لماذا غابوا عن المنابر وأبتلعوا ألسنتهم؟...
مرسال التّرسشكل الاعلان الذي إنطلق من العاصمة الصينية بعد ظهر يوم الجمعة الفائت عن عودة المياه الى مجاريها بين الجمهورية الاسلامية في إيران والمملكة العربية السعودية صدمة لبعض الأفرقاء على الساحة اللبنانية، فإنكفأوا عن المنابر والشاشات لأيام لا ينبسون ببنت شفة ومنهم على سبيل المثال لا الحصر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل وبعض الأصوات الاعلامية التي تدور في فلكهما الذين لم يكونوا يفوتوا همسة أو لمسة من حزب الله او أمينه العام السيد حسن نصرالله الاّ ويسارعوا بعد لحظات (وأحياناً أثناء إلقاء الكلام) الى توجيه "صليات كلامية" استفزازية للرد المباشر، بغض النظر إذا كان الكلام الصادر عن فريق "الممانعة" في محله أو خارج عن السياق. حيث كانت الردود لـ "شيطنة" أي تصريح او موقف يصدر مهما كان مضمونه!
فقد اجمعت مختلف الأوساط الاقليمية والدولية "العاقلة" على إعطاء الاتفاق حقه من الاهتمام نظراً لمحوريته في مستقبل الأوضاع بالأقليم الخليجي وما يرتبط به، ولاسيما منطقة الشرق الأوسط وقضاياها المتشابكة من اليمن الى سوريا مروراً العراق وسواه.
أما في لبنان فقد حلّ السكون والوجوم على فريق الرابع عشر من آذار بعدما أسقط في يده ان الفريق الآخر "المعادي" سيكون رابحاً في المعادلة، وأن ذلك سيترجم من خلال تبني ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وإن إي موقف أو تصريح سيتم اعتماده قد لا يكون في صالح مطلقه ولاسيما منهم الذين كانوا يركزون ليل نهار على إنتقاد "الاحتلال الايراني للبنان". فيما شرب حليب السباع صوتان من المجموعة فركزا على التشكيك في امكانية استفادة الفريق الآخر من الاتفاق الجديد مع إبداء القناعة بأنه سيدفع الثمن.
الصوت الأول كان عضو تكتل الجمهورية القوية النائب غياث يزبك موجهاً كلامه إلى "الممانِعين"، فقال: "تَعِبنا ونحن نقول لكم ارفعوا منسوب اللبناني في دمكم واحفظوا خطاً للرجعة”. وأضاف:"حذّرناكم من أنه عندما تدق ساعة التسويات الكبرى، لن تُستشاروا ولن يكون لكم مكان في قطار البراغماتية الإيراني حتى في عرباته الخلفية. هنيئاً لمن مرجعيته لبنان".
والصوت الثاني كان للنائب السابق فارس سعيد الذي رأى أنّه لو كان السيد نصرالله على يقين بأنّ إيران لا تضع موضوع الميليشيات أو الأذرع العسكرية التابعة لها على طاولة المفاوضات لما كان مضطراً لقول ذلك. فهو كان يتوجّه إلى جمهوره لطمأنته.
وأضاف: لكنّ الدرس الذي تعلّمناه كلبنانيين من تجارب الماضي،(ولكنه لم يشر اذا كان الدرس اميركياً او من مصدر آخر) وعلى أمل أن يتعلّمه "الحزب"، هو أن أيّ فريق داخليّ يدخل في مقايضة يُعطي فيها جزءاً من السيادة اللبنانية للخارج، سيصل إلى لحظة يرى فيها أن هذا الخارج عندما تتناسب مصالحه مع طرف آخر، يضع حليفه الداخلي على طاولة المفاوضات و"بيقطعلو راسو"!
ورئاسياً، لم ير سعيد وجود تبدّل فيه. لكنّه "لاحظ" أنه بعد التفاهم الذي حصل بين إيران والسعودية، من الأفضل على فريق المعارضة الذهاب بالمعركة وفق عنوان وصيغة مختلفين(بدون أن يتحف فريقه بتفاصيل الحل المناسب). فيما اكتفى جعجع بالقول:" إن المعركة الرئاسيّة محليّة إلا أن هناك من يصر على ربطها بالتطورات الإقليميّة والدوليّة".
الغريب أن "الفريق السيادي" رأى ان الثنائي الشيعي قد تبنى ترشيح رئيس تيار المردة ليعتذر منه لاحقاً في حين أن السيد نصرالله قد أعلن جهاراً ونهاراً عبر إطلالة تلفزيونية انه ليس لديه PLAN B . والجميع لمس في اكثر من مناسبة أن نسبة المصداقية عند أمين عام الحزب مرتفعة جداً قياساً على ما يتمتع به افرقاء آخرون.
فلو كانوا يمتلكون ناصية الكلام والحجة المقنعة هل كانوا يغادرون المنابر بخفي حُنين وتخرسنت السنتهم عن الكلام غير المباح؟