حمود والضاهر وريفي وميقاتي: تخفيف الإحتقان أم تبنيه؟
خاص 06كان لافتاً البيان الذي أصدره العميد المتقاعد عميد حمود وشكر فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والنائب أحمد الخير، و"كلّ من ساهم وساعد على تخفيف الإحتقان الذي حصل على خلفية إغتيال الشيخ أحمد شعيب الرفاعي، بعد الدعاوى التي سطرت بحقه وحق النائب السّابق خالد الضاهر"، وفق ما جاء في بيانه.
ما لفت في البيان ليس شكر العميد حمود، وضمناً النائب السّابق ضاهر، للرئيس ميقاتي والنائب الخير وغيرهما على "تخفيف الإحتقان" الذي نشأ بعد مقتل الشيخ الرفاعي، إمام وخطيب مسجد أحمد الرفاعي الكبير في بلدة القرقف في عكّار، إنّما إغفال البيان أو تجاهله مساهمة الرجلين، حمود والضاهر، في رفع منسوب الإحتقان إلى درجة خطيرة، بعدما أصدرا إتهامات لا أساس لها من الصحّة حول حادثة إختفاء ومقتل الشيخ الرفاعي، وكادت تدفع عكّار ولبنان نحو حرب أهلية طاحنة تأكل الأخضر واليابس، وبثّهما خطاباً تحريضياً طائفياً ومذهبياً بغيضاً.
فخلال الأيّام الخمسة التي اختفى فيها الشيخ الرفاعي عن الأنظار، قبل العثور على جثته فجر يوم الأحد في 26 شباط الماضي، لم يتوقّف حمّود والضاهر، ومعهما النائب أشرف ريفي، إلى جانب شخصيات سياسية ودينية وإعلامية، في رمي إتهامات يميناً ويساراً، بلا أيّ دليل مادي على هذه الإتهامات التي جعلت البلاد تغلي بشكل غير مسبوق.
ومع أنّ أولى أصابع الإتهامات وُجّهت إلى رئيس بلدية القرقف يحيى الرفاعي، والإشتباه به باختفاء الشيخ الرفاعي بسبب خلافات قديمة بينهما، فإنّ حمّود والضاهر وآخرين إستغلا حادثة إختفاء الشيخ ليوجّها أصابع الإتهام في أكثر من اتجاه. تارة إلى جهاز الأمن العام وبأنّه يقف خلف عملية الإختفاء، وبأنّه خطف الشيخ بهدف تسليمه إلى حزب الله مرّة، أو إلى الحرس الثوري الإيراني مرّة أخرى، وصولاً إلى اتهام النظام السّوري باختطافه، مبرّرين الأمر بأنّ الشيخ الرفاعي لطالما كانت له مواقف مناهضة لحزب الله وإيران والدولة السورية، وبالتالي فإن اختفاءه ـ حسب زعمهم ـ لا بدّ إلا أن يقف وراءه أحد الأطراف الثلاثة.
خلال الأيّام الخمسة التي رافقت إختفاء الشيخ الرفاعي قبل العثور على جثته قرب مجرى نهر البارد، واكتشاف الحقيقة الصعبة والمؤلمة بتورّط قريبه يحيى الرفاعي وأقربائه في قتل الشيخ عمداً، ودفن جثته في حفرة، إستغل حمود والضاهر وريفي وآخرين الدم كما لم يستغلوه من قبل، وتصدرّوا الشّاشات والصحف ومواقع الأخبار الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي، ليثبتوا أنّهم وآخرين يعيشون سياسياً على الدم والتحريض ونشر الكراهية، بلا أيّ مسوغ أو دليل مادي، قبل انقلاب الآية عليهم، وكشف حقيقة إختفاء الشيخ الرفاعي.
بعد كشف حقيقة إختفاء الشيخ الرفاعي ومقتله، بادرت أكثر من جهة إلى رفع دعاوى قضائية ضد حمّود والضّاهر وسواهما من قبل الأمن العام وحزب الله، وطلب محاكمتهم بتهم عدّة مثل التحريض الطائفي والمذهبي ، ما جعلهم يغيبون عن السّمع نهائياً بعد كشف الحقيقة وانكشاف أمرهم، بعد إنكشاف وجههم الحقيقي ونزول السخط عليهم من قبل عائلة الشيخ الرفاعي وأهالي القرقف ، الذين اعتبروا أنّ حمود والضاهر بمواقفهما ضلّلا التحقيق، وأنّه غير مرغوب بهم مع آخرين في البلدة وبين أهلها، سواء للتعزية أو لأي أمر آخر.
بالعودة الى البيان الصادر عن حمود والضاهر بعد زيارة للقصر الحكومي برفقة النائب أحمد الخير، فلا بد من التوقف عند هذه الزيارة والتي تتجاوز غاية تغطية الفاران من وجه العدالة ضاهر وحمود قضائياً الى مقاصد أخرى توحي أن هناك جهة رسمية تبنت أهداف خطابهما بشكل غير مباشر على عكس دار الإفتاء التي بحكمتها قد رفضت منذ اللحظة الأولى إستغلال الجريمة لأهداف سياسية ، ما يفسر سطيحة البيان وخلوه من إعتذار هو الحد الأدنى من الواجب .
بناءً عليه، فإنّ أقل الواجب على حمود والضاهر وريفي وآخرين ليس شكر من أسهم في تخفيف الإحتقان، بلا أن يتم سوقهم للعدالة بتهم العمل على تفجير فتنة ، واستغلال مصيبة إختفاء الشيخ ومقتله لأهداف وأجندات داخلية وخارجية لا تريد الخير لشمال لبنان وكلّ اللبنانيين.
وإذا كان حمود والضاهر أكدا خلال لقائهما ميقاتي الإلتزام بدولة القانون والمؤسسات، فإن ترجمة هذا الإلتزام يكون بتسليم أنفسهما للقضاء ليأخذ مجراه، وهي مسؤولية لا تقع فقط على الرجلين وغيرهما، إنّما على ميقاتي بالدرجة الأولى الذي كان عليه ـ حفاظاً على الوحدة الوطنية إن عنت له شيئاً ـ أن يدفعهما في هذا الأتجاه، أو على أقل تقدير أن يمتنع عن إستقبالهم في القصر الحكومي ويستعيض عن ذلك بإستقبالهم في منزله أو منزل النائب الخير حيث لا شأن لللبنانيين بمن إستقبلا وودعا ولتصح بحقهما عندها أغنية الراحلة صباح " يا بيتي يا بويتاتي يامستّر لي عيوباتي "