انتخابات نقابة المهندسين في الشمال : فوز مرّ للأحزاب
لم ينسحب الطّقس الرّبيعيّ نهار الأحد المنصرم على أجواء انتخابات نقابة المهندسين في الشّمال ، أسابيع عديدة أفنتها الأحزاب السّياسيّة مجتمعة لتدارك خسارة كانت قاب قوسين أو أدنى من الفتك بهم نقابيًّا ، تَرأّس الحملة الانتخابيّة نقيب المهندسين بنفسه رافعًا راية حصريّة التّمثيل النّقابيّ للأحزاب السّياسيّة مُؤكّدًا في معرض ذلك أنّه لا يمكن السّماح لأيٍّ كان بالدّخول إلى مجلس النّقابة.
هذا الإصرار نتج عنه ولادة لائحة أحزاب أشبه بالمدحلة، مقابل لائحة مستقلّين تَكَوَّنَت بِشِقِّ الأنفس بعد أن مورِسَت ضغوطات على عدد من المرشّحين للانسحاب مقابل وعود بتبنّيهم في معارك مستقبليّة.
ضَمّت لائحة الأحزاب تحالف المردة ،حزب القوّات اللّبنانيّة، تيّار المستقبل، وتكتّل الإصلاح -الجماعة الإسلاميّة مُضافًا إليهم دعم لافت من النّائب فيصل كرامي والرّئيس نجيب ميقاتي، وفي هذا السّياق يشير مصدر مُطّلع لموقع 06 أنّ مجموعة عوامل أفضت لولادة هذه اللّائحة ونيلها الدّعم من مجمل القوى السّياسيّة بالرّغم من امتعاض القاعدة النّقابيّة لهذه الأحزاب، فالعامل الأبرز هو رغبة نقيب المهندسين بخوض الانتخابات دون معركة والحصول على فوز أشبه بالتّزكية أمّا العامل الثّاني فهو تَكَوّن ثقة لدى كلّ الأحزاب السّياسيّة. إنّ فرص الفوز تكاد تكون معدومة في حال انقسموا على لائحتين خصوصًا أنّ أيًّا من الأطراف لم يكن ليقدر على تمويل ماكينةٍ انتخابيّةٍ قادرة على إحداث فجوة في حالة النّفور من الأحزاب داخل النّقابة . ويضيف المصدر " النّائب فيصل كرامي فَضَّل عدم الدّخول في معركة بوجه القوّات اللّبنانيّة خوفًا من أن تُحسَب الخسارة عليه وحده، بالإضافة إلى أنّه سبق وأن قطع وعدًا لأمين عام تيّار المستقبل بدعم مرشّحهم خضر حسين إلى جانب رغبته بعدم التّسبّب في خسارة مرشّح تيّار المردة جوزيف عبداللّه وهو ما أكّدته النّتائج كَون المرشّح عبداللّه نال العدد الأقلّ من الأصوات بين الفائزين، أمّا تيّار العزم فقد فضّل الالتزام بحال الثّبات المستمرّ منذ الانتخابات النّيابيّة ودعم اللّائحة الأكثر حظوظًا بالفوز". وبالسّؤال عن توجّهات التّيّار الوطنيّ الحرّ يشير المصدر أنّ التّيّار العونيّ لم يكن معنيًّا بشكلٍ نهائيّ في المعركة النّقابيّة بالرّغم من أنّ مشاركته في وجه لائحة الأحزاب كانت لتُحدِث مُفاجَأة من العيار الثّقيل إلّا أنّه لسببٍ غير معروف فضّل عدم المشاركة ترشيحًا واقتراعًا تاركًا لقاعدته النّقابيّة حرّيّة المشاركة من عدمها ومن اقترع منهم اقترع بدافع العلاقات الشّخصيّة مع المرشّحين.
في حين استفادت لائحة الأحزاب من حالة النّفير العامّ النّقابيّة. عانت لائحة المستقلّين والّتي ضَمّت كُلًّا من سهير ليلا وسيم الحولي إيلي عوض وربيع عبّود من صعوبات حالت دون تمكّنها من الفوز أو إحداث خرق كان بمتناول اليد لولا أن انصرفت اللّائحة في اليومين، والّذين سبقوا الانتخابات إلى التّصدّي لجملة إشاعات انتشرت كالنّار في الهشيم منها لادِّعاء أنّهم مدعومون من جهات سياسيّة لها حساسيّة خاصّة في الشّمال بالإضافة لمجموعة أخبار عن انسحاب مرشّحين من اللّائحة وانفراط عقدها ، أكثر من ذلك فقد شكّل النّفور العامّ من الوضع النّقابيّ عاملًا عكسيًّا حيث اعتكف عدد كبير من المهندسين عن المشاركة في عمليّة الاقتراع حيث شارك 1584 مقترعًا من أصل أكثر من 9000 مهندس سدّدوا اشتراكاتهم وذلك لأسباب منها عدم الشّعور بجدوى المشاركة في ظلّ الاهتراء الّذي يصيب جسم الخدمات في النّقابة والتّراجع في مداخيل المهندسين والتّكلفة العالية للتّنقّل خصوصًا من القرى والمدن البعيدة نسبيًّا عن طرابلس .
في المحصلة نال مرشّح تيّار المستقبل الفائز خضر حسين 887 صوتًا تلاه مرشّح القوّات اللّبنانيّة الفائز نقولا سليمان 861 صوتًا ومن بعده مرشّح تيّار الإصلاح الجماعة الإسلاميّة الفائز مصطفى فخر الدّين 773 صوتًا ونال آخر الفائزين مرشّح تيّار المردة 717 صوتًا تلاه في المركز الخامس المستقلّة سهير أحمد ليلا ب583 صوتًا وفي المركز السّادس المستقلّ وسيم الحولي ب538 صوتًا وعلى التّوالي إيلي عوض ب317 صوتًا وربيع عبّود ب300 صوتًا .
نجت الأحزاب السّياسيّة هذه المرّة بتكاتفها وخوضها المعركة في خندق واحد في وجه القوى النّقابيّة المستقلّة وبالرّغم من أنّ النّتيجة مُرضِية بالحدّ الأدنى إلّا أنّه وحتّى الانتخابات القادمة حيث ستحضر معركة النّقيب إلى جانب معركة ممثّلي الفروع. يبدو أنّ على القوى النّقابيّة المُحزّبة أن تتحسّس رأسها كثيرًا وأن تعيد قراءة نتائج هذه المعركة بعيدًا غن نشوة الانتصار الحاصل، خصوصًا أنّ الظّروف الّتي أنتجته قد لا تتكرّر مستقبلًا .