القمّوعة على الخارطة السّياحيّة بغياب الحكومات عنها.
سمية موسىعلى قاعدة «ما حكّ جلدك مثل ظفرك»، تعيش فنيدق حركةً دائمةً لا تَهدأ، إذ يحاول كلٌّ من موقعه، أن ينشط في اتّجاه معيّن حيث تصبّ مختلف هذه الجهود في خانة «تعزيز صورة فنيدق السّياحيّة والخدماتيّة». و تعتمد فنيدق أساسًا على الزّراعة وتحديدًا على موسم التّفاح الّذي يعاني سنويًّا من مشكلات كثيرة، منها انعدام التّصريف وتدنٍّ في الأسعار والمنافسة.من هنا تلجأ البلدة للتّعويض بالسّياحة، إذ أنّ الزّراعة تحتاج إلى دعم الدّولة حتّى تستمرّ. وبما أنّ هذا الدّعم ليس متوافرًا دائمًا، فإنّ النّهوض بالبلدة واقتصادها يحتاج إلى بدائل، ويبدو أنّ السّياحة هي البديل الدّائم.
تحتاج القمّوعة اليوم أن تُصبح على الخريطة السّياحيّة الرّسميّة، بعد أن أهملت الدّولة اللّبنانيّة بكلّ حكوماتها المتعاقبة هذه البلدة، وبالرّغم من مميّزاتها البيئيّة الفريدة من نوعها في العالم و مميّزاتها السّياحيّة الّتي تستقطب السّواح من كلّ المناطق اللّبنانيّة و من دول العالم العربيّ، إلّا أنّ مشاهد التّطوّر و الإنماء الّتي يتلمّسها أيّ زائر هي ليست من نتائج وزارات ولا من نتاج نوّاب المنطقة، بل من نتاجٍ فرديٍّ شعبيٍّ يقوم على مجهودات أهل المنطقة الّذي لا يَكنّ ولا يهدأ من تنظيم نشاطاتٍ حيويّةٍ إنمائيّةٍ تعزيزيّةٍ لروح السّياحة و الاقتصاد.
يقول رئيس المركز و»جمعيّة جيل الأمل» علي صلاح الدّين : «لقد باتت القمّوعة - فنيدق منطقة جذبٍ سياحيٍّ بامتياز. ويعمل مركز جيل الأمل السّياحيّ، الّذي تأسّس قبل أشهر بالتّعاون مع بلديّة فنيدق ووزارة السّياحة، على الإضاءة على جماليّة المنطقة ومساعدة السيّاح والزّوّار من كلّ الأماكن، وبكلّ الأشكال، حتّى يقضوا أوقاتًا ممتعة في رحاب القمّوعة». وإذ نوّه بجهود بلديّة فنيدق في المسارعة إلى جرف الثّلوج وتأمين الطّرقات للزّوار، وقال: «لقد ساعدت في بناء البيوت الخشبيّة بدورها وأسهمت في خلق حركةٍ مهمّةٍ من خلال تأمين الإقامة للزّوار لا سيّما الّذين يأتون من مناطق بعيدة،».
وأكّد أنّ المركز مستمرّ بتقديم خدماته للمرحلة المقبلة، وسنستغلّ المواسم السّياحيّة، لتنشيط الحركة السّياحيّة بشكلٍ أكبر، ونتمنّى من وزارة السّياحة الدّعم والمزيد من التّعاون لكي نجعل القمّوعة على الخريطة السّياحيّة في لبنان، ونُخرج هذه المنطقة كما كلّ مناطق عكّار الجميلة من دائرة الحرمان السّياحيّ لأنّها تستحقّ العناية و الاهتمام والزّيارة».
جرّافات وآليّات البلديّة تعمل في المكان لفتح الطّرقات أمام حركة النّاس، ونوَّه الزّوار بالأسعار في شاليهات المنطقة ومطاعمها بأنّها لا تزال مدروسة و بسيطة مقارنةً بالغلاء الفاحش في البلد. أصحاب المطاعم والشّاليهات الخشبيّة أكّدوا أنّهم يريدون فقط الصّمود في هذه المرحلة. وقال بلال البعريني وهو صاحب مطعم وشاليهات ل موقع "06” : كانت البداية بمطعمٍ و كوخٍ صغير، ثمّ قرّرنا بعد نجاحه بالعام 74 بالتّوسّع فبنينا مطعمًا كبيرًا وفندقًا من الباطون، فلقينا إقبالًا كبيرًا عليه لعدّة سنوات. منذ كم سنة جاءنا زائر من القرى المجاورة واقترح علينا فكرة البيوت الخشبيّة شبيهة لبيوت تركيا، فاستحوذت الفكرة علينا، فسافر أحد شبابنا إلى تركيا للاطّلاع على الفكرة، فوجد أنّها مناسبة لنا وللمنطقة خصوصًا وللنّاس عمومًا، وخاصّة أنّ الخشب مريح للسّكّان أكثر من الباطون ويعطي دفئًا وهو صحيّ أكثر.
الأسعار حسب الخدمات الّتي تريد فمثلًا هناك ب ٢٥$ من دون خدمات الطّعام، فكلّما زادت الخدمات ارتفع السّعر أكثر. كلفة الكهرباء من أكثر المشاكل الّتي نواجهها لأنّه يجب أن نأمّنها ٢٤/٢٤. وما يميّزنا عن غيرنا أنّنا نتعامل مع خان الصّابون لصاحبه بدر حسّون، وتأمين أجمل العطور من المذكور أعلاه بالبيت لراحة الزّبون ولنظافة المكان، فكلّما كان المكان نظيف ومعطّر كلّما شعر النّاس بالاطمئنان والرّاحة أكثر. ونوّه بعمل البلديّة الّتي عملت وما زالت على ضبط الأمن وتعزيزه حيث تمّ تعزيز مركز الجيش اللّبنانيّ هنا بساحة القمّوعة لضبط الأمن و الاستقرار للحفاظ على سلامة المنطقة و الجميع. و أوضح تنافسنا مع غيرنا لا يكون إلّا بالخدمة و تقديم الأفضل وليس بالأسعار أبداً .”
و بدوره أوضح رائد ل موقعنا : “لمسنا نجاح هكذا مشاريع فقرّرنا خوض التّجربة فأنشأنا هذه البيوت ، البلديّة كانت أمامنا حين نتعرّض لمشاكل الطّقس و الطّبيعة مثل ( فتح الطّرقات من الثّلج ، و رفع النّفايات) وأضاف المنطقة من قبل لم يكن فيها لا حياة و لا شيء لكن حاليًّا تجد فيها ( المطاعم و البيوت و الملاهي بالإضافة لنشاطات كالخيل و الهايكنغ) و هناك كلام عن إنشاء تلفريك لكنّ هذا المشروع حاليًّا بعيد المنال و لا يوجد وقت محدّد لتنفيذه، وشدّد على أنّ الأسعار تتناسب مع الجميع. منذ بداية الأزمة خفّ العمل، مع أنّنا نعمل باستمرار والحجز كان دائمًا ومستمرًّا. كم نتمنّى أن تهتمّ وتنظر لحالنا وزارة السّياحة ولو قليلًا ،لكن لا أحد يهتمّ برغم زياراتنا للوزارة لكن "لا حياة لمن تنادي”.
ومن الجدير بالذّكر أنّ منطقة القمّوعة ترتفع عن سطح البحر 1500 متر، وتُعدّ من أجمل المناطق اللّبنانيّة السّياحيّة، لكونها ملائمة للرّيّاضة والأنشطة الشّتويّة والصّيفيّة، وفيها غابات وأشجار معمّرة ونادرة، لا مثيل لها في منطقة الشّرق الأوسط، و يترافق ذلك مع حركة لتوسيع الطّرق وتحسينها بمبادرة من اتّحاد بلديّات جرد القيطع والبلديّة، على أمل تغيير الواقع النمطيّ السّائد لتتحوّل فنيدق وقمّوعتها شيئًا فشيئًا إلى «قرية سياحيّة مكتملة المواصفات».