الإنتخابات البلديّة والإختيارية في طرابلس: برودة ونواقص لوجستية
عبد الكافي الصمدتختفي من شوارع وأحياء وأزقة طرابلس، إلّا بشكل نادر، ومعها مدن إتحاد بلديات الفيحاء في الميناء والبداوي والقلمون، صور المرشّحين للإنتخابات البلديّة والإختياريّة، برغم أنّه لم يبقَ لخوض غمار هذه الإنتخابات سوى نحو 3 أسابيع فقط، نصفها أعطال رسمية، في مدينة إعتادت أن تشهد قبل قرابة شهرين، على أقلّ تقدير، من إستحقاقات مشابهة سابقة، تحضيرات قائمة على قدم وساق، ويجعل عاصمة الشّمال تبدو أشبه بخلية نحل لا تهدأ ولا تنام.
ومع أنّ قلم نفوس طرابلس بدأ يشهد، في الأيّام الأخيرة، إقبالاً نسبياً من قبل بعض المرشّحين للإنتخابات البلديّة أو الإختيارية، وتحضير أوراقهم ومستنداتهم المطلوبة للترشّح التي تشترط أن يكون من بينها إخراج قيد إفرادي جديد لكلّ مرشح، خصوصاً المخاتير الحاليين الذين يبدو أنّ معظمهم ينوي الترشّح مجدّداً، فإنّ أغلب من يقدمون على هذه الخطوة يبدون شكوكاً كبيرة باحتمال إجراء الإنتخابات في موعدها المحدد، وترجيح تأجيلها، إلا أنّ "ذلك لا يمنع التحضير وأخذ الحيطة تحسباً لحصول مفاجأة وإجراء الإنتخابات "كيف ما كان"، على حدّ قول أحدهم.
لكنّ هذه التحضيرات لم تلحظ رفع أيّ مرشّح صورة له أو يافطة في أرجاء المدينة كافّة، إلّا على نطاق محدود للغاية، بل إكتفى من يريد الترشّح لعضوية البلدية أو منصب مختار بنشر صورة له على منصّات وسائل التواصل الإجتماعي المختلفة، أغلبها صور قديمة تعود إلى أيّام فترة الإنتخابات السّابقة، لأنّها حسب رأيّ بعضهم "أكثر إنتشاراً وأقل تكلفة من الناحية الماديّة، ولن نتكبد أيّ خسارة مالية إذا تأجّلت الإنتخابات".
يُضاف إلى كلّ ذلك أنّ المدينة تغيب عنها كليّاً أيّ جولات أو لقاءات أو مهرجانات شعبية أو إفطارات يقوم بها المرشّحون أو القوى السّياسية الداعمة لهم، وكأنّها غير معنية من قريب أو بعيد بالإنتخابات في مدينة مسقط رأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الداخلية والبلديات بسّام مولوي، برغم المهلة الزمنية القصيرة المتبقية على موعد أوّل جولة لهذه الإنتخابات التي حدّدها مولوي في السابع من شهر أيّار المقبل لكلّ من محافظتي الشّمال وعكّار.
غياب مظاهر التحضيرات المعتادة للإنتخابات المحليّة المرتقبة يقابله نقص كبير وفادح في التحضيرات اللوجستية داخل الدوائر الرسمية لهذه الإنتخابات، خصوصاً في سرايا طرابلس ومراكز القائمقميات. إذ أوضح موظفون في بعض أقلام النّفوس والدوائر لموقع "06News" أنّ وزارة الداخلية والبلديات "لم ترسل حتى الآن لوائح الشّطب إلى البلديات والمخاتير للإطلاع عليها والتدقيق بها، بل إكتفت بإرسال أقراص مدمجة فقط، ما جعل كلّ مرشح يريد الحصول على صورة عن لوائح القيد الوارد فيها إسمه كي يرفقها ضمن طلب ترشيحه، وأن تكون مصدقة من الجهات الرسمية المعنية، يواجه مشكلة فعلية. وعندما سُئل مسؤولون في وزارة الداخلية لدى مراجعتهم بالمشكلة، وعن كيفية حلّها في ضوء عدم توافر أوراق ومحابر للمطابع لسحب ونسخ الأوراق المطلوبة، كان ردّ المسؤولين عليهم: "دبروا حالكم!".
المشاكل التي يواجهها المرشّحون لا تقتصر على هذا الحدّ، ذلك أنّ حصول أيّ مرشح على إخراج قيد جديد بات مشكلة في حدّ ذاتها في ضوء عدم توافر أعداد كافية من هذه الإخراجات يمكنها تلبية المرشحين. وأوضح موظفون في أقلام نّفوس في الشّمال بأنّه "إذا ترشّح في القضاء أو المنطقة التي نتواجد فيها ألف شخص تقريباً للإنتخابات البلدية والإختيارية، ولا يوجد في القلم أكثر من 500 نسخة من إخراجات القيد الإفرادي، ماذا نفعل؟".
فضلاً عن ذلك، فإنّ غياب الموظفين عن مراكز عملهم في الإدارات الرسمية بسبب الإضراب المفتوح الذي ينفذونه، أو اتباعهم مبدأ المداورة في ما بينهم، بمعنى حضور موظف اليوم وآخر غداً، يشكل عائقاً أمام إنجاز الإنتخابات في موعدها المحدّد، ونقصاً لا يمكن تفاديه في الأيّام القليلة المقبلة المتبقية حتى موعد أولى جولات الإنتخابات.
فهذا الغياب للموظّفين يجعل أيّ قلم نفوس أو دائرة رسمية، يقتصر عملها على موظف واحد فقط في أغلب الأحيان وأحياناً لا يوجد أحد، في ظلّ عجز كبير عن القيام بالمهمة المطلوبة وتلبية طلبات المرشّحين والمواطنين على حدّ سواء، وفي توقيت واحد، وهو ما تسبّب في حصول إشكالات في العديد منها في الأيّام الأخيرة، بسبب عجز القلّة من الموظفين التي تداوم، مداورة، عن تلبية طلبات المواطنين والمرشّحين معاً، ما يدفع عناصر القوى الأمنية الموجودة، في كلّ مرّة، إلى التدخّل لضبط الوضع.