نوّاب شماليون جدد في البرلمان خفّة في التعاطي وانتظار إشارة الخارج
عبد الكافي الصمدتنقل شخصيات عن نائب شمالي، وهو واحد من النوّاب الجدد، قوله في مجلس خاص أنّه "عُرِضَ عليّ مبلغ مليون دولار لأنتخب فلاناً لرئاسة الجمهورية. كان ردّي على الذين قدّموا لي العرض أنّني سأفكر في الأمر". قبل أن يتابع: "لو عرضوا عليّ مليونين لقبلت على الفور".
وتابع هذا النّائب الجديد قوله: "أعرف جيداً أنّني لن أصل مرّة ثانية إلى المجلس النّيابي في أيّ إنتخابات مقبلة، لذلك عليّ إغتنام الفرصة الآن ولا أفوّتها، والإستفادة من موقعي النيابي الحالي لأضمن مستقبلي ومستقبل عائلتي".
ما قاله هذا النائب الجديد يُعبّر خير تعبير عن أداء النوّاب الجدد الذين فازوا في الإنتخابات النّيابية الأخيرة واستطاعوا الوصول إلى المجلس النّيابي، محقّقين نجاحاً لم يكونوا يحلمون به في حياتهم، ما أثبت أنّهم طارئون على العمل السّياسي والنّيابي، وأنّ فوزهم كان "فلتة شوط" لن تتكرر.
في الإنتخابات النّيابية الأخيرة إستطاع 16 نائباً جديداً الفوز في دوائر الشّمال الثلاث والنّجاح في الوصول إلى الندوة البرلمانية، من أصل 28 نائباً موزّعين في هذه الدوائر، هم: 4 نوّاب في دائرة الشّمال الأولى من أصل 7 (عكّار)، 9 نواب في دائرة الشّمال الثانية من أصل 11 (طرابلس والضنّية والمنية) و4 نوّاب في دائرة الشّمال الثالثة من أصل 10 (زغرتا والكورة والبترون وبشري).
عندما فاز هذا العدد اللافت من النوّاب الجدد في الإنتخابات النّيابية في دوائر الشّمال الثلاث، الذي بلغ أكثر من نصف العدد الإجمالي للنوّاب في هذه الدوائر، حاولت الماكينات الإنتخابيّة والإعلامية لهؤلاء النوّاب تصوير الأمر على أنّه "إنقلاب" شهدته الحياة السياسيّة في هذه الدوائر، وأنّ "التغيير" الذي أحدثته نتائج هذه الإنتخابات ستحدث فارقاً في الأداء والممارسة سيلمسه المواطنون سريعاً.
لكن لم يطل الأمر كثيراً حتى بدأت خيبات الأمل تتسلل إلى نفوس وعقول المواطنين من أداء أغلب هؤلاء النوّاب، الذين أطلق البعض عليهم وصف "نوّاب الغفلة"، كونهم إستغلوا غياب "تيّار المستقبل" و"تيّار العزم" وشخصيات وازنة عن خوض هذه الإنتخابات، كلّ لأسبابه، فاغتنموا الفرصة لملء الفراغ وخاضوا إنتخابات كان الفوز فيها حليفهم.
خلال الأشهر القليلة الماضية تبيّن أنّ أغلب النوّاب الجدد في دوائر الشّمال الثلاث تنقصهم الحكمة والفطنة وسرعة البديهة، فضلاً عن معرفة الحدّ الأدنى من العمل السّياسي والتشريعي، وتُرجم ذلك في تناقض مواقفهم وتقلّبهم، إلى حدود أنّهم كانوا يدلون بموقف في الصباح قبل أن يعودوا ليدلوا بموقف مناقض له في المساء.
وكشف عاملون في مراكز إستطلاع رأي لموقع "06News" أنّ "بعض النوّاب الجدد الذين التقينا بهم خلال عملنا، وحاولنا إستطلاع رأيهم حيال بعض القضايا والملفات، لمسنا من خلال إجاباتهم أحد أمرين: الأوّل عدم درايتهم بشكلٍ كافٍ بما يقولونه ويصرّحون به؛ والثاني أنّهم يكذبون في إجاباتهم ولا يقولون الحقيقة".
خير تعبير على ذلك إدلاء أغلب هؤلاء النوّاب الجدد بمواقف سياسية حيال إستحقاق رئاسة الجمهورية تتسم بالخفّة والتناقض، وانتظار إشارات معيّنة من داخل لبنان وخارجه كي يبنوا على الشيء مقتضاه، وهو أمرٌ بدا واضحاً بعد إعلان السّعودية وإيران (الجمعة 10 آذار الجاري) عودة العلاقات الديبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتي البلدين في غضون شهرين، ومعها إعادة العمل بالإتفاقيات الأمنية والتجارية والإقتصادية والرياضية والشّبابية، ما جعل البعض من هؤلاء النوّاب الجدد يُصاب بـ"صدمة" لم يخرج منها بعد، وبعضهم الآخر بلعوا ألسنتهم وكأنّ على رؤوسهم الطير، وطرف آخر عكف على إعادة ترتيب أوراقه وكلماته ومصالحه بما يتناسب مع "التغيير الكبير" الذي حصل ولم يكن في حسبانهم، فبدأوا يعدّون العدّة لخطاب سياسي جديد يتناسب مع المرحلة المقبلة، تشبه إلى حد بعيد مشهد نقلهم البارودة من كتف إلى كتف، كما اعتادوا دائماً أن يفعلوا عند كلّ مفترق.
هذا التغيير دفع مصادر سياسية مطلعة إلى القول لموقع"06News" إنّ "المرحلة المقبلة ستشهد تبدّلاً دراماتيكياً في مواقف أغلب النوّاب الجدد وسواهم من الكتل النيابيّة. فبعدما كان البعض منهم يُشكّك أن يحصل رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية على عددٍ كافٍ من الأصوات يؤهّله للفوز، وهو 65 صوتاً، وتشكيكهم أيضاً بإمكانية تأمين النصاب الدستوري لانعقاد جلسة الإنتخاب في دورتها الثانية، وهو 86 صوتاً، سوف يرى اللبنانيون بعد أن تأتي كلمة السرّ من الخارج، أنّ زحفاً نيابياً سيتقاطر إلى المجلس النيابي، لتأمين النصاب الدستوري أولاً وانتخاب فرنجية ثانياً".