلية أو خارجية تسهم في عملية التنمية المحلية، وفي تحسين الوضع المزري".
واعتبر إيليا أنّ لبنان "كان يمتاز عن بقية دول المنطقة بحصول الإستحقاقات الإنتخابية والدستورية فيه في مواعيدها، وبتداول السّلطة، لكنّ البلد أصبح بعد عام 2005 يتجه نحو غياب تداول السّلطة، وينحو نحو ديكتاتورية مقنعة تمارسها السّلطة القائمة، برغم تباهي اللبنانيين بالتقدّم والثقافة والتكنولوجيا، لكنّ للأسف لبنان يتراجع إلى الوراء بدل التقدم إلى الأمام". 
ولفت إيليا إلى أنّ "أيّ إنتخابات بلدية أو إختيارية مقبلة ستجري وفق القانون الإنتخابي السّائد الذي جرت آخر إنتخابات على أساسه، والكلام عن طرح قانون إنتخابي جديد ليس إلا ذرّاً للرماد في العيون، لأنّ أي تعديلات على القانون يحتاج إلى تطبيق قانون اللامركزية الإدارية، باعتبار أنّ البلديات هي وجه أساسي من وجوه اللامركزية، من خلال توكيل إدارة شؤون الناس إلى أبناء المناطق والتخفيف من مركزية السلطة، لكن هل نحن جاهزون لقانون إنتخابات بلدية عصري وحديث؟ بالتأكيد لا، بسبب خلافات وانقسامات بين القوى السياسية والطوائف والمذاهب".
وتوقف إيليا عند "أوّل إنتخابات بلدية جرت بعد الحرب في مدينة طرابلس عام 1998، إذ كان هناك 5 مقاعد من أصل 24 مخصّصة عرفاً للأقليات الأرثوذكسية والمارونية والعلوية، لكنّ نتائج الإنتخابات أطاحت حينها بمقاعد الأقليات كلها، برغم أنّ قيادات طرابلس كانت تستشعر هذا الخطر، لكنّها لم تستطع مواجهته".
ورأى إيليا أنّ التيّار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانية "لديهما خوف جدّي من عدم تأمين المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في بلدية بيروت تحديداً، في الإنتخابات المقبلة، في ظلّ غياب "ضابط" سياسي يحافظ على هذا التوازن بعد رحيل الرئيس رفيق الحريري واعتكاف الرئيس سعد الحريري عن ممارسة العمل السّياسي، لذا باتا يطالبان بتقسيم العاصمة إلى بلديتين، إسلامية ومسيحية، لأنهما يعرفان أنّ أيّ إنتخابات بلدية ستجري اليوم في غياب التوافق والمظلة السّياسية ستقصي المسيحيين عن بلدية العاصمة".
وأكّد إيليا أنّ "بلدية بيروت هي السبب الفعلي الذي يقف وراء تأجيل الإنتخابات البلدية في لبنان، لأنّه إذا لم يكن هناك قانون يحفظ التوازن والإختلاط الطّائفي والمذهبي، فإنّ هناك مشكلة حقيقية ستظهر في جميع البلديات المختلطة في لبنان".
وذكّر إيليا "بوجود مشروع قانون يوزّع المقاعد في البلديات المختلطة على الطوائف والمذاهب أيّام الوزير السّابق زياد بارود، خصوصاً البلديات الكبرى ومراكز المحافظات والأقضية، مثل بيروت وطرابلس والميناء وجبيل وصور وصيدا وزحلة وبعلبك وسواها، لكنّ الإقتراح لم يتم الأخذ به حينها لأسباب مختلفة".
وأشار إيليا إلى أنّ "إقتراح القانون يلحظ أيضاً إقتراع المقيمين في أماكن سكنهم وليس فقط وحصراً في مسقط رأسهم، فهؤلاء يدفعون ضرائب في المدن وحيث يقيمون، ومن حقّهم التصويت حيث يسكنون ويعملون".
هذا الواقع دفع إيليا إلى التحذير من أنّ "إجراء الإنتخابات وفق القانون السّائد، بلا وجود مظلة سياسية تحمي وتحفظ التعدّد الطّائفي والمذهبي، وترك الأمر لوعي غير متوافر حالياً لدى المواطنين، يعني أنّ أيّ إنتخابات ستجري ستكون مشروع فتنة، لأنّ بنية لبنان قائمة للأسف على الطائفية والمذهبية".
واعتبر إيليا أنّ "تبادل التهم بين التيّار والقوات حول تأجيل الإنتخابات البلدية، والمزايدات بينهما، يعود في الأصل لبحث كلّ منهما عن شعبوية زائفة وتكاذب سياسي بعدما بات الإختلاف الظاهر بينهما تفاهة سياسية، لأنّ الطرفين لا يريدان وغيرهما إجراء الإنتخابات البلدية".
وأبدى إيليا "مخاوف من أن لا يؤدّي التفاهم على قانون إنتخابات بلدية جديد، من هنا حتى العام المقبل، إلى تمديد ولاية البلديات والمخاتير مجدّداً في المرّة المقبلة".

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen