مولوي والإنتخابات البلديّة: النّوايا وحدها لا تكفي لإجرائها
05 نيسان 2023

مولوي والإنتخابات البلديّة: النّوايا وحدها لا تكفي لإجرائها

عبد الكافي الصمد

برغم أنّ وزير الدّاخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسّام مولوي أعلن عن مواعيد إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية خلال شهر أيّار المقبل على أربع مراحل، عندما أكّد بمؤتمره الصحافي (الثلاثاء 3 نيسان الجاري) "نحن ملزمون بدعوة الهيئات الناخبة"، فقد حملت تلك الدعوة إشارة ضمنية إلى أنّ الإستحقاق البلدي والإختياري قد يتأجّل، عندما لمّح مولوي إلى أنّ "الإصرار والنيّة ضروريان لإجراء الإنتخابات، لكنّ ذلك لا يكفي"، مطالباً "بتأمين الإعتمادات المالية، والمبلغ ليس كبيراً مقابل ما أنفق في العامين الماضيين".
وإذا كان مولوي من خلال إعلانه مواعيد جولات الإنتخابات المحلية، وفتحه باب الترشّح أمام المرشّحين، يقوم بواجبه، فإنّه بالمقابل كان واقعياً عندما أشار إلى أنّ ذلك لا يكفي، ملمّحاً إلى أنّ الأموال المطلوبة لإجراء تلك الإنتخابات في حال لم يتم تأمينها فسيكون متعذّراً على وزارته أن تجريها في موعدها، رامياً الكرة في ملعب الحكومة والسّلطة، وكأنّه يقول "لقد قمت بواجبي، ولكن لا أستطيع القيام بأكثر من ذلك، لأنّ القرار النّهائي ليس عندي".
مواقف مولوي يُستشف منها دلالات عدّة يجدر التوقّف عندها، من أبرزها:
أولاً: ليس تأمين المال وحده هو ما يعيق إجراء الإنتخابات، برغم أنّ تكلفتها تقلّ عن 9 ملايين دولار وفق ما أشار مولوي، برغم أنّ بعض المال أتى من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، و"الباقي يجب على الدولة تأمينه حتى من حقوق السّحب الخاصّة" على حدّ قوله، لأنّ القرار أولاً وأخيراً بيد طبقة سياسيّة لا تريد إجراء الإنتخابات، ما دفعه إلى الإستنجاد بالمواطنين والإعلام "للضغط" بهدف إجراء الإنتخابات، في خطوة تبدو وكأنّها نفض اليد مسبقاً من أيّ عرقلة تمنع إجراء الإنتخابات وتدفع نحو تأجيلها، الأمر الذي يطرح تساؤلاً: "ماذا سيفعل مولوي إذا اقترب موعد الإنتخابات ولم تؤمّن الأموال اللازمة لإجرائها؟".
ثانياً: حدّد مولوي 4 مواعيد لإجراء جولات الإنتخابات البلدية والإختيارية، الأولى في 7 أيّار في الشّمال وعكّار، والثانية في 14 أيّار في جبل لبنان، والثالثة في 21 أيّار في بيروت والبقاع وبعلبك ـ الهرمل، والرّابعة والأخيرة في 28 أيّار في الجنوب والنبطية، أيّ أنّ جولة الإنتخابات الأولى ستجري بعد شهر من الآن، وهي فترة زمنية قصيرة جدّاً لا تكفي لاستعداد المرشّحين لها، عدا عن أنّ أكثر من نصف هذه الفترة تشهد النصف الأخير من شهر رمضان وفترة أعياد الفطر والفصح، ما يجعل المرشحين في المرحلة الأولى مغبونين قياساً بغيرهم في بقية الدوائر، وينقض مبدأ المساواة المفترضة بين المرشّحين والنّاخبين، وهو مبدأ كان يفترض أن ينتبه إليه مولوي من قبل وأنّ لا يؤجّل دعوة الهيئات النّاخبة حتى اليوم الأخير، وهي مهلة شهرين قبل انتهاء ولاية المجالس البلدية والإختيارية في 31 أيّار المقبل.
ثالثاً: بعد انتهاء الإنتخابات البلدية والإختيارية الأخيرة التي جرت عام 2016، برزت دعوات لإدخال تعديلات على القانون الخاص بهذه الإنتخابات، وهناك مشاريع قوانين عدّة تدرسها اللجان النيابية ولم تنتهِ منها بعد، ما يجعل إجراء الإنتخابات وفق القانون القديم، كأمر واقع، محبط للكثير من التطلعات نحو قانون إنتخابات عصري.
رابعاً: خلال جلسة اللجان النّيابية المشتركة التي عقدت الأسبوع الماضي، قبل تطيير نصابها، كشف ممثلون عن القوى السّياسية في البرلمان، وخصوصاً حركة أمل والتيّار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانية، عن عدم رفضهم تأجيل إجراء هذه الإنتخابات ما بين 6 أشهر إلى سنة فسنتين، ما يعني أنّ هناك توجّهاً وتوافقاً ضمنياً لتأجيل الإنتخابات، لكن هناك حالة إنتظار وترقّب للإخراج وكي تصبح فكرة التأجيل أمراً واقعاً. 
خامساً: برغم تراشق القوى المسيحية الرئيسية، وتحديداً التيّار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانية، الإتهامات بتراجع شعبيتهما، وأنّ الإنتخابات البلدية المقبلة، في حال أجريت، ستكشف هذا التراجع، فإنّ كلا الطرفين وسواهما من القوى السّياسية المسيحية ومعهم مرجعياتهم الدينية، لا تنظر بعين الرضى والإطمئنان إلى مسار الإنتخابات البلدية في بيروت، في ضوء إستطلاعات رأي وتقديرات تشير إلى أنّ الأعضاء المسيحيين لن يفوزوا بأكثر من 4 مقاعد من أصل 12 كما هو اليوم مناصفة بينهم وبين المسلمين في مجلس بلدي مكوّن من 24 عضواً، ما دفع هذه القوى والمرجعيات للدعوة إلى تقسيم العاصمية بلديتين، مسيحية وإسلامية، وهو اقتراح يلقى إعتراضاً إسلامياً؛ أو تثبيت عدد الأعضاء المسيحيين في بلدية بيروت ضمن قانون، كما الوضع في الإنتخابات النيابية، وهو أمر يحتاج إلى وقت ليس متاحاً اليوم.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen