سوق الكندرجية... زيادة في الإقبال وتراجع في المداخيل
مصطفى أمينأعادت الأزمة الاقتصادية الإقبال على "سوق الكندرجية" في طرابلس اللبنانية، بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، وعجز المواطن عن شراء الأحذية الجديدة المستوردة منها أو المحليّة. إذ أصبحت البضاعة الجديدة وخاصة المستوردة بعيدة المنال، لتصبح حكراً على فئة قليلة من الناس، ممن يمتلكون دخلاً مالياً مرتفعاً نسبياً، حيث يبلغ تكلفة حذاء جديد ما لا يقلّ عن 10$.
في مساحة لا تتعدى المترين يعمل الاسكافي "أحمد أسعد" ويروي تفاصيل مهنته "اضطر الكندرجي أن يرفع أسعاره قليلاً توازياً مع ارتفاع غلاء المعيشة، ولكن ضمن المعقول. فمختلف البضائع التي يحتاجها الكندرجيي يتم شراؤها بالدولار. على سبيل المثال لوح النعال كان بـ20 ألف ليرة أصبح اليوم ب13$، وغالون التلزيق كان ب15 ألف ليرة اليوم أصبح ب10$ وكيلو المسامير كان ب9 آلاف ليرة اليوم أصبح ب10$ وهذا من دون احتساب كلفة اشتراك مولد الكهرباء ونفقات المحلّ التشغيلية. ويضيف أسعد أنّ مدخوله قبل الأزمة يبلغ 100 ألف ليرة في اليوم أي ما يقارب 70$ أما الآن فهو يبلغ 2 مليون ليرة ما يقارب 30$ في اليوم."
ويضيف "هذه المهنة لم تتطور ولم تشهد توسعاً في سوقها من حيث عدد العاملين بها، إذ إنّها مهنة متوارثة عن الأجداد والآباء وإذا استمرّ سوقها في الانحسار من حيث عدد العاملين بها فمصيرها الزوال عاجلاً أو آجلاً . كما أنّ مهنة الكندرجية لم تنتعش فعلياً، فما نراه في الواقع هو زيادة في الإقبال عليها فقط لا غير ولكن في حقيقة الأمر معدّل الربح على حاله ولم تتحسن قدرتنا الشرائية".
من جهة أخرى الإسكافي حبيب عرب يعلّق حول جودة الأحذية المستوردة "إنّ معظم هذه الأحذية يتم استيرادها من الصين نظراً لانخفاض التكلفة الجمركية المتوجبة عليها بالإضافة إلى سرعة تصريفها في السوق اللبناني وخاصة الطرابلسي ولكن الأحذية هذه تعاني من مشاكل الجودة؛ إذ إنّ جودتها منخفضة ما يضطرّ الزبون الواحد إلى تصليح الحذاء نفسه أكثر من مرّة، ومنها ما لا يمكن إصلاحه أبداً "
تعلّق أمّ وليد وهي أحد زبائن سوق الكندرجية قائلةً "أشتري أساساً الأحذية من سوق البالة وأمرّ بها مباشرة الى الكندرجي لإجراء بعض الصيانة وأعمال الصباغة، فتخرج القطعة هذه أفضل من الجديدة تلك، وتبقى صامدة لفترة طويلة دون أي حاجة لإستبدالها أو تصليحها حتى."
اعتماداً على واقع سوق الكندرجية وطبيعة الأزمة التي لا يعرف لها نهاية واضحة حتى الآن، سيكون على مراكز التدريب فتح دورات مهنية لتعلّم هذه المهنة من أجل سدّ حاجة السوق من اليد العاملة، إذ إنّ الجيل الحالي من الإسكافيين قد يكون الأخير! في حين أنّ هذه الأزمة قد لا تكون الأخيرة.