الديار : هموم وشجون أمام الصرّاف الآلي في طرابلس
كتبت دموع الأسمرلطوابير المواطنين امام الصرافات الآلية في طرابلس، قصة يمكن تحويلها الى مسلسل يوميات مواطن مقهور، في بلد انهكته الطبقة السياسية وجوعت شعبه، لا سيما انها انهكت عائلات العسكريين في كافة المؤسسات العسكرية، وموظفي القطاع العام الاكثر ظلما، والذين يقفون في طوابير امام الصرافات الآلية، في مشهد طغى على اي مشهد آخر في عاصمة الشمال..
معظم الواقفين في طوابير المصارف في طرابلس إما من العسكريين، وإما من موظفي القطاع العام وخاصة وزارة التربية، فهم يتكبدون مشقات نقل مكلفة جدا من مناطق شمالية بعيدة، وينتظرون دورهم فيما ابواب المصارف مقفلة..
حديث واحد يوحد بين هذه الطوابير المنتشرة في شارع المصارف، حيث التجمع الاكبر لفروع المصارف، او في شارع الجميزات الذي يعج بالطوابير، مما يؤدي الى ازدحام خانق والى عرقلة حركة السير...
احد الفروع في طرابلس هو الوحيد في الشمال، يقصده موظفون من اقاصي عكار وبشري وزغرتا والكورة، منهم من يتكلف ما يقارب المليون ليرة نقليات ليقبض راتبا لا يتجاوز الثلاثة ملايين ليرة، ويعود في كثير من الاحيان خائبا محبطا، وفي فروع أخرى سقف السحوبات محدود لا تكفيه لشراء حاجيات اطفاله.
مواطنون يتحدثون عن ارتفاع بدل نقل جنوني كي يحصلوا على الراتب، يتشاكون لبعضهم عن دولرة كل السلع، فيما الرواتب لم تعد كافية لشراء الحاجيات، فالدولرة قضمت الراتب ومضاعفاته ولم يعد من قيمة له.
في هذه الطوابير لم تنتهك كرامة المواطنين، الذين يمضون ساعات على الارصفة امام الصراف الآلي وحسب، وحيث يبلغ الطابور الواحد في بعض الاحيان الى ما لا يقل عن ستين مترا تحت شمس حارقة او طقس بارد، بل ما انتهك مع الكرامة هو تلك الخصوصية المالية لكل مواطن، حيث يتنافسون في كشف مقدار راتب كل واحد منهم ، ويتناقشون في اسعار الدواء وحليب الاطفال وبدلات النقل.
ويشير احدهم الى انه اشترى فاتورة الدواء بمليونين ونصف المليون ليرة، بينما راتبه الذي سيقبضه، حسب السقف المسموح به، هو ثلاثة ملايين ليرة من مجموع الراتب المضاعف والمساعدة الاجتماعية. ويشير بأسى الى عجزه عن شراء حاجيات الاكل للعائلة، ومتأسفًا على ما وصلت الحال المزرية . وبقهر يقول: "قوارب الموت عبر البحر باتت أهون من هذا الذل عند ابواب المصارف".
والانكى من ذلك ان ابواب النواب ومؤسساتهم مغلقة منذ انتخابات ايار الماضي، ولا يعنيهم اوجاع الناس وفقرهم، خاصة وان شهر رمضان بات على الابواب، وهنا الطامة الكبرى بحيث كيف تستطيع ان تؤمن العائلة افطارها اليومي في ظل غياب وزارة الاقتصاد ومراقبة الاسعار، التي باتت تشهد ارتفاعا منذ اليوم لاستقبال شهر رمضان، مثلا كيلو اللوبياء وصل الى ٢٥٠ الف ليرة ، واسعار اللحمة الى المليون. اين هي اجهزة الرقابة؟ وكيف تستطيع ضبط هذه الاسعار؟!!