بين
03 تموز 2024

بين "محور المناوئة" و"محور المقاومة".. هكذا نصرت المقاومة غزة

كَتَبَ المُحَرّر

بعد مرور قرابة تسعة أشهر على العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة ما تزال الأوساط البعيدة عن "محور المقاومة" تطرح سؤالًا عمّا حققه فتح جبهة جنوب لبنان، لا سيما أنّ هذه الجبهة - كما قال حزب الله- إنّ هدفها تقديم الدعم والمساندة لفصائل المقاومة الفلسطينية داخل القطاع المحاصر، فهل تحقق هذا الهدف كما أُريد له؟
"محور المناوئة" لـ "محور المقاومة"، ومنذ فتح جبهة الجنوب اللبناني يعمل جاهدًا على تسخيف هذه الجبهة ووصفها بالعبثية من دون أي تأثير،  وأنّها لم تغيّر شيئاً في الواقع الميداني في غزة، ولو قيد أنملة، ولو أنّ المستوطنين الصهاينة غادروا المنطقة المتاخمة للحدود وجيش الاحتلال حشد 100 الف جندي، والدّليل برأيه أنّ العملية البرية الإسرائيلية لم تتوقف، فضلاً عن الإطباق شبه الكامل على شمال غزة والتقدم باتجاه رفح.

في المقابل؛ معطيات "محور المقاومة" والمقربين منه تدحض روايات "محور المناوئة" وتؤكد أنّ جبهة الجنوب استطاعت، من خلال المساندة والمشاغلة الفعّالتين، جذب نحو 40 بالمئة من الجيش الإسرائيلي بكل عتاده وتجهيزاته بإتجاهها، وشتّت قواه. وهذا الأمر خفّف بالفعل من الضغط على الفلسطينيين، وإن بدا للبعض أنّ العدوّ مستمر في عدوانه من دون رادع. كما أنّ الإسرائيلي خسر عنصر المباغتة، وهي عصب عقيدته القتالية في هذه الجبهة.
بحسب أوساط حزب الله وحلفائه، جبهة لبنان تسبّبت بإرباك شديد عند أصحاب القرار العسكريين والسياسيين في الكيان الغاصب، بدليل أنّ غالبية وسائل إعلام العدوّ وتصريحات عدد من قادته تحدّثت عن خطورة هذه الجبهة على الوضع الداخلي،  وفي المؤسسة العسكرية نفسها التي شهدت انقسامات واستقالات لعدد من ضباطها. إذ نقل أخيرًا عن جنرال صهيوني قوله: "إنّ حرب غزة ستكون أشبه بمخيم صيفي في حال اشتعلت الحرب بشكل شامل على خط لبنان". هذا بالإضافة الى أن وزير حرب جيش الاحتلال يؤاف غالانت طالب، يوم أمس الاثنين،  برفد الجيش بـ 10 آلاف جندي إضافي على الفور، مشيرًا إلى "إمكان استيعاب 3 آلاف مجنّد من الحريديم". وذكرت هيئة البثّ الإسرائيلية أنّ غالانت دعا رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، عبر رسالة رسمية، لبحث تمديد الخدمة النظامية للجيش إلى 3 سنوات بشكل عاجل، قال فيها إن: "الواقع الأمني الجديد يتطلب استجابة عملياتية كبيرة من أجل استمرار المجهود الحربي".
الطريق الدولية إلى لبنان شهدت بدورها، منذ بداية الجبهة زحمة موفدين غربيين من مختلف الجنسيات، كان أبرزهم وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورني ومساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هايل والوسيط الاميركي آموس هوكشتاين. وجميعهم طالبوا بتطبيق القرار 1701. زحمة توحي وكأنّ هذا البلد قد بدأ يستعيد موقعه في دائرة الاهتمامات الدولية. إلّا أن التركيز في الزيارات انصبّ على جبهة الجنوب والضغط لتوقفها، ولو في الحد الأدنى، لتعطيل احتمالات تصاعدها خوفًا من أن تؤدي إلى مواجهات واسعة النطاق تصب في غير مصلحة "إسرائيل"، خاصة بعد انخراط اليمنيين والعراقيين في جبهة مساندة غزة. والمنطق الذي يبديه الزوّار، أمام المستويات اللبنانية، يتأرجح بين الترغيب والترهيب الذي يُقرأ بوضوح مدى تأثير الجبهة على الكيان الصهيوني، والخوف الأكبر من الحرب إن وقعت من أن تخلق واقعًا جديدًا في لبنان والمنطقة يؤثر على مصالح الغرب.
ومع تصاعد وتيرة جبهة الجنوب، في الآونة الأخيرة، وتكبيدها للعدو خسائر في الأرواح والمعدات، تصاعدت تهديدات قادة الاحتلال بشن حرب طاحنة على لبنان. إذ صّرح نتنياهو ورئيس أركان حربه بتوسعة المواجهة مع حزب الله، وأكدت أوساط سياسية إسرائيلية أن رئيس حكومة العدوّ يتعرض إلى ضغط أميركي للتوصل إلى وقف للنار في غزة خوفًا من تدحرج الأمور على الجبهة الشمالية.
كما أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله رأى أن من الإنجازات التي حققتها جبهة الجنوب هي، ولأول مرة في تاريخ "إسرائيل" منذ العام 1948، يتشكّل حزام أمني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويجري تهجير المستوطنين وتعطيل الصناعة والزراعة والسياحة، فضلاً عن أنّها تلحق الخسائر المادية والمعنوية والنفسية بجيش العدوّ وتحطّم صورته ومصداقيته. وأضاف الأمين العام أنّه: "من أوضح الأدلة على قوة تأثير جبهة لبنان هو الصراخ والعويل الذي نسمعه من قادة العدوّ ومستوطنيه لتوقفها".
في الواقع؛ أن جبهة جنوب لبنان كان لها وقع مؤلم على جيش العدوّ، حيث بدأت ارتدداتها تتكشف مع الخلافات داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وما صاحبها من ضغوطات دولية لوقفها، ومن تهديدات إسرائيلية بتوسعتها إن لم تتوقف. ويبدو أن هذه الجبهة، وبالتنسيق مع جبهتي اليمن والعراق، مهدّت الطريق لكلّ أحرار العالم أن يسلكوا طريق الحق في الدفاع عن القضية الفلسطينية التي تخلّى عنها العالم كله.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen