الديار: هكذا استدرجوا المغدور الشيخ الرفاعي وقتلوه.
كتب جهاد نافع:تشييع حاشد بموجات حزن وغضب عارم
يمكن وصفها بجريمة العصر، سابقة لم تحصل في عكار، والاخطر انها كادت ان تكون فتيل فتنة يشعل المنطقة برمتها من عكار الى الشمال، وربما على الساحة اللبنانية كلها، لولا احترافية الاجهزة الامنية من شعبة المعلومات، الى مخابرات الجيش، والامن العام، وامن الدولة الذين استنفروا ووظفوا كل طاقاتهم وتقنياتهم لكشف خفايا الاختطاف المشين.
كشف خيوط الجريمة أحبط آمال من حاول البناء عليها لدق نفير فتنة تهدد السلم الاهلي..
جريمة غير مسبوقة كون اسبابها باهتة لا تستدعي الخطف والقتل، خلافات على شؤون بلدية كان يمكن لها ان تنتهي بألف طريقة..
وكونها ارتكبت بايدي اقرباء الدم.. وباسلوب بشع مقيت هدرت فيه دم رجل دين معيل لعائلة، وسند لكثير من ذوي الحاجات في زمن الاختناق المعيشي والاقتصادي..
فجر امس الاحد عند الساعة الثالثة والربع، عثر المحققون اخيرا على الحفرة التي القي فيها جثمان المغدور الرفاعي، بالقرب من شلال نهر البارد في محلة عيون السمك، الواقعة على المقلب الجنوبي الشرقي لمحيط بلدات (القرقف - جديدة القيطع - بيت الحوش).
استقدمت جرافة لازالة الركام عن حفرة بعمق ثلاثة أمتار جرى حفرها بآلية لدفن الجثمان فيها، ومن ثم ردمت وعملوا على تمويهها باعشاب واغصان شجر واكياس نيلون..
انتشل الجثمان ونقل الى المستشفى الحكومي في طرابلس بسيارة اسعاف حيث جرت معاينة الجثمان، بعدها نقل الجثمان الى محلة مدافن الغرباء لاجراء الغسيل، وبعدها انطلق الموكب الحاشد الى بلدة القرقف، وكان الموكب يستقبل في المناطق التي يعبرها من البداوي الى دير عمار والمنية والعبدة وببنين باطلاق الرصاص وانضمام مواكب اخرى الى موكب التشييع.
القرقف المفجوعة والبلدات المجاورة: ببنين وبرقايل وجديدة القيطع ومن كل عكار زحفوا الى القرقف للمشاركة بالتشييع، وحيث وقف عم المغدور معلنا أن لا عزاء قبل الاقتصاص من القتلة...
كيف استدرجوا الشيخ المغدور الرفاعي؟
في التفاصيل ان الرفاعي تلقى اتصالا هاتفيا من إمرأة ابلغته بحاجتها الى مساعدة اجتماعية طارئة، لان الشيخ معروف بخدماته التي يقدمها للمحتاجين، وحددت له موقعها بالشارع خلف الجامعة العربية في الميناء، وهو شارع خال من السكان، ومهجور.
لحظة وصول الرفاعي الى الموقع المحدد، وجد ثلاثة بانتظاره: علي يحيى الرفاعي، وعبد الكريم محمد الرفاعي، وشخص ثالث، وسيارة كيا سوداء، وعلى الفور انقضوا عليه ، حيث قال شهود عيان ان ثمانية اشخاص كانوا بسيارة الكيا، وحصل عراك مع الرفاعي الذي تعرض للضرب وتمكنوا من ربطه ووضعوه بسيارته وانتقلوا به الى بلدة راسمسقا حيث جرى قتله، بعدها نقلوا سيارته وركنوها بالقرب من مستشفى هيكل، ونقلوا الجثمان الى منطقة عيون السمك.
كيف تم فك لغز الجريمة؟
تحليل دقيق لكاميرات المراقبة، ولداتا الاتصالات التي اجرتها شعبة المعلومات، ومتابعة الشعبة، ثم توقيف مخابرات الجيش لاحد المشاركين الذين حامت حوله الشبهات واعترافاته، ادت الى الامساك بخيوط الجريمة، اضافة الى مساهمة فاعلة لجهاز الامن العام..
على الفور نفذت القوة الضاربة في شعبة المعلومات مداهمة لمنزل رئيس البلدية الشيخ يحيى الرفاعي واوقف نجله محمد، ثم اوقف نجله الآخر علي الذي كان يحاول التواري عن الانظار، واستدعي رئيس البلدية الشيخ يحيى ثم أفرج عنه ليل الجمعة لعدم توفر الادلة على تورطه، وعاد الى بيته قرابة منتصف الليل.
صباح السبت، استدعي مرة اخرى رئيس البلدية الشيخ يحيى الرفاعي، الى شعبة المعلومات لمواجهته باعترافات ابنه علي وابن شقيقه عبد الكريم، فكان جوابه الصادم: (ارسلتهم كي يؤدبوه، وليس لقتله).
في الاعترافات تبين ان رئيس البلدية الشيخ يحيى الرفاعي كلف مجموعة افراد منذ شهرين مراقبة المغدور احمد شعيب بهدف ايقاعه بكمين والقيام بضربه وتأديبه جراء قيام المغدور باعداد ملفات لفضائح مالية وارتكابات وتسجيل عقارات دون وجه حق وغيرها لتضاف الى ملفات اخرى لدى القضاء، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية، حيث بات المغدور يشكل العقبة الاساس امام رئيس البلدية.
ويبدو ان العملية اتخذت منحى آخر ادى الى قتله واخفاء جثته..
ولاحقا اصدرت المديرية العامة لقوى الامن الداخلي البيان التالي:
صــدر عــــن المديريـة العـامـة لقــوى الامــن الـداخلي ـ شعبة العـلاقـات العـامـة
البــــــلاغ التالــــــي:
إلحاقا لبلاغنا السابق المتعلق بإلقاء شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي القبض على الأشخاص الذين أقدموا على خطف وقتل الشيخ أحمد الرفاعي.
في إطار التحقيقات المجراة من قبل شعبة المعلومات في الجريمة، تمكّنت من توقيف جميع المتورطين وعددهم /5/ أشخاص جميعهم من عائلة الرفاعي، قاموا بتنفيذ عملية الخطف والقتل والدفن بعد تقسيم الأدوار فيما بينهم ضمن خطة قام رئيس بلدية القرقف الشيخ (ي. ر.) ونجله (ع. ر.) بإعدادها ميدانيا ولوجستيا منذ حوالى الشهر، بعدها تمت الاستعانة بـ/3/ اشقاء من اقاربهما وهم: (ع. ر.)، (ي. ر.)، (ا. ر.) لتنفيذ عملية الخطف. فيما تبيّن ان باقي الموقوفين وهم اللبنانيون: (م. م.)، (خ. ر.)، (م. ر.) نجل رئيس بلدية القرقف، (و. ب.) ليسوا على علاقة او علم بالجريمة، وتم اخلاء سبيلهم بناء على اشارة القضاء المختص.
وبعد تفتيش منزل رئيس بلدية القرقف، عُثر على مستودع يحتوي على كمية كبيرة من الاسلحة المتوسطة والقذائف والذخائر والصواعق والقنابل والمتفجرات نوع (اي ان اي) تمت مصادرتها تمهيدا لإجراء التحقيق بشأنها بالتنسيق مع القضاء المختص.
من جهة أخرى، كانت شعبة المعلومات توصّلت إلى تحديد مكان جثة المغدور في منطقة الريحانية القريبة من بحيرة البارد تستخدم كمكب للنفايات، كما تبيّن ان الجثة قد دفنت في حفرة عمقها حوالى /3,5/ أمتار، الأمر الذي دفع الى استقدام جرافة للحفر، وتم انتشالها فجر تاريخ اليوم 26-2-2023. وبنتيجة الكشف عليها من قبل مكتب الأدلة الجنائية في وحدة الشرطة القضائية تبيّن انها كانت مقيّدة بأصفاد حديدية وحبال، ومصابة بطلقات نارية، بعدها جرى نقلها الى أحد المستشفيات، حيث حضر طبيب شرعي وأجرى كشفه. سلمت الجثة لذوي المغدور بناء على اشارة القضاء.
ويوم امس شيع المغدور الرفاعي في بلدته القرقف وسط مظاهر الحزن والغضب الشديدين بمشاركة حشود من كافة انحاء عكار ورجال دين، ورفض الاهل تقبل العزاء الى حين الاقتصاص من الجناة ..