رحلة عمر ميقاتي من تلّ طرابلس إلى تلّة الخيّاط إلى تلال الدراما في كلّ العالم العربيّ
11 آذار 2023

رحلة عمر ميقاتي من تلّ طرابلس إلى تلّة الخيّاط إلى تلال الدراما في كلّ العالم العربيّ

بقلم روبير فرنجيّة

إذا كان ختيار التّلفزيون بحكمته وشيبه ونظراته عمر ميقاتي يكتب " مشوار نزار " ،فمن يكتب " مشوار عمر " بعد أن مرّ يوبيله الذّهبي كممثّل .

مشوار نزار بقلم " أبو نزار "  هو الكتاب الّذي يعمل على إنجازه الممثّل عمر ميقاتي والّذي يشرح رحلة والده المخرج الطّرابلسيّ المرحوم نزار ميقاتي مع النّجاحات من مسقط رأسه الفيحاء إلى المسرح الوطنيّ الّذي أنجب حسن علاء الدّين وصولًا إلى الانتشار الكبير .

عمر ميقاتي الّذي يحضر في الدراما ويغيب عن المسرح مع غياب مسرح جورج خبّاز المستجدّ بعد كورونا ،يغازل السّينما على طريقته ولا يتعب من التّوجّه إلى موقع التّصوير حتّى لو كان في قمّة القرنة السّوداء شمالًا أو في " مارون الرّاس "جنوبًا .

التقيته أثناء تردّده إلى طرابلس وحاولت بدردشة فناجين القهوة أن أختزل سيرة هذا القدير الّذي له من موقعنا كلّ التّقدير .

- دردشة من القلب ولناحية القلب :

س -لو أخذتك إلى بيتك الوالدّيّ في طرابلس ماذا بقي منه فيها وفي ذاكرتك ؟

ج- ( بِحَنينٍ واضحٍ ) بقيت فيحائيًّا وشَماليًّا بكلّ التّفاصيل ، وليس فقط بسجلّ نفوسي رقم (٣) في التّلّ بل بما أحفظه في القلب وفي الذّاكرة .

لن انسى بيت طفولتي في طلعة الرّفاعيّة وقد أصبح مَعْلَمًا أثريًا .

الدّرج الطّويل والعريض والطّابق الأوّل من المبنى الأبيض قرب المبنى الأصفر .

من هذا البيت الّذي كان مُلكًا لعمّتي ، إلى بيتنا الثّاني القريب من مبنى الرّئيس الشّهيد رشيد كرامي في الكابّيتول بالطّابق الخامس ، وفي مواجهة شقّتنا كانت تقطن ابنة السّلطان عبد الحميد الثّاني .

كنت صغيرًا وطلب منّي أن أُقبّلَ يدها فهي أميرة ( يبتسم ) كانت أيّامًا …

س- ومتى نزحتم من العاصمة الثّانية إلى العاصمة الأولى ؟

ج- كنت صغيرًا  بالصّفّ السّادس ابتدائيّ في مدرسة الفرير الّذي لم تعد موجودة على الخارطة الطّرابلسيّة اليوم .

كنت بعمر التّسعة أعوام حين تلقّى والدي عرضًا للانضمام إلى إذاعة الشّرق الأدنى ككاتب ومخرج .

أظنّ أنّنا تركنا طرابلس سنة ١٩٥٦ بعد أن قدّم والدي عشرات المسرحيّات النّاجحة على مسرح الفرير .

س- وعدت إليها مجدّدًا، فهل هي قدرك الّذي لا تستطيع تجاوزه ؟

ج- القدر الجميل .

لم أنقطع عن زيارتها ممثّلًا ومواطنًا وناخبًا وعاشقًا لها ولكلّ بقعة في الشّمال .

اليوم وبعد أن عُيّنتُ رئيسًا فخريًّا لجمعيّة المسرح الوطنيّ أتردّد إلى هذا المسرح الّذي كان سينما " أمبير "من أوائل دُوَرِ السّينما في طرابلس وأتولّى تدريب الطّاقات والمواهب .

سينما أمبير الّتي بقيت مقفلة ٢٨ سنة عادت إليها الفنون بمبادرة من صديقنا الفنّان قاسم إسطنبولي الّذي جعلها مسرحًا وطنيًّا .

( يستطرد ) في طرابلس كان هناك قديمًا ٣٥ صالة سينما ما يعني أنّها كانت مَعْقَلَ الفنون الرّاقية .

بالعودة إلى المسرح الوطنيّ اليوم وهو مجانيّ شاء قاسم إسطنبولي منحي اللّقب الفَخريّ تقديرًا لوالدي نزار ميقاتي الّذي أسّس أوّل مسرح وطنيّ سنة ١٩٦٥ وكانت البداية مسرحيّة " شوشو بيك في صوفر ".

س- لستَ طارئًا على تدريب المواهب وتجربتك في تلفزيون المستقبل،فهل تشهد على ذلك ؟

ج- بقيت إلى آخر أيّامه أتولّى تدريب الوجوه الجديدة من المذيعين والمراسلين

والمحتاجين إلى تدريبٍ في الإلقاء والإعداد وكلّ ما يتعلّق بلهجة الفصحى وهذا ما أقوم به بالمسرح الوطنيّ بفارق وحيد وهو أنّني قمت بذلك في التّلفزيون بمبلغ ماليّ كعمل وظائفيّ، أمّا في المسرح فالعنوان " بدون مقابل " .

س- هل بدايتك المسرحيّة سبقت مشوارك في التّلفزيون ؟

ج- صحيح فوقفتي المسرحيّة الأولى كانت بعمر العشرين سنة على خشبة المسرح الوطنيّ بمسرحيّة " البخيل " لموليير ثمّ أربع مسرحيّات أخرى .

س- ومن هناك إلى مسرحيّات مع روجيه عسّاف ومع ابن زغرتا المخرج يعقوب الشّدراوي في مسرحيّة " العتب عالبصر " ومسرحيّاتكم الخاصّة بالأطفال وصولًا لمسرح زيّاد الرّحباني،متى بدأت بالعمل مع زيّاد الرّحباني ؟

- ج : عملت مع الفنّان زيّاد الرّحباني في تسعينيات القرن الماضي في آخر مسرحيّتين له وهما : بخصوص الكرامة ولولا فسحة الأمل .

س- قيل إنّك لم تقف على مسرح الأخوين عاصي ومنصور الرّحباني أو تتعاون معهما كما الممثّلين الطّرابلسيّين صلاح تيزاني ومحمود مبسوط وعبداللّه حمصي وفائق حميصي وعلي دياب،ما  تعليقك على ذلك ؟

ج- لا،بل وقفت على مسرح الكبير منصور الرّحباني في مسرحيّة المتنبّي سنة ٢٠٠٠ الّتي عُرضَت في لبنان ودبي والشّام وقطر والأردن .

س - لقد جاء وباء الكورونا الّذي هزّ استمراريّة مسرح جورج خبّاز الّذي كان طاعنًا بصمته النّاجح في " الشاتو تريانو"، ماذا تقول في ذلك؟

ج- " ضيعانو " هذا المسرح أن يتوقّف بسبب الكورونا ولا تستكمل عروض مسرحيّة " يوميّات مسرحجي " .

ثماني سنوات مع أسرة جورج خبّاز لم أسجّل فيها سوى النّجاح والأخلاق والمحبّة .

اشتقت لجورج ووالده وشقيقه وشقيقتيه وحرارة محبّتهم ونجاحهم واحترافهم .

س - عمرك نصف قرن في التّلفزيون، ألم تتعب بعد ؟

ج- وكيف أتعب من شغفي وحبّي وولعي بالتّمثيل .

كان عمري ٢١ سنة في ظهوري الأوّل، والتحقت بمسلسل " أبو ملحم " الشّهير على الهواء مباشرةً .

س- رافقت أديب حدّاد، ولِمَ لَمْ ترافق فرقة أبو سليم ؟

ج- ملاحظتك صحيحة،كان هذا في بادئ الأمر، لكنّني عدت والتقيت صلاح تيزاني مع الممثّل وسام صبّاغ الّذي كان يُجسّد دور والده على شاشة المستقبل .

أولاد مدينتي عملت معهم بعناوين مختلفة .

اجتمعت مع ماجد أفيوني بأعمال تراثيّة، ومع الممثّل علي دياب كمزيّن لوجوه الممثّلين، حيث نفّذ لي مكياجًا مرعبًا بدقّته في مسلسل كتبه الشّاعر جوزاف حرب .

س- هل عملت مع ابن كفرحاتا - زغرتا المخرج أنطوان ريمي ؟

ج- تعاونت معه في عمل اسمه " حيّ الموزاييك " من كتابة المختار محمّد شامل الّذي قال عنّي " كوميديان العرب " والمفارقة أنّني عدت وجسّدت دوره وشخصيّته " المختار " في "الدّنيا هيك " بالجزء الثّاني .

س : العجوز شخصيّة تلازمك في أدوارك على اختلافها رغم همتك الفتيّة وشبابك الدّائم،ما هي أبرز المشاهد الّتي لا تزال ذكراها راسخة في ذهنك ؟

ج- ( ضاحكاً ) الله يجبر بخاطرك صديقي الوفي .

صدّقني ثمّة مشاهد تستعيدها بفخر وضحكة طويلة .

في مسلسل " ابنة المعلّم " لا أنسى الكفّ الّذي صفعته للممثّل عمّار شلق ولا المشهد في مسلسل " مش زابطة " الّذي كنت أُعلّم فيه الممثّلة ليليان نمري كيف تكون مغرية .

اليوم قال لي الممثّل عدي رعد عن دوري في مسلسل " شتي يا بيروت " والداً للممثّلتين زينة مكّي وألسا زغيب والّذي  يفقد الذّاكرة القريبة بأنّه يُدرّس في الجامعة لناحية قوّة الأداء وعمقه .

س : وتغازل السّينما بحذر ؟

ج- لم أكثر منها .

اكتفيت بخمسة أفلام كان آخرها " الثلثا ١٢" .

أمّا في التّلفيلم فأعتبر قيامي بنفيذ " مين قال كبرنا " من كتابتك وإنتاج " منكبر سوا " صرخة كلّ مسنّ في هذا العالم .

س- لا أزور الإذاعة اللّبنانيّة الرّسميّة مرّة إلّا وأراك في مكاتبها أو أروقتها أو استديوهاتها، هل ما زالت هذه العلاقة وطيدة؟

ج- نعم، لكنّ ميزانيّتها اليوم أعطتني إجازة قصيرة .

لا تدري كم أعشق هذه الإذاعة وآخر ما قدّمته كان برنامج " شو عم تحكي " مع الممثّلة أمال عفيش .

سنعود إليها قريبًا .

س- ما هي كلمتك الأخيرة عبر موقعنا ؟

ج- طالما أنّ في الشّمال مثل هذه المواقع فسيبقى الشّمال رائدًا في كلّ المواقع .

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen