عبد اللهيان.. سيف الدبلوماسية الناطق باسم فلسطين
24 أيار 2024

عبد اللهيان.. سيف الدبلوماسية الناطق باسم فلسطين

كتب المحرر

تميّز تاريخ إيران الحديث منذ نجاح الثورة الإسلامية عام 1979، بحمل القضية الفلسطينية ورفع شعار فلسطين والقدس، ليس داخل الجمهورية الإسلامية فحسب، بل في المحافل الإقليمية والدولية، فمنذ اليوم الأول لسقوط شرطي الولايات المتحدة في المنطقة، وقيام دولة يتولّى فيها الإمام الخميني مقاليد الحكم، غيّرت إيران موقعها في كل المنطقة بشكل جذريّ من خلال خطواتٍ كبرى أبرزها قطع العلاقة والعداء المطلق مع الكيان الصهيوني، وإنشاء سفارة لفلسطين، وإعلان الجمعة الأخيرة من شهر رمضان يومًا عالميًا للقدس يُحتفل به سنويًّا إلى يومنا هذا.

استمرّ موقف إيران المدافع عن قضية فلسطين والداعم لمقاومتها موقفًا مبدئيًا ودينيًا ثابتًا لم يتغيّر ولم يضعف رغم كل الصعوبات والضغوطات، وكل الإغراءات لإيران، حتى تحمّلت أثمان وتضحيات هذا الموقف على المستوى الاقتصادي والسّياسي والعسكري، وليس آخر تلك التضحيات اغتيال قادة في الحرس الثوري في سوريا خلال طوفان الأقصى.
ذلك الموقف حدّدته الرؤية الثقافية والدينية، فكانت تلك القضية مبدئية في مواجهة الاستكبار العالمي والدفاع عن المستضعفين وهو أبرز مبادئ الثورة. 

صحيح أنّ الدّعم العسكري أساسٌ في مقابل آلة الحرب الصّهيونية المتوحّشة، هو الأهم والأكثر تأثيرًا، وقد وفّرت إيران لحركات المقاومة السّلاح والصّواريخ والقدرات القتالية والتكنولوجيا العسكرية، وخبرات حفر الخنادق وغيرها، انعكس ذلك واضحًا في تطور أداء الفصائل المقاومة في معركة سيف القدس، وفي طوفان الأقصى الجاري، إلا أنّ الدّعم السّياسي والثقافي والإعلامي لا يقلّ أهمّية عن الدّعم العسكري، وكانت الجمهورية الإسلامية حاضرةً أيضًا، وكان الصوت عاليًا على المنابر الدولية باسم فلسطين وحقوق شعبها ومظلوميّته، وكشف جرائم "إسرائيل".

ظهر ذلك جليًّا في تحرّك ونشاط كل من رئيس الجمهورية الراحل السّيد ابراهيم رئيسي، ووزير الخارجية حسين عبد اللهيان.
الوزير الذي برز اسمه مع طوفان الأقصى والعدوان على غزّة، حيث أجرى زياراتٍ مكّوكية إقليمية وعالمية، وتحرّك بين عواصم الدّول في المنطقة واجتمع مع قادة فصائل المقاومة الفلسطينية مرددًا ومؤكّدًا أن الطوفان أثبت أن القضية الفلسطينية لا تزال حيّةً، وأنّ "إسرائيل" انهارت بعد الطوفان.
كما قام بحركة دبلوماسية نشطة لأجل وقف الحرب على غزة، وحظيت مواقفه باهتمام إعلاميّ كبير لتصريحاته القوية ضدّ الهجوم الإسرائيلي على غزة، حتى أنه حذر أكثر من مرة من احتمال اتساع رقعة الحرب في المنطقة بسبب جرائم "اسرائيل"، ولم يوفّر الوزير المحنّك والخبير أيّ جهدٍ سياسي إلا وقام به لردع الاحتلال ودعم القضية الفلسطينية، انطلاقًا من رؤية إيران ومبادئها، ومن قناعاته بخيار المقاومة سبيلًا لعزّة الأمة، وهذا ما أكده ممثل حركة المقاومة الإسلامية حماس في إيران "خالد القدّومي" من أن الشهيد حسين عبد اللهيان كان يرى في المقاومة أملاً لعزّة الأمّة وتحريرها من براثن العدوان الصهيوني، مشيرًا إلى أنه شخصٌ لا يعرف التعب، وسخّر كل جهده لدعم الحقّ الفلسطيني.

برحيل السيد رئيسي والوزير عبد اللهيان تفقد الأمّة والمنطقة قياداتٍ بارزة في حمل القضايا المشتركة ومواجهة العدو المشترك، هي ليست خسارة لإيران وحدها، فقد كانت جهود هؤلاء عابرةً للحدود، لتعبّر في كل المحافل الدولية عن صوت المستضعفين، وكانت كلماتهم سيفَ المقاومة الدبلوماسي في مواجهة الطغاة والمستكبرين.

على عكس ما كان سائدًا في زمن الشاه من أن العلاقات مع الدول العربية خاضعة للمصالح الشاهنشاهية، فإن إيران الثورة كانت داعمةً للقضايا العربية والإسلامية على كل المستويات وأوّلها قضية الصراع العربي الإسرائيلي، ومحوريّة القدس.

دعمٌ لم ينقطع منذ البيان الأول والطلقة الأولى، وقد اتخذت إيران مسارًا طويلاً ثابتًا في نصرة القضية وصولاً إلى طوفان "عبد اللهيان" السياسي والدبلوماسي مع طوفان الأقصى، لتكون إيران السّند السياسي والدبلوماسي الأبرز، مرورًا بكل المحطات التي كانت القدس فيها محور قضاياها والعنوان الحاضر في وجدانها وقولها وفعلها.
وصولاً إلى آخر ما نطق به السيد "رئيسي" قبل شهادته : "القضية الفلسطينية هي القضية الأولى في العالم الإسلامي".

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen