الديار _ التمديد في قيادة الجيش واقع لا محالة مخاوف مسيحيّة من خسارة الموقع العسكري بعد الرئاسة
ابتسام شديدالحديث عن تمديد ثان لولاية قائد الجيش العماد جوزف عون وضع في التداول في الفترة الأخيرة، على الرغم من ان المهلة المتبقية لبقائه في اليرزة تمتد الى شهر كانون الثاني، إلا ان الاستحقاقات الأساسية تشغل اهتمام القوى السياسية، خصوصا ان البلاد في وضع استثنائي وتنذر باحتمال وقوع حرب كبرى.
والواضح ان القوى السياسية المعنية بالتمديد بدأت تقييم ومراجعة مفاعيل عدم التمديد، وقياسه على مقياس حسابات معينة بدرجة اولى، وما تقتضيه المصلحة الوطنية بدرجة ثانية، ومحاولة الجمع بين المصلحتين. فمن عارض التمديد سابقا لقائد الجيش محاصر اليوم بظروف مختلفة تتعلق بالحرب من جهة، والخوف المسيحي من خسارة آخر المواقع المارونية في الدولة بعد الرئاسة الأولى.
فرئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل كان يتقدم المعارضين للتمديد السابق لعون، إلا ان موقفه حيال التمديد الجاري التحضير له سيختلف من دون أدنى شك عما قبله، وللدلالة على ذلك هناك من ربط أزمة توقيع وزير الدفاع موريس سليم المقرب من التيار، على مرسوم تثبيت اللواء حسان عودة في رئاسة الأركان بهذا الأمر، فباسيل لن يهب توقيعا مجانيا من دون مقابل في التعيينات الأمنية والمواقع الادارية الأولى. وعليه نشطت المساعي لإيجاد آلية تجمع بين الموافقة على تثبيت اللواء عودة، مقابل تعيينات لأعضاء المجلس العسكري المنتهية ولايتهم بما يضمن الحصة المسيحية.
من المعروف ان رئيس التيار يتصدر قائمة المعترضين للتمديد للعماد جوزف عون، كما رفض في التمديد الأول عندما سعى لتعيين اللواء بيار صعب بدلا من التمديد لعون، لأسباب تتعلق بالعلاقة المأزومة بين ميرنا الشالوحي واليرزة، وعليه فان ما فعله ترك الموضوع متأرجحا للعب على أعصاب قيادة اليرزة . مع ذلك، فان خطوات التيار كانت مدروسة، فتثبيت رئيس الأركان يعني حكما انتقال قيادة الجيش اليه، من هنا أتت التحفظات من قبل التيار لعدم التفريط بموقع ماروني أساسي.
ترفض بكركي بقوة ان يتسلم ضابط غير ماروني القيادة العسكرية، وتبدو أقرب الى دعم التمديد الثاني كما جرى في معركة التمديد الأول ، وتسعى بكركي في غياب رئيس جمهورية للمحافظة على ما تبقى من صروح ومواقع مارونية في الدولة، فالبطريرك الماروني الراعي يرفض أي تعيين بغياب رئيس الجمهورية ، معتبرا ان إجراء تعديلات في قيادة الجيش لا يصب في مصلحة الدولة ، وان استقرار الدولة يوجب تحصين الجيش وعدم المس بقيادته الى حين انتخاب رئيس للجمهورية. وسبق للراعي ان تحدث في معركة التمديد الأول عن "عيب" إسقاط قائد الجيش في ادق مرحلة من تاريخ لبنان، وانتقال الصلاحيات لرئاسة الأركان، فقيادة الجيش هي آخر الحصون المارونية، وليس مسموحا ان يصيبها فراغ يشبه فراغ الرئاسة الأولى وحاكمية مصرف لبنان.
ما يحتم التمديد كما تقول مصادر سياسية، ان الأوضاع الراهنة لا تحتمل المجازفة بانتقال السلطة الأمنية او اجراء تغيرات راهنا، انطلاقا من المعادلة المعروفة "لا يستبدل الضابط في قلب المعركة"، فكيف الحال ومؤسسات الدولة جميعها تعاني من الأزمات الإقتصادية والاجتماعية، ومنهم الجيش الذي يمر بالأزمات نفسها ويواجه لبنان الاعتداءات "الإسرائيلية" اليومية. لهذه الأسباب ترى المصادر ان لا مصلحة لأي فريق مسيحي بالسير في خيار معارض للتمديد من منطلق المصلحة الوطنية، وعدم تعريض المؤسسة العسكرية لخضات في مرحلة المواجهة مع الاعتداءات "الاسرائيلية" اليومية والتلويح بحرب شاملة.