دعوات لطرد التلاميذ النّازحين من المدارس: من يتحمّل المضاعفات؟
عبد الكافي الصمدلم يتوقف منسوب التحريض والخطاب العنصري ضدّ النّازحين السّوريين في لبنان، الذي شهد إرتفاعاً كبيراً في الآونة الأخيرة؛ إذ بعدما دعا البعض إلى طرد هؤلاء من لبنان بالقوة عبر عملية "ترانسفير" برغم أنّهم كانوا من أشدّ المرحبين بقدوهم إلى لبنان في بداية الحرب الكونية ضد سوريا في العام 2011، خرج آخرون بخطاب جديد أشدّ عنصرية وتحريض على النازحين، ما ينذر بمضاعفات واسعة وخطيرة في حال تمّت الإستجابة والرضوخ لهذا الخطاب.
آخر خطابات التحريض ضد النازحين السّوريين التي تفتقد إلى الحدّ الأدنى من روح المسؤولية الوطنية والمصلحة العامّة والتضامن الإنساني، هو دعوة جهات سياسية في عدم السماح بتسجيل التلاميذ السوريين في المدارس اللبنانية، بحجّة أنّهم هم وعائلاتهم يقيمون في لبنان بشكل غير شرعي، داعين وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي إلى التجاوب مع دعوتهم وتطبيقها.
هذا الإقتراح في حال التجاوب معه وتطبيقه سيؤدي إلى كارثة على كلّ المستويات، وسيُعبّر عن ضيق نظر السياسيين والمسؤولين في لبنان، وأيضاً ستكون له مضاعفات إجتماعية وأمنية خطيرة ستنعكس على مجمل الأوضاع في لبنان بشكل سلبي.
فالنازحين السوريين في لبنان الذين يُقدّر عددهم بما لا يقل عن مليوني شخص، تفيد تقديرات مختلفة أنّ نصفهم تقريباً يقيم بشكل غير شرعي في لبنان، لأسباب مختلفة، أيّ أن نصف التلاميذ السوريين سيرمون في الشارع إذا تجاوب وزير التربية مع الداعين إلى طردهم من المدارس اللبنانية، مع ما يحمل هكذا قرار في حال تطبيقه من تداعيات ومضاعفات.
هذه المضاعفات والتداعيات حذّر منها كثيرون، معتبرين أنّ "هذا الأمر سيؤدي إلى كارثة إجتماعية على المدى الطويل، إذ أنّ تسريح هؤلاء التلاميذ والأولاد من المدارس اللبنانية سيحوّلهم إلى مجرمين وسارقين ومتعاطين ومروجين ومخربين وإرهابيين، وسيشكلون خطراً كبيراً على المجتمع اللبناني"، سائلين: "من يستطيع تحمّل مسؤولية وتبعات هكذا قرار، وهل تعالج مشكلة النازحين السوريين في لبنان بافتعال مشاكل أخرى ما يجعلها تتوالد وتكبر، بدل مساعدتهم ودمجهم في المجتمع اللبناني؟".
واعتبر رافضو دعوات طرد التلاميذ السوريين من المدارس اللبنانية أن "الشرائع الدولية حفظت حق الأطفال والصغار في العلم والتعلم، نظراً لأهمية هذا الأمر وانعكاسه على فئات المجتمع"، داعين إلى "عدم التصرف بانفعالية وعصبية في ما خصّ هذه المسألة"، ولافتين إلى أن "هذا الموضوع يحتاج إلى روية وعقلانية لحله بطريقة لا تجلب الكوارث والمصائب على لبنان".
وكان غريباً أنّ الدّاعين لطرد التلاميذ السوريين من المدارس اللبنانية ربما لا يعرفون أنّ هؤلاء لا يُكلّفون الدولة اللبنانية أيّ قرش، وبأنّ الجهات الدولية المانحة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين هي من تتولى تحمّل جميع التكاليف ودفع الأموال، التي يذهب قسم منها إلى المدارس اللبنانية، كما إلى المجتمعات المضيفة لهم.
وإذا كان لبنان يشكو من تصرفات قسم لا يسنهان به من النّازحين الذين يقومون بأعمال مخالفة للقوانين كالسرقة والإعتداء وأعمال العنف والإرهاب، ويتسبّبون بمشاكل مختلفة في أغلب المناطق، فإن طرد التلاميذ السوريين من المدارس اللبنانية سيعني أمراً واحداً ألا وهو أن عدد المخالفين للقوانين سيتضاعف خلال وقت قصير ومن مختلف الأجيال، وأن مخاطر جدية ستترتب على هكذا قرار إذا ما اتخذ.
كما أنّ الخطورة لا تكمن هنا فقط، بل إنّ المناطق التي تأوي أكبر عدد من النازحين السوريين، خصوصاً المناطق الإسلامية بعد طرد قسم كبير من النازحين السوريين من المناطق المسيحية إثر حملات التحريض عليهم، ستعاني من تداعيات ومخاطر عدم السماح بتسجيل التلاميذ السوريين في المدارس اللبنانية، وتحديداً في طرابلس والمنية والضنية وعكار، إضافة إلى مناطق بقاعية وجنوبية؛ فهل تمنع قيادات وفاعليات هذه المناطق التجاوب مع هكذا دعوات قبل فوات الأوان وخراب البصرة؟