الدّيار _ أجوبة بـ "النار" من حزب الله لهوكشتاين!
بولا مرادلم يعد خافيا ان المبعوث الاميركي الى المنطقة آموس هوكشتاين الذي كان قد أبلغ صراحة من التقاهم في شباط الماضي، انه لا ينوي العودة الى بيروت الا مع اعلان وقف اطلاق النار في غزة للتحضير لليوم التالي جنوبا، عاد الى المنطقة اليوم على وقع تهديدات "اسرائيلية" تبدو الاكثر جدية بوجه لبنان. هو بحسب المعلومات أوصل للمسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم رسالة واضحة مفادها، ان "الوضع خطر وان زيارته قد تكون الاخيرة قبل التصعيد "الاسرائيلي" الكبير، في حال لم يقم الطرف اللبناني بترتيبات معينة".
ولطالما تعاطت القوى اللبنانية المعنية بنوع من الخفة مع التهديدات "الاسرائيلية"، ووضعتها في اطار التهويل. فكانت المعادلة التي فرضها حزب الله منذ البداية واضحة تماما، ومفادها "تتوقف الحرب في غزة فتتوقف عمليات المقاومة في لبنان، تتوقف الحرب في غزة فنتحدث عن ترتيبات اليوم التالي وليس قبل ذلك".
ويعود هوكشتاين اليوم، وبحسب المعلومات، بمحاولة جديدة سعيا وراء ترتيبات تسبق الاعلان صراحة عن هدنة طويلة الامد في غزة، وهي ترتيبات تشمل تراجع حزب الله الى شمالي الليطاني وانتشار عناصر الجيش اللبناني وقوات "اليونيفل" على طول الحدود، لكن الاجوبة التي تلقاها بقيت نفسها تلك التي سمعها في كل زياراته السابقة. اذ تقول مصادر واسعة الاطلاع ان "المعادلات التي وضعها حزب الله منذ البداية لا تزال نافذة المفعول ولن تتحرك قيد أنملة"، مؤكدة ان "ارتفاع حدة التهديدات المترافقة مع التصعيد الميداني، لن تؤثر في موقف وقرار الحزب ، الذي بعث رسالة من الميدان لهوكشتاين من خلال استهدافه لدبابة ميركافا، بالتزامن مع الاجتماعات التي كان يعقدها الاخير في بيروت، ويبلغ خلالها المسؤولين اللبنانيين بفحوى التهديدات الإسرائيلية".
ويعتقد حزب الله انه ارسى معادلة ردع في الاشهر القليلة الماضية، لن يتمكن العدو الاسرائيلي من تجاوزها والمغامرة بحرب قد تهدد كيان العدو برمته. وليس خروج طهران عبر عدد من مسؤوليها اكثر من مرة في الايام الماضية للتنبيه، الى أن حزب الله لن يُترك وحيدا في مواجهة حرب موسعة يُقررها العدو، الا عاملا اضافيا اساسيا في معادلة الردع التي يحاول محور المقاومة فرضها.
وتشير المصادر الى انه "يبدو واضحا مع قرار رئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو حل حكومة الحرب، ان نهاية المعركة الكبيرة في غزة وبخاصة في رفح قاربت على نهايتها، مع اقتناع "الاسرائيلي" انه لم يعد قادرا على تحقيق اي انجازات في الميدان، وان المعركة تحولت حصرا عملية استنزاف متواصلة له".
ولا شك ان الضغوط الاميركية لانهاء الحرب خلال الشهرين المقبلين تفعل فعلها ايضا، باعتبار ان الادارة الاميركية الحالية لن تقبل استمرار الحرب بعد مطلع او منتصف شهر آب المقبل تحت اي حجة، لانه بعد ذلك تكون متفرغة للانتخابات الرئاسية الاميركية، ولا مصلحة اطلاقا للرئيس الحالي جو بايدن ان يكون سفك الدماء متواصل بغطاء اميركي، ما يهدد فعليا حظوظه الرئاسية لحساب منافسه الاوحد دونالد ترامب، الحليف والصديق الوفي لنتنياهو الذي قد يُغامر بتوسعة الحرب على لبنان، اذا كان ذلك يخدم حظوظ ترامب الرئاسية، وبخاصة ان آخر ما يريده نتنياهو اعلان نهاية الحرب بفشل مدوّ كالذي يلوح بالافق، ما يمهد لمحاسبته ومحاكمته وحتى سجنه.
بالمحصلة، هي ايام حاسمة بمصير الصراع المفتوح بين "اسرائيل" ومحور المقاومة. فاما يُقر نتنياهو بفشله ويتجه لتسوية كبرى تشمل غزة ولبنان كحد أقصى خلال شهرين، او يقوم بمغامرة كبرى قد تودي بالمنطقة ككل الى حرب مفتوحة تُغير شكلها للابد!