سلام من القاهرة: لبنان يمر بأسوأ أزماته الاقتصادية وهي مرشحة للتفاقم إن لم تمد يد الدعم والرعاية الأخوية بسرعة وبحكمة
القى وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال أمين سلام، كلمة لبنان في الدورة العادية الـ114 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي المنعقد في القاهرة على مستوى الوزراء، وجاء فيها :
“أود بداية باسم الجمهورية اللبنانية أن أتقدم بالتهنئة لدولة الامارات العربية المتحدة لترؤسها أعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته ال 114 وأخص بالشكر المملكة الاردنية الهاشمية للجهود التي بزلتها طيلة فترة ترؤسها لاعمال الدورة العاية 113 للمجلس.
كما أتقدم بالشكر والتقدير إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بشخص أمينها العام معالي الدكتور احمد ابو الغيط والامينين العامين المساعدين للشؤون الاقتاصادية والاجتماعية ولكافة العاملين في الامانة العامة لجهودهم الدائمة في تذليل العقبات بين الدول العربية الشقيقة على الأصعدة كافة، خصوصا في مجال متابعة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ودعم مسيرة العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي المشترك.
معالي السادة الوزراء:
حضرات السادة
إن مجلسنا هذا يتحمل مسؤولية كبرى في إرساء التعاون وتكريس الجهود المشتركة لخدمة مجتمعنا العربي، الذي يحمل ضمن كياناته قدرات ضخمة يتوجب توجيهها في الاتجاه الصحيح والبنّاء.
ويعكس جدول أعمالنا اليوم العديد من الموضوعات الحيوية، ولاسيما ما يطال استكمال منطقة التجارة العربية الحرة، ومواجهة تحديات الأمن الغذائي العربي، والذي يفترض معه إرساء الاستراتيجية العربية للأمن الغذائي، كما صيانة مجتمعاتنا العربية في مجال الصحة والتعليم وتمكين المرأة ..
أصحاب المعالي والسعادة
يشهد العالم تحولات نوعية في السياسة والاقتصاد، وعالمنا العربي ليس ببعيد عن هذه التحوّلات. فما نشهده من تقارب مستجد ومساعٍ لطي صفحة الخلافات وفتح صفحات جديدة، هي خطوات على قدر كبير من الأهمية نثني عليها وننظر اليها ببريق أمل في مستقبل منطقتنا، لكن لا بد لهذه التحولات العربية، وتلك المرتبطة بإقليمنا، أن تواكب بمساع عربية حقيقية لبناء اقتصاد عربي تكاملي طال انتظاره… اقتصاد قادرون على بنائه ليكون مواكبا للعصر الاقتصادي الجديد الذي يطلّ أمامنا، مع كل متطلباته من تطور تكنولوجي ورقمي وذكاء اصطناعي، والأهم أن يسهم في تحقيق تنمية مستدامة شاملة، وفي الارتقاء بمستوى حياة المواطن العربي وتوفير الرفاهية له.
لقد أثبت التاريخ الحديث أن قوة الدول لم تعد تقاس بتفوقها العسكري وإنما بقدراتها الاقتصادية وتطور صناعاتها، وبمدى تحقيقها الاكتفاء الذاتي، الى جانب مناعتها بوجه العواصف والأزمات الاقتصادية الشتّى.
إن عالمنا العربي يمتلك، بدوله كافة، قدرات اقتصادية لا مثيل لها، ومكامن قوة جعلته ولا تزال محط أطماع الكثيرين، بما له من موارد طبيعية وقدرات بشرية وموقع جغرافي مميز يمسك فيه بعدد من أهم بوابات العالم، بحريا وبريا. لقد ضاعت منا فرص كثيرة للارتقاء بهذا الكيان العربي الى مصاف أهم التكتلات الاقتصادية في العالم…فلا نضيع مزيدا من الوقت لأننا لم نعد نملك ترفه.
أصحاب المعالي والسعادة
إن لبنان يا سادة من مؤسسي الجامعة العربية، وقد كان له إسهامات على مدار السنين في تطوير العمل العربي، واعتماد سياسة الأخوة والتعاون مع كافة أشقائنا العرب دون استثناء.
ولبنان الذي تعرفونه أيها السادة يئنُّ اليوم تحت سلسلة من الأزمات التي توالت عليه خلال العقد المنصرم، ولا يزال لغاية تاريخه في أفق مسدود، يتطلب مساندتكم بدرجة أولى.
السيدات والسادة الحضور،
في إطار الحديث عن الأزمات الاقتصادية في العالم وفي دول عربية عدة، لا يسعني الا أن أنقل الى مسامعكم مرةً أخرى هموم الوضع الاقتصادي الصعب الذي يواجهه لبنان، البلد الذي لطالما كان ولا يزال في وجدان العرب جميعا.
لم يعد خافيا على أحد العبء الاقتصادي الكبير الذي يتكبده لبنان، كذلك باقي الدول العربية المستضيفة للنازحين السوريين، جراء هذه الاستضافة. إن تخفيف هذا العبء عن كاهل لبنان والدول العربية المستضيفة يبدأ حكما ًبالعودة السريعة والامنة والكريمة للنازحين السوريين الى وطنهم. فبعودتهم لا يخففون فقط الضغط الاقتصادي والاجتماعي عن لبنان، وإنما يشكّلون عنصرا أساسيا ورافدا بشريا مهما لعملية إعادة إعمار قراهم ومدنهم وتحقيق التنمية فيها وإطلاق العجلة الاقتصادية في سوريا لما فيه خير لكل الدول العربية.
يمرّ لبنان كما تعلمون بأسوأ أزماته الاقتصادية على مرّ تاريخه، وتعتبر أزمته من الأزمات الأكثر حدة في العالم، معطوفةً على الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت وخلّف خسائر كبيرة لا نزال نعيش تداعياتها الأليمة حتى يومنا هذا…. وأتت الحرب التي لا تزال دائرة للأسف في فلصطين ولبنان لتصب الزيت على نار الأزمة الاقتصادية اللبنانية المتدهورة أصلا، والتي أصابت شراراتـُها كل مقومات الاقتصاد اللبناني وصولا الى أوضاعا اجتماعية صعبة وخطيرة جدا، إن لم نقل مأساوية، وهي أزمات مرشحة للتفاقم إن لم تُمَد يد الدعم والرعاية الأخوية بسرعة وبحكمة وبغيرة قومية عربية وبشجاعة.
لبنان يمر في مرحلة انتقالية دقيقة ومصيرية قوامها الإصلاح، تعزيز الثقة، وإعادة البناء، لكن لبنان الواثق دائما من وقوف أشقائه العرب الى جانبه في كل الأزمات والحروب التي عصفت به، يتطلع الى دعمهم في محنته هذه، ويدعوهم الى الاستثمار في بنيته التحتية وإقامة مشاريع منتجة تعود بالفائدة على كلٍ من لبنان والدول العربية والمستثمرين العرب، فالفرص الاستثمارية عديدة وواعدة، ولبنّان الذي يعتبر من الدول السبّاقة والرائدة اقتصاديا في تاريخ منطقتنا قادر على النهوض مجددا من كبوته، ونهوضه الاقتصادي، كما نهوض باقي الدول العربية التي تواجه أزمات اقتصادية، هو قيمة مضافة لاقتصاد عالمنا العربي ويصب في مصلحة التكامل الاقتصادي العربي والقوة الاقتصادية العربية التي نصبو اليها جميعا.
نعلم جميعا محبة ومكانة الشعب اللبناني ولبنان في قلوب اشقائنا العرب، لكن لا بد من التكاتف ورص الصفوف والتنسيق العربي العربي اولاً ووحدة الموقف لسلام وازدهار شامل في منطقتنا..
اخوتنا المجتمعون لا تتركوا لبنان يتخبط وحيدا نحن لسنا بلدا مفلسا، ولا بلد الطلبات الكثيرة .. نحن بلد عربي اعتبر حلقة ضعيفة ووضع تحت ضغوطات اقليمية ودولية سمحت للفساد والمفسدين ان يدمرو بلدا عربيا غنيا بنعم كثيرة لها اهمية لا تثمن ماديا أو معنويا ضمن الاسرة العربية الكبيرة .. لبنان اليوم هو الشقيق الصغير الضعيف الذي تتفرد به استعدادا للانقضاض الكامل مطامع واجندات خارجية لسلخه عن اسرته العربية وتحويله من جوهرة في تاج العرب الى مستنقع موبوء يضعف العرب والعروبة.
معالي السادة الوزراء ..
السادة الحضور..إني أنتهز هذه الفرصة، ووجودي في هذا المجلس بين إخواني وأشقائي لأجدد النداء الطارئ باسم الشعب اللبناني التواق إلى إعادة بناء بلده وتكوين سلطاته الدستورية، وانتظام العمل السياسي والإداري.
وفي هذه المناسبة اسمحوا لي ان اشكر المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية على الجهود الطيبة المبذولة في سبيل العمل على ايجاد حلول سياسية واقتصادية للبنان وايضا اخص بالشكر دولة قطر التي لا تغادر لبنان محاولة ايجاد المخارج السياسية والاقتصادية اللازمة، فيغادر موفدها من هنا ليعود رجال أعمالها بمباركة القيادة القطرية يستثمرون في قطاعات عدة في لبنان أهمها الطاقة والسياحة.
أصحاب المعالي والسعادة حضرات السيدات والسادة،
ان الطريق الى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإصلاحات وبناء المؤسسات التزاماً وواجباً على الدول العربية جميعاً، فإن الحرص عليها أمانة ووديعة بين ايديكم لانها طريق الغد ومستقبل الأجيال. ولأنه بتطلعكم وعزيمتكم واستعدادكم للتضحية لا يرضيكم ولا يجوز ان يرضيكم اللا ان تكون اوطاننا وامتنا العربية سائرة وبسرعة الى أعلى مراتب الازدهار والعزة والكرامة.
ختاما، أتمنى النجاح لأعمال مجلسنا الكريم ولباقي الأعمال التحضيرية للقمة التي نتطلع الى أن تخرج بقرارات تعزز العمل العربي المشترك وتسهم في تقدم عالمنا العربي في مختلف المجالات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.