بصمات طوفانية
كَتَبَ الأستاذ ناصر الظنطلقد كانت لطوفان الاقصى المبارك اثاراً كبيرة شملت بقاع الارض حتى باتت عنصراً مؤثراً في الكثير من القضايا فترى بصمتها حتى في الانتخابات النيابية والبلدية والرئاسية في اكثر من بلد وربما كان آخرها انسحاب بايدن من السباق الرئاسي الامريكي والذي تعرض اثناء حملاته الانتخابية لمواقف سلبية من الكثير من اعضاء الحزب الديمقراطي المعترضين على ادائه ومواقفه الداعمة للعدوان على غزة ومما يرجح ذلك امتناع نائبته والمرشحة البديلة عنه كمالا هاريس عن حضور خطاب نتنياهو في الكونغرس وغالباً ما تهدف من وراء ذلك التميز النسبي عنه .ونشير الى تقارير تحدثت عن غياب حوالي نصف الاعضاء الديمقراطيين في مجلس النواب والشيوخ الذين لم يحضروا الخطاب اضافة الى رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي والتي وصفت خطابه كأسوأ عرض قدمته شخصية اجنبية حظيت "بشرف "مخاطبة الكونغرس حسب قولها ،
ورغم كل تلك المواقف المعترضة تعتبر خطوة استقبال نتنياهو والقائه خطابه المليء بالاكاذيب امام الكونغرس تاكيداً لشراكة الادارة الامريكية في كل جرائم الابادة الوحشية القائمة والمستمرة منذ حوالي 10 اشهر مع تسجيلنا للتطور الايجابي لدى الكثير من الامريكيين الذين تظاهروا ويتظاهرون اعتراضاً واحتجاجاً على سياسة الدولة الامريكية والكيان الصهيوني ويتعاطفون مع فلسطين وحريتها.
فالجرائم البشعة التي يرتكبها الاحتلال من حصار وتجويع وتشريد وتدمير لكل نواحي الحياة وارتكاب المجازر الوحشية بالفتك والابادة الجماعية وبشكل يومي ما يوحي ان الهدف هو الوصول الى غزة غير قابلة للحياة.
ولكننا رأينا العدو يفشل في كسر ارادة الناس ويفشل في دفعهم الى الاستسلام او الهجرة كما يفشل في سلخهم عن تاييدهم للمقاومة .
فالعدو اراد دفع الناس الى اليأس ولكن خيارهم كان الصبر والاحتساب والثبات والاصرار على البقاء والصمود مع استمرار الدعم والتأييد للمقاومة الباسلة الجبارة، مما يعني ان تلك الجرائم باتت بلا فائدة على مرتكبيها واصبح القتل للقتل والتدمير للتدمير.
لذلك نلاحظ ان الجرائم قد انقلبت على الصهاينة وداعميهم بسوء السمعة والوجه وهذا ما يفسر الانقلابات الكبيرة لدى الرأي العام العالمي حتى داخل امريكا واوروبا .
والأهم من كل ذلك ثبات المقاومة والمجاهدين وقدرتهم العالية على التكيف مع الظروف الصعبة واستمرارهم في القتال وفي انزال الخسائر الكبيرة بجنود العدو والياته اما بالمواجهات المباشرة او تلك العمليات الفدائية والافخاخ والقذائف والقنص وغيرها مما يؤشر ان العدو غير قادر على البقاء في غزة وان رغب في ذلك فسوف يواجه بحرب استنزاف يومية مكلفة جداً علماً انه فشل حتى الان باستعادة الاسرى والذي نجح بقتل عدد كبير منهم بأياديه الآثمة.
اما الضفة الغربية التي تقدم الشهداء يوميا في الكثير من مدنها ومخيماتها وقراها والتي باتت ملتهبة بالمواجهات اليومية ناهيك عن عمليات اطلاق النار والعبوات والدهس والطعن وغيرها، مما يؤكد ان ابناء فلسطين الاشاوس لن يسكتوا على ضيم وحق ولن يرضخوا للمحتل الغاصب مهما غلت التضحيات .
ان العدو المتغطرس لم يفهم بعد ان في الامة رجالاً
صادقين وجادين وعازمين على المواجهة ولن يركنوا الى ظلمه .فعندما تنتصر اليمن لغزة يظن الصهيوني والامريكي ان غاراتهم الجوية وصواريخهم واعتداءاتهم ستسكت اهل اليمن ،انه الوهم الذي تبدده الوقائع اليومية عبر المظاهرات المليونية الداعمة لغزة والداعمة للمشاركة اليمنية العسكرية في دعم غزة ،لا بل قيل ان أبناء اليمن استبشروا خيراً عندما قدموا شهداء على طريق القدس وفلسطين ،ولعل من بركات المشاركة اليمنية الكريمة بروز خطوات ايجابية على طريق المصالحة مع السعودية وكذلك بروز مواقف مؤيدة لحرب الاسناد اليمنية من تيارات عديدة ولا سيما نجل الشيخ الزنداني رحمة الله.
فيبدو ان العدو لن يخرج من كبريائه وتجبره وغطرسته الا عبر الصبر والاقدام ليرى من ابناء الأمة مزيداً من البأس والقوة ، الامر الذي يتجلى في اهل اليمن كما يتجلى في المقاومة الاسلامية العراقية وكذلك في جبهة الاسناد اللبنانية التي التحقت بطوفان الاقصى منذ اليوم التالي وراحت تتوسع تدريجياً ،
وبنك اهداف المقاومة يزداد ويتسع ليطال المزيد من المستوطنات والثكنات والمواقع العسكرية المعادية واستطلاعات الهدهد المتعددة تشير الى اهداف جديدة اوسع مما رأيناه حتى اليوم .
ولا بد من الإشارة الى حالة القلق و النقاش و التساؤل داخل بيئة المقاومة ومؤيديها حول حجم التضحيات ولا سيما نجاح العدو باستهداف الكثير من المجاهدين والمقاومين والكوادر والقادة من حزب الله والجماعة الاسلامية وحركة امل والقسام والجهاد الاسلامي وغيرهم، وكيف يستطيع العدو الوصول الى هؤلاء الاخوة المجاهدين المقاومين ، وهل هناك خيانة او اختراقات او غير ذلك ؟ولعلنا نستطيع القول ان حدوث اختراق في مكان ما او وجود نقاط ضعف في مكان اخر من الامور الممكنة والواقعية ولكن يبدو حسب الخبراء والمراقبين ان الاسباب الرئيسية تكمن بالتطور التقني والعلمي لدى العدو وحلفائه وبدعم من طائرات التجسس واجهزة الرصد والاقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي ناهيك عن امتلاك العدو وحلفائه لبصمات الصوت والصورة وحرارة الجسد واجهزة التجسس الدقيقة والموجهة .
وهذا لم يكن ليحدث لولا الدعم المطلق امريكيا و اوروبيا ناهيك عن القوة النارية المدمرة ولا سيما لسلاح الجو.
و مما ينقل عن احد القادة (الشهيد ابو طالب رحمه الله و تقبّله) اننا في ساحة حرب و مواجهة و لسنا هنا لشرب الاركيلة.
لكننا مع ذلك نعود للمعادلة التي ذكرناها سابقاً ان هذه الاغتيالات والاعتداءات لن تصل الى نتيجة بل ستزداد المقاومة قوة وباساً واصراراً وثباتاً مع بيئتها الحاضنة والشريفة تزف الشهداء السعداء على طريق القدس وستستمر بمعركة الاسناد المباركة باذن الله تعالى.
وانه لجهاد نصر او استشهاد .