الدّيار _ مُبيدات الحشرات : جرعة سمّ... جرعة توعية... جرعة وقاية!
يمنى المقدادفتحت مأساة وفاة الشابّة الراحلة نادين خشاب الباب واسعا لموضوع المبيدات الحشرية ومخاطرها على الصحة، وطرق استخدامها الآمن منعا لتكرار حوادث مماثلة.
يشار الى أنّ الراحلة خشّاب، التي توفيت في العشرين من هذا الشهر، كانت قد استقدمت شركة مبيدات لرشّ شقتها الموجودة في منطقة الحوش- قضاء صور، وفي اليوم التالي تمّ نقلها إلى مستشفى "جبل عامل" بسبب معاناتها من صعوبة في التنفس والشعور بالاختناق، لتفارق الحياة بعد ساعات قليلة. وعلى الفور فتحت وزارة الصحة العامة تحقيقا علميا وطبيا، وتم توقيف الشركة (غير المرّخصة) عن العمل، لحين صدور النتائج الفحوصات الطبية وكشف أسباب الوفاة.
ورغم أنّ التحقيق بهذه الحادثة لم ينته بعد، لكن هذا لا ينفي خطورة استخدام المبيد الحشري عشوائيا، بخاصة في ظلّ الفوضى الحاصلة على مستوى جهل المواطن بأنواعه ومعايير استخدامه الآمن، وكذلك في ظلّ تخمة الأسواق اللبنانية بأنواع لا تعدّ ولا تحصى من المبيدات ، واحتمال وجود أنواع ربما تكون غير صالحة للاستخدام المنزلي أصلا. والوضع يتفاقم سوءا في ظلّ تفلت التجار من الرقابة الرسمية، اما بسبب غيابها أو ندرتها أو بسبب الحدود المشرّعة أمام التهريب.
كيف يفسّر العلم حادثة وفاة خشّاب، في حال أثبتت التحقيقات بأنّ السبب هو المبيدات الحشرية؟ تجيب المتخصصة في العلوم الزراعية والبيئية والصناعات الغذائية الدكتورة شادن حيدر يعقوب لـ"الديار"، إلى أنّه يمكن طرح بعض الاحتمالات لتفسير الحادثة، منها:
- تعرض عال للمواد الكيميائية، بحيث قد تكون السيدة خشّاب تعرضت لكمية كبيرة من المبيد الحشري، سواء بسبب الرش المفرط أو عدم التهوية الجيدة بعد الرش، فهناك بعض المبيدات تحتوي على مكونات سامة يمكن أن تؤدي إلى التسمم، إذا تم استنشاقها أو ملامستها بكميات كبيرة.
- استخدام مبيد حشري غير مخصص للاستخدام المنزلي، أو يحتوي على مواد كيميائية شديدة السميّة يمكن أن يكون خطيرا، فبعض المبيدات لا تكون آمنة للاستخدام في الأماكن المغلقة.
- إذا كانت السيدة تعاني من حالات صحية مزمنة أو حساسية، فإن تعرضها لمواد كيميائية قد يزيد من خطورة التفاعل السلبي، مثل الإصابة بنوبات ربو أو حساسيّة حادة.
- التعرض المستمر: التعرض المستمر للمبيدات على مدى فترة طويلة، يمكن أن يؤدي إلى تراكم المواد الكيميائية في الجسم، مما يزيد من خطر التسمم المزمن.
من هنا، تقول يعقوب وجب على المستخدم الاحاطة بماهيّة المبيد الحشري ومخاطره على الصحة وشروط استخدامه بأمان.
المبيد الحشري... ما له وما عليه
وعن التعريف العلمي للمبيد الحشري المنزلي وأبرز أنواعه، أوضحت يعقوب بأنّ المبيد الحشري المنزلي هو مادة كيميائية تُستخدم لقتل أو طرد الحشرات الضارة داخل المنازل، ويأتي في أشكال مختلفة، منها الرش، البخاخ، الأقراص، والجيل، وكل نوع يُستخدم لمكافحة أنواع معينة من الحشرات:
- المبيدات الكيميائية مثل الرشاشات، تحتوي على البيريثرويدات، وتستخدم على الأسطح والأماكن التي تتواجد فيها الحشرات بشكل متكرر.
- المبيدات الطُعم: مثل الطعوم السامة للصراصير والنمل التي تأكلها الحشرات ثم تعود إلى أعشاشها، مما يؤدي إلى قتل المستعمرة بأكملها.
- الفخاخ اللاصقة: تستخدم لاصطياد الحشرات الزاحفة والطائرة، مثل الذباب والصراصير.
- المبيدات البيولوجية: استخدام البكتيريا أو الفيروسات، اذ تحتوي بعض المنتجات على بكتيريا مثل Bacillus thuringiensis التي تقتل يرقات البعوض.
- استخدام الفيرومونات: لجذب الحشرات إلى الفخاخ.
- المبيدات الطبيعية مثل الزيوت الأساسية: زيت النعناع وزيت شجرة الشاي، التي تعمل كطارد طبيعي للحشرات.
-مساحيق طبيعية: مثل التراب الدياتومي الذي يستخدم لقتل الحشرات عن طريق تجفيفها.
- الطرق الفيزيائية الشباك والحواجز: لمنع دخول الحشرات إلى المنزل.
-المصائد الكهربائية: تجذب وتقتل الحشرات الطائرة باستخدام الضوء.
مَن الأكثر عرضة لخطر الموت؟
عند تحديد المبيد بأنّه مادة كيميائية، فهذا يعني أنّه يمتلك قدرة سميّة تضرّ بالانسان وقد تقتله، فمتى يحصل الضرر، ومن هي الفئات الأكثر عرضة لخطره المميت؟ حذرت يعقوب هنا، من أنّ استخدام المبيدات الحشرية المنزلية يمكن أن يسبب أضرارا صحية إذا لم يُستخدم بحذر، والفئات الأكثر عرضة للخطر هي:
- الرضع والأطفال: وهم أكثر عرضة للتسمم بسبب أجسامهم الصغيرة وأجهزتهم المناعية غير المكتملة، ويمكن أن تسبب المبيدات لهم تهيج الجلد، العيون، والجهاز التنفسي، وقد تؤدي أيضا إلى مشاكل في النمو العصبي إذا تعرضوا لكميات كبيرة.
- المسنّون: قد يكونون أكثر حساسية للمبيدات، بسبب ضعف وظائف الأجهزة الحيوية مع التقدم في العمر، وقد يعانون من تهيجات في الجهاز التنفسي والعصبي.
- أصحاب الأمراض التنفسية مثل الربو أو الحساسية، وهؤلاء قد يتعرضون لنوبات حادة من الأعراض التنفسية مثل السعال، ضيق التنفس، وزيادة تهيج القصبات الهوائية.
- أصحاب الأمراض المزمنة مثل مرضى القلب أو الكبد، هؤلاء قد يتعرضون لتفاقم حالتهم الصحية، بسبب التأثيرات السامّة للمبيدات على هذه الأعضاء.
الاحتياطات
وحول معايير استخدام هذه المبيدات المنزلية كي نتجنّب الاضرار بصحتنا، شدّدت على ضرورة قراءة التعليمات بعناية، والتأكد من قراءة وفهم تعليمات الاستخدام الموجودة على عبوة المبيد والالتزام بها بدقة حول التركيب الكيميائي، لمعرفة مدى سمية المبيد والتأكد من أنه مناسب لنوع الحشرة التي ترغب في مكافحتها، والتحقق من الجرعة المحددة، وطريقة التطبيق، وتوصي بالاحتياطات التالية:
- استخدام الملابس الوقائية: مثل القفازات والأقنعة إذا كانت التعليمات توصي بذلك.
- التهوية الجيدة باستخدام المبيد في مناطق جيدة التهوية، وفتح النوافذ والأبواب لتسهيل تدفق الهواء وتقليل تركيز المواد الكيميائية في الهواء، لتجنب استنشاق الأبخرة الضارة.
- تجنب الاستخدام الزائد من خلال عدم استخدام كمية أكبر من الموصى بها، لأن زيادة الكمية لا تزيد الفعالية، بل تزيد من المخاطر الصحية.
- تغطية أو إبعاد الطعام والأدوات المنزلية قبل استخدام المبيد لمنع تلوثها، وتنظيف الأسطح بعد الاستخدام، خاصة في المناطق التي يتم فيها تحضير الطعام.
-غسل اليدين جيدا بعد استخدام المبيدات، لتجنب نقل المواد الكيميائية إلى الفم أو العينين.
- استخدام البدائل الطبيعية مثل استخدام الزيوت العطرية أو الخل.
- إبقاء الأطفال والحيوانات الأليفة بعيدا عن المناطق التي تم رشها حتى يجف المبيد تماما، وتخزين المبيدات بعيدا عنهم لضمان سلامتهم.
- عدم تواجد الأطفال والمسنين وأصحاب الحالات الصحية الحساسة في المنزل أثناء الرش وبعده لفترة كافية.
- في حال الشكوك حول استخدام أي مبيد حشري، يُفضل استشارة مختص في مكافحة الحشرات أو الاستعانة بخدمات مكافحة الحشرات المحترفة.
بعد رشّ المنزل
لا تنته الاجراءات الاحترازية قبل الاستخدام، فهناك أخرى لا بد من اتمامها لتفادي الخطر، ولفتت يعقوب الى أنّ أهمّها هو التهوية ضرورية جدا لتقليل تعرّض الأشخاص للمواد الكيميائية الضارة، وأوصت ببعض النصائح لضمان جودتها، منها: فتح جميع النوافذ والأبواب في المنطقة التي تم رشها قبل وبعد استخدام المبيد، للسماح بتجديد الهواء وخفض تركيز المبيد فيه، تشغيل المراوح أو مراوح التهوية للمساعدة، عدم استخدام المبيدات في الأماكن المغلقة كالحمامات أو الأقبية، تنظيف الأسطح التي قد تتراكم عليها بقايا المبيد لتقليل التعرض للمبيد بعد التهوية.
منزل خال من الحشرات
بطريقة آمنة وصديقة للبيئة
تنتشر عبر المواقع الالكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، الكثير من المقالات والفيديوهات حول بدائل طبيعية آمنة للمبيدات الحشرية الكيميائية، فما مدى صحتها و فعاليها وفق العلم الحديث؟ لم تكتف يعقوب بالتأكديد على وجود بدائل آمنة للمبيدات الكيميائية، بل نوّهت بضرورة استخدام البدائل الطبيعية، لأنّها غالباً ما تكون أقل سمية وأكثر أمانا لأجل سلامة العائلة والحيوانات الأليفة، وأقلّ تلويثا للبيئة، كما أنّ فعاليتها مستدامة ويمكن استخدام بعضها بشكل متكرر دون الخوف من تراكم المواد الكيميائية الضارة، منها:
- الزيوت العطرية وتحتوي على مركبات طبيعية تطرد الحشرات منها: زيت النعناع، زيت اللافندر، زيت شجرة الشاي، للتخلّص من النمل والصراصير والبعوض، وهي متوفرة في متاجر الصحة الطبيعية والصيدليات.
- الخل الأبيض المخفف بالماء، ويعمل كمادة طاردة طبيعية بسبب رائحته القوية، ويستهدف النمل و الذباب، وهو متوفر في معظم محلات البقالة.
- مسحوق البورق (Borax): المخلوط بالسكر، وهو مادة طبيعية تقضي على الحشرات عن طريق التجفيف، يقتل النمل والصراصير ويتوفر في متاجر التنظيف والمواد الكيميائية.
- الأعشاب العطرية كأوراق الريحان والنعناع والزعتر، حيث تحتوي على روائح طاردة للحشرات والذباب والبعوض، ويمكن زراعتها في المنزل أو شراؤها من محلات الأعشاب.
- المصائد اللاصقة الغير سامة، تعمل على احتجاز الحشرات دون استخدام مواد كيميائية، مثل الصراصير والذباب، وتباع في متاجر الأدوات المنزلية والمبيدات الحشرية.
- محلول الصابون والماء، فالصابون يعمل على اختناق الحشرات وتدمير أغشيتها الخارجية، ويستخدم لقتل المن و العناكب، ويمكن تحضيره في المنزل.
خلاصة القول... بمعزل عن الرقابة الرسمية الغائبة عن مراقبة ما يدخل ويخرج الى لبنان من بضائع، وبمعزل عن نمو الشركات الغير مرخصة كالفطر وفي كل الميادين الحيوية، يقع على عاتق المواطن الحذر في استخدام المنتجات الكيميائية تحديدا كالمبيدات وسواها، عبر تعزيز ثقافة الاطلاع على ملصقات المنتجات التي - ما كتبت من فراغ - وان تعذّر عليه ذلك ، فأهل الاختصاص كفيلون بالارشاد والتوعية.. فاقتضى التحذير!