الدّيار _ هل تتجه شركات الضمان الى الاندماج مع استمرار ارتفاع الكلفة الاستشفائية ؟ منكوش: سوق لبنان لا تستوعب اكثر من ١٥ شركة والموجود ٥٤
جوزف فرحبوليصة التأمين في ارتفاع مستمر والاسباب كثيرة: اولا التضخم العالمي ثانيا ارتفاع اسعار المستشفيات والاطباء والمواد الطبية المستوردة وثالثا رفع الدعم عن الادوية وبعض العلاجات الطبية وغياب الرقابة الطبية وضعف او انعدام الخدمات الطبية لوزارة الصحة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وهذا ما يؤدي الى تراجع عدد المؤمنين واضطرار بعض شركات التأمين الى "ضرب فرامل "والبحث عن مصيرها ومستقبلها وامكان دمجها بعضها مع بعض .
هذه المعضلة التي يعيشها قطاع التأمين كيف الحل لمعالجتها ؟ يقول العضو في جمعية شركات الضمان و مدير عام كامبرلند جورج منكوش :
"أن الكلفة العالية للمستشفيات والأطباء تنعكس بالفعل سلبا على المؤمن وقد كانت خلال عامي ٢٠٢١ و ٢٠٢٢ مقبولة وضمن حد الاحتمال إذ كنا نعيش يومذاك فترة كورونا ونلتزم بيوتنا لكن بعد انقضاء الأزمة الوبائية ارتفعت الكلفة خصوصا بعد أن أصبح التداول كله بالدولار الفريش وقد عادت المستشفيات للعمل أكثر. لكن علينا الا ننسى أن الأزمة عالمية والتقدم موجود ليس في لبنان فقط إنما في كل العالم وقد ارتفعت اسعار الأدوية والاجهزة الطبية بالإضافة إلى أن دولتنا رفعت الدعم الطبي مما اثر فينا كشركات وفي الناس وقد رفعت المستشفيات أسعارها بمعدل ١٠٠% عن العام ٢٠١٩، كذلك فعل الأطباء بينما لم تصل الزيادة التي فرضتها شركات التأمين إلى ١٠٠% على ما كانت خلال العام ٢٠١٩ . لقد تراوحت الزيادة بين شركات التأمين إلى ما بين ٨٥% او ٩٠%. أما أسباب زيادة اسعار المستشفيات والأطباء بهذا الشكل الكبير فتعود برأيي إلى قلة الرقابة . أيضا انا لا اعتقد ان الاجتماع مع وزير الاقتصاد سيؤثر بالموضوع إذ اننا سبق وطرحنا المشكلة معه لإيجاد حل ما لكن ما دام لا توجد رقابة على القطاع الصحي وعلى التسعير فيه فلن تصحح الأمور. حاليا كل مستشفى يسعر على هواه إذ لا رقابة ولا كونترول عليه. ان فريق حماية المستهلك يراقب على الأرض المحلات والموتورات بينما يستثني المستشفيات فلماذا؟... ان السوق متفلت والأسعار تحلق صعودا. نحن لا نستطيع شراء المعدات الطبيه مباشرة من الموردين ولو فعلنا ذلك لوفرنا أكثر من ٣٥% بالسعر".
واكد منكوش ما قاله امين سلام حول الارباح الفاحشة للمواد الطبية المستوردة :
"ما يقوله صحيح لكنه لن يفعل شيئا ولن يستطيع إذ إن المستشفيات خاضعة لسلطة وزارة الصحة وقد كان هم وزير الصحة أن تبقى المستشفيات وتحافظ على وجودها وسط الأزمة الاقتصادية الخانقة ،انا لا ألومه إذ اننا عانينا من أزمة كورونا وقد تضررت مستشفيات بيروت كثيرا من انفجار مرفأ بيروت لكنها استفادت من التفلت كثيرا وبعضها يبني المزيد من الأقسام والبنايات فمن أين أتى بالمال؟... طبعا انه مال شركات التأمين وبعض المرضى القادمين من الخارج للعلاج لكن هؤلاء لا يشكلون نسبة مئوية تذكر.
ولا بد أن يعاد تفعيل دور الضمان الصحي الاجتماعي على الأقل كما كان سابقا قبل العام ٢٠١٩ إذ كان الموظف وصاحب الدخل المحدود يلجأ إلى الضمان الاجتماعي الذي يغطي ٨٩% او ٨٥% من كلفة الاستشفاء وشركات التأمين تغطي فرق الضمان . حاليا لا يغطي الضمان أكثر من ١٠ او ٢٠% من الكلفة . لكن يبقى السؤال هل تستطيع الدولة الدخول في تكاليف جديدة؟... بالطبع لا إذ ان وزارة الصحة اليوم لا تستطيع تغطية كلفة أدوية السرطان. ان التضخم قد شمل بالنتيجة كل القطاعات في لبنان وقد زادت شركات التأمين أسعارها خلال هذا العام ثلاث مرات إذ عليها أن تراعي ربيتها".
تراجع عدد المؤمّنين
هذة الاسعار المرتفعة لا بد ان يتراجع عدد المؤمّنين والسؤال كيف يمكن لشركات التأمين من الاستمرار رد منكوش قائلا:
"انها تعمل بصعوبة. لقد طرحنا سابقا في جمعية شركات الضمان فكرة الدمج بين الشركات إذ ان سوق لبنان لا يستوعب أكثر من ١٥ شركة بينما الموجود حاليا ٥٤ شركة تتعاطى ٤٨ شركة منها بالاستشفاء فلماذا لا يتم دمج هذه الشركات ؟... السبب برأيي يعود إلى العقلية اللبنانية التي تريد الترؤس اي "انا الرئيس وانا من يدير اللعبة"... أن شركة كامبرلند هي شركة متوسطة الحجم ولا مشكلة لديها في الاندماج. حاليا يتم تفعيل دور الرقابة وقد تم تعيين نديم حداد رئيسا للجنة الرقابة على شركات الضمان وهو إنسان ممتاز جدا في تعاطيه مع الناس وهو يحاول تقويم القطاع لكن هذا سيحتم ضخ المزيد من المال في رأسمال الشركة لكي تبقى مليئة وتقوم بواجباتها كما يجب إلى جانب الحفاظ على الملاءة المالية . انا لا أرى مشكلة في الاندماج ما بين شركتين او ثلاث لأن السوق غير قادر على استيعاب أكثر من ١٥ شركة . يوجد في الشركة ١٠٠موظف ولدينا حوالى ٣٠ مليون دولار كمحفظة ونسعى لزيادة حجمنا وتوسيع اعمالنا لذا فكرة الدمج مع إحدى الشركات الجيدة أمر ممتاز".
وعن الاسباب التي تمنع شركات التأمين من الرقابة قال منكوش :
"انها لسؤ الحظ جمعية اي أن قرارها غير ملزم لشركات التأمين. اذا اجتمعت مثلا ٥٤ شركة تأمين واتخذت قرارا ما فإذا لم تلتزم به شركتان او ثلاث فالقرار لا مفعول له واقعيا. لقد اجتمعنا مع المستشفيات عندما فرضت زيادة كبيرة سابقا وقد استطعنا اختزال بعضها لكن الزيادة ما زالت قائمة حاليا بمعدل ١٥% و ٢٠% ما عدا اتعاب الأطباء. انا أرى أن على الجميع التعاون لكن الذي يحصل هو احادية الرأي وكل واحد يريد أن يربح وان يضع سعره وعلى الآخرين الالتزام له . بالإضافة إلى ذلك هناك صناديق التعاضد التي تزاحم شركات التأمين وهي غير خاضعة لسلطة رقابية وهي تابعة فقط لوزارة الزراعة وليس لديها مستلزمات او ضمانات او ضريبة ١١% . لقد تم خلقها أساسا لخدمة الجمعيات الزراعية وقد تنوعت اليوم ليصبح لدينا صندوق التعاضد الماروني وصندوق لاليك وغيره."
هل تضاءل عدد المؤمنين كثيرا في الوقت الحالي؟
"لا شك أنه تضاءل لكن ليس كثيرا إنما البعض وبسبب الأزمة يغير الدرجة من الأولى إلى الثانية او يختصر في عدد المستشفيات وقد ابتدعنا منتجا مخصصا لذوي الدخل المحدود في العام الماضي يؤمن التغطية في عدد محدد من المستشفيات وبدرجة ثانية او ثالثة . أن الحاجة كما يقال هي أم الاختراع ونحن نحاول ابتداع منتجات تلبي ظروف الناس ".
يقال ان التغطية الصحية لا تحقق حاليا الا الخسارة لشركات التأمين فهل هذا صحيح؟
"اننا نحاول تطبيق معايير حسابية جديدة وقد حققنا خسارة في العام ٢٠٢٣ حاولنا تعويضها من التغطيات الأخرى مثل تأمين المركبات والممتلكات. لقد حاولنا زيادة اسعارنا بعد الخسارة التي منينا بها إذ المفروض وجود ربحية وخلق وضع مستقر ونحن نأمل تحقيق ربحية ما في العام المقبل لكن الوضع لا يبشر بالخير.
لأن اسعار الاستشفاء في لبنان قاربت اسعار أوروبا إذ أن كل شيء قد ارتفع سعره في لبنان ونحن نعيش في أزمة كبرى ".
ما رأيكم بخطوة التوأمة التي قام بها مستشفى أوتيل ديو مع بعض مستشفيات الأطراف مما أسهم في تراجع كلفة بوليصة التأمين بنحو٣٠% وهل تشجعون عليها؟
"لقد فرضت وزارة الاقتصاد علينا أن يكون لدينا ضمن البوليصة مستشفى جامعي واحد على الأقل وخطوة مستشفى أوتيل ديو جيدة لكنها لا تخدم الا من يوجد في الأطراف إذ سيذهب إلى المستشفى في منطقته ولن يأتي إلى بيروت وبالطبع ستكون الكلفة أقل. لقد بدأنا هذه الخطوة في منطقة الشمال حيث أمنا التغطية في بعض مستشفياتها وقد نجحت التجربة مما شجعنا على القيام بخطوة مماثلة في الجنوب ونحن بصدد الانتهاء من اللمسات الأخيرة الذي يؤخرها الوضع المتدهور في المنطقة وسننتقل بعدها إلى البقاع ".